تعارض اسرائيل وثيقة الأسرى الشهيرة التي أطلقتها قيادات التنظيمات الفلسطينية من خلف قضبان سجن" هداريم"، وكذلك تعارضها وتتحفظ عنها فصائل فلسطينية عدة من أبرزها حركتا"حماس"و"الجهاد الاسلامي". أما اسرائيل فترى أن الوثيقة هزت قبور جابوتنسكي وهرتزل وغولدا مائير ، ومن شأنها أن تعيد اليهودي التائه الى الدياسبورا اليهودية، فالوثيقة" من وجهة النظر الاسرائيلية - تدعو الى تطبيق القرار 194 الذي اصدرته الأممالمتحدة عام 1948 والذي تؤكد الفقرة 11 منه على حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين. وترى اسرائيل في هذا البند خراب دولة اليهود القومية إضافة الى أن الوثيقة تطالب الحكومة الاسرائيلية بالانسحاب من القدسالشرقية والأحياء المحيطة بالقدس وهذا ما يتعارض مع السياسة الاسرائيلية الاستيطانية وخطة الانطواء. ان اسرائيل لن تسمح بوجود تواصل جغرافي واقليمي وسكاني يمكن أن يؤدي الى اقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة، اذ هي عمدت الى تكديس الشعب الفلسطيني في كانتونات معزولة وعلب سردين مقطعة الأوصال في الضفة الغربية وقطاع غزة، بل وعدم السماح باستقلالية الاقتصاد الوطني الفلسطيني والاعتماد الكلي على اسرائيل في كل نواحي الحياة، الأمر الذي أوجد أزمة اقتصادية خانقة في المناطق الفلسطينية وذلك من أجل كيِ الوعي الفلسطيني ليس من خلال الأدوات العسكرية فحسب، بل بتحويل الجوع والقهر والألم الى أدوات جهنمية أشد فتكاً من النابالم وصواريخ الهلفاير. كما أن اسرائيل تعارض مبادرة السلام العربية التي أقرت في مؤتمر القمة العربية في بيروت العام 2001 قبيل"حملة السور الواقي"في الضفة الغربية، والتي تطالب اسرائيل بالانسحاب الى حدود الرابع من حزيران يونيو 1967 واقامة دولة فلسطينية. وتعارض حركة المقاومة الاسلامية حماس" وثيقة الاسرى"، كونها تنص على الاعتراف الضمني بدولة اسرائيل وبعض بنودها التي ترى الحركة انها تتعارض مع حق المقاومة وحق العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية. ان موافقة"حماس"على وثيقة الأسرى من شأنها أن تحدث شرخاً في الحركة بين القيادة السياسية والقاعدة الجماهيرية التي صعدت بها الى سدة الحكم على أساس برنامجها الذي يتبنى نهج المقاومة والاصلاح من جهة، وما بين المستوى السياسي والمستوى العسكري من جهة أخرى حول استراتيجية الحركة بعد صعودها الى السلطة. ان الضغط الاسرائيلي والاقليمي والدولي الذي مورس على الشعب الفلسطيني منذ فوز"حماس"في الانتخابات التشريعية قد فشل حتى الآن لكننا لا ننكر حقيقة أننا بشر من لحم ودم وأننا نموت كما أشجار بابلوا نيرودا. تاريخياً... حين يستعصي الأمر على الغزاة فإنهم يلجأون الى عدد من القيادات العربية التي طالما سعت الى احتواء القضية الفلسطينية والاحتفاظ بها كورقة للمساومة أو استخدامها كمسحوق للتجميل في الأزمات الداخلية والحملات الانتخابية. وهذا ما يفسر التحركات السرية والعلنية لرجالات الأمن والساسة في العديد من العواصم العربية لاحتواء الموقف الفلسطيني بما يتوافق مع الارادة الاميركية - الاسرائيلية. ان حركة حماس لن تتنازل عن السلطة كحل أخير للخروج من الأزمة ، وقد نشهد فصلاً تراجيدياً يتمثل في استفتاء الشعب الفلسطيني على مصيره تحت حد المقصلة الاسرائيلية والجوع المستوحى من شوارع باريس قبيل سقوط الباستيل . علاء الغرباوي - غزة - بريد الكتروني