دمشق، نيقوسيا، عمان «الحياة»، أ ف ب ، رويترز - قال ناشطون ومواقع للمعارضة السورية إن نحو 200 دبابة جديدة توجهت إلى مدينة الرستن في ريف حمص والتي تشهد مواجهات عنيفة منذ يومين بين قوات الجيش ومنشقين عن الجيش رفضوا إطاعة الأوامر وإطلاق النار على المدنيين. وقال الناشطون إن الإطلاق الكثيف للنار استمر أمس ما أدى إلى نشوب حرائق في الكثير من شوارع الرستن. كما تعرضت مدينة تلبيسة في ريف حمص لقصف عنيف. وأفاد ناشطون بأن المدينة بلا أغذية ولا وقود ولا كهرباء منذ أيام وأن القصف أدى إلى تهدم عشرات المنازل وخزانات المياه. في موازاة ذلك وعلى الصعيد السياسي أفاد مسؤولون سوريون وديبلوماسيون بأن تركيا اقترحت الصيف الماضي على السلطات السورية إشراك الإخوان المسلمين في الحكومة مقابل دعمهم لوقف حركة الاحتجاج. ميدانياً، قال موقع أوغاريت للمعارضة السورية نقلاً عن شهود إن نحو 200 دبابة جديدة توجهت إلى الرستن المحاصرة منذ خمسة أيام في مؤشر إلى حدة المواجهات الأمنية هناك بين قوى الأمن والمعارضين. ونقل الموقع عن شهود «نشوب حرائق في منطقتي شارع الثورة وشارع بسنكو نتيجة قصف الطيران الحربي وهذه الحرائق يمكن رصدها من قرية تومين التي تبعد سبعة كيلومترات شمال المدينة». كما تحدث الناشطون عن «اشتباكات وانشقاقات كبيرة في أوساط الجيش» و «عصيان بين صفوف الجنود». أما في تلبيسة في ريف حمص، فذكرت مواقع المعارضة أن أكثر من 13 سيارة إسعاف مرت من أمام المدينة متجهة إلى حمص ما يؤكد احتدام المعارك في المدينة. وأشار سكان في تلبيسة إلى أن أكثر من عشرة بيوت هدمت في شكل كامل وتهدمت بيوت أخرى في المسجر الجنوبي بسبب القصف العنيف... وأن هناك الكثير من خزانات المياه استهدفت ... معظم الأفران لم تخبز بسبب انقطاع الطحين والكهرباء. وأضافوا «حتى المولدات لم تعد تعمل بسبب انقطاع الديزل والمواد الغذائية والخضروات أصبحت ضئيلة في شكل كبير وهناك محلات تجارية على أطراف تلبيسة نهبت في شكل كامل وكسرت غالبية أبواب الصيدليات في المنطقة، والمستوصفات مغلقة منذ إطلاق النار على خزانات المياه في شكل مستمر وإطلاق نار على المنازل لا يتوقف... والقناصة منتشرون على الأبنية، إلى الآن قنصوا طفلين، أصيب احدهم بقدمه البارحة والطفل الآخر أصيب بيده صباح اليوم». إلى ذلك تحدث الناشطون عن تظاهرة طالبية في معرة النعمان، موضحين أن التظاهرة «تعرضت لهجوم بعض شبيحة النظام». كما تحدثوا عن تظاهرات طالبية في «مدرسة المحدثة» وأخرى في مدرسة الحكمة في دمشق أدت إلى اعتقال عدد من الطلاب. وأفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) بأن أحد أفراد «المجموعة الإرهابية المسلحة» اعترف باغتيال الدكتور حسن عيد رئيس قسم جراحة الصدر في المستشفى الوطني قبل أيام في محافظة حمص في وسط البلاد وأنه كشف عن وصول الأسلحة إلى المجموعة من وادي خالد في لبنان. وزادت أن «الإرهابي» بلال حسون و «مجموعة إرهاربية» أطلقت النار على الجيش والمدنيين والجنازات والمدارس. وقال حسون في اعترافاته التي بثها التلفزيون الرسمي السوري ونقلتها «سانا»: «خططنا لعملية قتل الدكتور عيد وراقبناه لمدة أسبوعين قبل قتله بإطلاق النار عليه بعد خروجه من منزله». واعترف حسون (26عاماً) الذي كان موقوفاً في السجن أربع مرات واحدة منها بجرم مخدرات، ب «إطلاق النار على الجيش والأمن والمدنيين وتهريب السلاح بواسطة محمود سلامة و أياد بيرقدار من منطقة وادي خالد في لبنان». إلى ذلك، أوردت «سانا» أن «مجموعة إرهابية مسلحة» قتلت أمس الطفل محمد عبدالعزيز دحروج في قرية خان السبل الواقعة على الأوتستراد الدولي شمال مدينة معرة النعمان في محافظة إدلب شمال البلاد. وقالت: «إن مسلحين كانوا يستقلون سيارة سوداء اللون من دون لوحات أطلقوا النار على الطفل دحروج أمام محل والده لبيع الخبز». وعن دعوة أنقرةدمشق إشراك إسلاميين في الحكومة، قال ديبلوماسي غربي إن «منذ حزيران دعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الرئيس السوري بشار الأسد إلى تشكيل حكومة يكون فيها ربع أو ثلث الوزراء من الإخوان المسلمين مقابل التزامهم استخدام نفوذهم لوضع حد لحركة التمرد التي تهز البلاد». لكن «الرئيس السوري رفض ذلك الاقتراح». وأكد ديبلوماسي أوروبي آخر أن «الأتراك اقترحوا أول الأمر أن يتولى الإخوان المسلمون أربع وزارات كبيرة موضحاً أنهم يشكلون طيفاً من الأطياف السياسية في البلاد». وفي التاسع من آب (أغسطس) نقل وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو رسالة من الرئيس عبدالله غل طلب فيها من زميله السوري عدم الانتظار حتى فوات الأوان لإنجاز إصلاحات ديموقراطية. وقال لبشار الأسد «إن قيادتكم للتغيير ستجعلكم تتبوأون مكانة تاريخية بدلاً من أن تعصف بكم رياح التغيير». وأفاد مسؤول سوري مطلع على الملف بأن خلال محادثات استمرت ست ساعات طلب أحمد داود أوغلو «عودة الإخوان المسلمين إلى سورية». وأضاف أن «الرئيس الأسد رد عليه بالقول إنه يمكنهم كأشخاص العودة كأي شخص يتمتع بالجنسية السورية لكن ليس مطلقاً كحزب، لأنه تشكيل طائفي لا تتلاءم أفكاره مع الطابع العلماني لسورية». وأدى رفض الاقتراح التركي إلى القطيعة بين الجارين الصديقين، وفي 28 آب أعلن الرئيس غل أن تركيا «لم تعد تثق» بنظام الأسد. وأفادت مواقع عدة على الإنترنت بأن الرئيس السوري قال أخيراً خلال لقاء مع وفد جمعيات مسيحيي الشرق إنه «يرفض أن تحل العثمانية محل العروبة أو أن تتحول أنقرة إلى مركز قرار العالم العربي». كما أعرب عن معارضته «إفساح المجال للأحزاب الدينية لأن ذلك سيسمح للإخوان المسلمين الذين يتخذون من أنقرة مقراً، أن يسيطروا على المنطقة». ورداً على سؤال «فرنس برس» حول مشاركة الإخوان المسلمين في الحكومة أفاد مصدر في وزارة الخارجية التركية ب «أنها المرة الأولى التي أسمع فيها بهذا، لكننا دائماً نقول (للحكومة السورية) إنكم إذا لم تتقاسموا السلطة عبر الانتخابات وإذا لم تقوموا بإصلاحات ... فإن الأمور ستصبح صعبة بالنسبة إليكم». إلى ذلك، أكد الكاتب والناشط السوري ميشيل كيلو أن معارضي الداخل الذين اجتمعوا في منتصف أيلول (سبتمبر) قرب دمشق لا ينوون الانضمام إلى المجلس الوطني السوري الذي أعلن تأسيسه في اسطنبول لأن هذه الهيئة منفتحة على فكرة «التدخل الأجنبي». وقال كيلو في مقابلة في منزله في دمشق إن «المعارضين المجتمعين في المجلس الوطني يؤيدون تدخلاً أجنبياً لحل الأزمة في سورية بينما المعارضون في الداخل هم ضد» هذا التدخل. وميشيل كيلو (71 عاماً) من أهم شخصيات المعارضة لنظام البعث الحاكم في دمشق منذ 1963. وقد سجن من 1980 إلى 1983 ثم من 2006 إلى 2009. وقال: «إذا قبلت فكرة التدخل الأجنبي فسنذهب باتجاه سورية موالية لأميركا وليس باتجاه دولة حرة وتتمتع بالسيادة». وزاد أن «طلب تدخل أجنبي سيفاقم المشكلة لأن سورية ستدخل في العنف المسلح والطائفية ونحن في الداخل نعارض ذلك».