بدا أمس أن ميليشيات"المحاكم الإسلامية"التي فرضت سيطرتها على مقديشو ومعظم المدن الصوماليةالجنوبية، بعدما هزمت تحالفاً لزعماء الحرب، تتجه إلى مواجهة مع أثيوبيا، الجار المسيحي القوي غرباً. إذ أعلن الإسلاميون أن 300 جندي أثيوبي عبروا فجراً الحدود الصومالية في إقليم غدّو جنوب غربي البلاد. لكن أديس أبابا سارعت إلى نفي ذلك، مؤكدة في الوقت ذاته أنها أرسلت تعزيزات ل"مراقبة"تقدم قوات"المحاكم"صوب حدودها. ويُعتقد بأن للتحركات الأثيوبية على الحدود علاقة بالمخاوف من هجوم محتمل للإسلاميين على بيداوة، مقر الحكومة الانتقالية الموقتة التي يقودها الرئيس عبدالله يوسف، المدعوم من أديس أبابا. وتقدمت ميليشيات"المحاكم"صوب بيداوة، بعدما احتلت المعقل الأخير لزعماء الحرب في جوهر شمال مقديشو، ومدينة بلداوين القريبة الى الحدود الاثيوبية. وقال زعماء"المحاكم"أنهم يعتبرون حكومة الرئيس يوسف"غير شرعية"، لكنهم مستعدون للحوار معها. غير إنهم أكدوا أن لا مجال لقبولهم بمسعى الحكومة الانتقالية الضعيفة الى استقبال قوات افريقية تساعد في استتباب الأمن في البلاد التي تعمها الفوضى منذ إطاحة نظام الرئيس سياد بري العام 1991. ويقول الإسلاميون إن في استطاعتهم ضمان أمن البلاد من دون قوات أجنبية، خصوصاً من اثيوبيا التي ينظر إليها كثيرون في الصومال على أنها عدو، نظراً إلى التاريخ الطويل من العداء بين البلدين الجارين. وفي السابق، عرقل بعض زعماء الحرب من وزراء حكومة الرئيس يوسف جهوده للإتيان بقوات سلام افريقية، بينها قوات اثيوبية، وهم يلتقون في ذلك مع ميليشيات"المحاكم"التي هزمتهم في معركة مقديشو قبل أسبوعين. وليس واضحاً كيف سيتعامل الإسلاميون مع دول المنطقة الآن بعد فرض سيطرتهم على البلاد. فهناك مشاكل عدة مع اثيوبيا، ربما كانت أخطرها مشكلة إقليم أوغادين الذي سبب في السابق حرباً بين الجارين انتصر فيها الاثيوبيون. ولا يُعرف هل سيحاول الحكام الإسلاميون الجدد في الصومال تقديم مساعدات للسكان المسلمين في هذا الإقليم في اثيوبيا، وكيف ستتصرف أديس أبابا مع مثل هذه الخطوة؟ وثمة مشكلة محتملة أيضاً مع جيبوتي حيث للفرنسيين نفوذ كبير وحيث يدير الأميركيون حربهم"ضد الإرهاب"في القرن الأفريقي. وفي داخل البلاد، يقول منتقدون إن ميليشيات"المحاكم"تحاول أيضاً التمدد الى"بلاد البونت"في الشمال، وهي منطقة خاضعة لنوع من الحكم الذاتي ومستقرة نسبياً. كذلك لا يُعرف هل سيحاول الإسلاميون إعادة توحيد البلاد، في ظل استقلال"جمهورية أرض الصومال"في الجزء الشمالي الغربي وعاصمته هرغيسا. كما أن إحدى المشاكل المحتملة هي بين الإسلاميين أنفسهم. إذ أن"اتحاد المحاكم"في مقديشو منقسم بدوره إلى أكثر من 11"محكمة"مختلفة، بعضها يوصف بالتشدد وبعضها بالاعتدال كرئيس الاتحاد شيخ أحمد. لكن يُعتقد على نطاق واسع بأن عناصر في تنظيم"القاعدة"، وتحديداً بعض المتورطين في تفجير سفارتي أميركا في شرق افريقيا العام 1998 ومحاولة إسقاط طائرة"العال"الإسرائيلية فوق مومباسا الكينية العام 2002، يختبئون لدى إسلاميين صوماليين، وهي تهمة ينفيها هؤلاء. وتحدث الشيخ شريف أحمد 41 عاما رئيس اتحاد"المحاكم"الى الصحافيين الاجانب في أول مؤتمر صحفي بعد ايام من سقوط جوهر، مؤكدا:"لسنا ارهابيين. ليس بيننا أجانب. لا وجود للقاعدة في الصومال. لا علاقة لنا بهم". وأضاف ان مثل هذه المزاعم افكار خاطئة روجها زعماء الحرب لكسب حلفاء في واشنطن. واضاف، كما نقلت عنه وكالة"رويترز":"أكرر وأكرر القول .. لا وجود للقاعدة في الصومال". وردا على سؤال عما يريد أن يقوله للرئيس الامريكي جورج بوش، قال أحمد:"لا ترتكب خطأ آخر ضد هذا الشعب الفقير البائس". واتهم اثيوبيا والولايات المتحدة وحكومات أخرى بالعمل ضد مصالح الصومال. وقال:"هناك الكثير من الحكومات التي ستنفق أموالا ضخمة لتدمير شعبنا". وقال أحمد الذي تلقى تعليمه في السودان وليبيا انه انضم الى"المحاكم"في مقديشو بعد قليل من قيام ميليشيات تابعة لزعماء الحرب بخطف صبي من المدرسة التي كان يعمل بها. وتحدث أحمد الى الصحافيين في مجمع تحيط به عشرات الشاحنات الصغيرة التي تحمل مدافع مضادة للطائرات ومدافع رشاشة فيما كان رجال مسلحون ببنادق هجومية يجوبون المكان. وقال أحمد:"اذا وضعت شروط على الحوار والمحادثات مع الحكومة الصومالية الانتقالية سنعيد النظر في خطتنا... واذا لم يثمر الحوار مع الحكومة سنتخذ خطوات مناسبة"من دون توضيح ما يقصده.