عرف الإنسان الشمندر منذ أمد طويل والأطباء الاغريق كتبوا عنه، وذكروا انه يملك خصائص وفوائد مهمة. وهناك أصناف عدة من الشمندر، هي السكرية والعلفية والورقية وشمندر الطعام الشمندر الأحمر. وهذه الأصناف تتباين عن بعضها في مواصفاتها المورفولوجية والبيولوجية. وفي مقالنا هذا سنتناول الشمندر الأحمر الذي يستهلك على نطاق واسع في أيام الشتاء، ويستخدم في صنع نوع من المشهيات الذي يتألف من الثلاثي الآتي: الشمندر واللبن والبقدونس. أيضاً يصنع من الشمندر مخلل له مكانته بين الأطباق المشهية. يحتوي شمندر الطعام على 8 الى 10 غرامات من السكر في كل 100 غرام منه، وهذا السكر يتألف في معظمه من السكروز اضافة الى كميات قليلة من سكر الغلوكوز وسكر الفركتوز. وعلى رغم ان الشمندر ينتمي الى عائلة الخضروات الجذرية مثل اللفت والجزر، إلا انه يتميز عنها بأنه يعطي سعرات حرارية أعلى بسبب غناه بالسكر، أما في شأن المواد البروتينية والأدهان، فإنها توجد فيه بكميات شحيحة للغاية. الألياف الغذائية حاضرة بقوة في الشمندر نحو 3 غرامات/ 100غ، وهذه الألياف تتألف في معظمها من الألياف غير المنحلة سيللوز - هيميسيللوز التي تتركز خصوصاً في الغلاف الخارجي للشمندر. والمعروف ان هذا النوع من الألياف يصمد أمام العصارات الهاضمة، فلا تستطيع النيل منها، ولكنها تملك في المقابل قدرة قوية على الامتصاص. لهذا، فإنها عندما تنساب في الأمعاء تمتص كمية معتبرة من الماء، الأمر الذي يرفع من حجمها مرات ومرات، ويؤدي بالتالي الى زيادة حجم الكتلة البرازية، وهذا له أكبر الأثر في منع حصول الإمساك داء العصر، وحتى في الوقاية من السرطان الذي يهدد حياة الإنسان، لأن الألياف تمنع احتكاك الفضلات مع الغشاء المخاطي المبطن للأمعاء لفترة طويلة، وهذا بالتالي ما يبعد عنها التماس مطولاً مع المسرطنات المعشعشة في بقايا الطعام. وفي ما يخص المعادن، فإن الشمندر يحتوي على طائفة واسعة منها، ويأتي معدن البوتاسيوم على رأسها 300 ملغ/ 100 غ، ومن ثم يليه معدن الصوديوم، ومعدن الكلس ومعدن المغنيزيوم ومعدن الحديد ومعدن الزنك والمنغنيز والنيكل والبور والكروم والفليور والسيلينيوم. من ناحية الفيتامينات، فإن الشمندر يحتوي على رزمة منها لعل أهمها مجموعة الفيتامين ب المهمة جداً لضمان حسن سير العمليات الاستقلابية للسكاكر والبروتينات والأدهان، ومن بين هذه الفيتامينات هناك حضور مميز للفيتامين ب9 أو حامض الفوليك الضروري للنمو العظمي، وللوقاية من الأمراض القلبية الوعائية والتشوهات الجنينية عند الحوامل. ان حبة واحدة من الشمندر المسلوق تؤمن نحو 11 في المئة من حاجة الجسم اليومية من الفيتامين ب9. وإضافة الى فيتامينات المجموعة ب، يوجد في الشمندر الفيتامين أ، والفيتامين ث، والفيتامين E. ان الشمندر يحتوي على مركب معقد اسمه"بيتا - سيانين"الذي يعطي اللون الأحمر له. وفي شأنه يقول بعض العلماء انه يملك فعلاً مضاداً للأورام. وفي هذا الإطار أجريت دراسة أوروبية، تم فيها اختبار عصائر خضار مختلفة من بينها عصير الشمندر لمعرفة أفعالها على عدد من المسرطنات المعروفة، فجاءت النتائج لتبين أن عصير الشمندر كان الأول في اللائحة في مناهضة تلك المسرطنات. وبناء على هذا، يحض العلماء الناس على اضافة الشمندر الى موائدهم للإفادة من منافعه. على صعيد آخر، أفاد باحثون من جامعة هارفارد الأميركية العام الماضي، ان في الشمندر مادة معينة اسمها"يوريدين"تبين في المختبر ان لها خواص مضادة للكآبة عند الجرذان. وهذه المادة هي نوع من السكر، يدخل في تركيب المادة الوراثية ويسمح بصنع بعض النواقل العصبية الدماغية، فهل اليوريدين يملك فعلاً مشابهاً على الإنسان كما الحال في الجرذان؟ الأبحاث جارية على قدم وساق لاستيضاح الموضوع. وفي الختام، ان الشمندر لا يستعمل فقط كغذاء وكمخلل، بل تستخرج منه مادة مشهورة هي كلور البيتائين التي تستعمل مع البيبسين لمعالجة انخفاض حموضة المعدة. كما يستخدم عصير الشمندر لمداواة ارتفاع ضغط الدم، وفي هذا الشأن، يوصى بثلاثة أكواب صغيرة منه لمدة 4 ايام متواصلة. ولا يغيب عن البال أن أوراق الشمندر غنية بالكاروتين وتؤكل بعد طهوها نظراً الى قيمتها الغذائية.