شهدت الأزمة في الصومال أمس تطوراً لافتاً، إذ أعلنت أديس أبابا أن قواتها شنت "هجوماً مضادا" على "المحاكم الإسلامية"، بعد تأكيد الإسلاميين أن الطائرات الإثيوبية قصفت مدينتين وسط البلاد، فيما امتدت المعارك الطاحنة المستمرة منذ نحو أسبوع بين قوات الحكومة الصومالية المدعومة بجنود إثيوبيين وميليشيات الإسلاميين، إلى جبهتين جديدتين. وقال وزير الإعلام الإثيوبي برهان هايلو:"بعد طول صبر، اتخذت الحكومة الإثيوبية تدابير للدفاع عن النفس، وبدأت هجوماً مضاداً على القوات المتشددة العدوانية الخاصة بالمحاكم الإسلامية والجماعات الإرهابية الأجنبية". وأضاف ناطق باسم الحكومة الإثيوبية نقلاً عن الوزير نفسه أن"الهجوم المضاد يجري في هذه اللحظة على الأرض. نفد صبرنا إزاء استفزازات المتطرفين واعتداءاتهم. وقررت إثيوبيا استخدام حقها المشروع في الدفاع عن النفس". وهاجمت قوات الحكومة الصومالية بلدتين خاضعتين لسيطرة"المحاكم"وسط البلاد، ما يشكل اتساعاً لرقعة المعارك التي تدور منذ ستة أيام في محيط مدينة بيداوة آخر معاقل الحكومة الانتقالية. وقال القائد العسكري الإسلامي الشيخ حسن ديرو وشهود في منطقة كالابركا 300 كلم شمال مقديشو إن طائرات هجومية إثيوبية استهدفت أحياء وضواحي هذه المدينة القريبة من بلداوين التي يسيطر عليها الإسلاميون. وأضاف ديرو أن"أعداء الله إثيوبيا بدأوا بقصف مدنيينا بقنابل، إنهم يستخدمون طائرات حربية من طراز ميغ ويدمرون الصومال... لقد هاجمونا هذا الصباح، وتمكنا من صدهم. وبعدما خسروا المعركة على الأرض، بدأوا الهجمات الجوية". وأكد عدد من سكان المنطقة الهجمات الجوية. وقال أحدهم ويدعى عبدالله حسن إن بإمكانه رؤية الطائرات تحلق فوق المدينة. وقال إنها"قصفت كالابركا وأماكن اخرى ... الجميع في حال صدمة، وكلهم خائفون جداً مما يحصل". وأضاف:"رأيت أربع طائرات كانت تقصف أينما كان. وانبطح الناس أرضاً. المعارك طاحنة". لكن وزارة الدفاع الاثيوبية نفت في بيان اشتراك طائرات مقاتلة في هجومها. وقال البيان إن"سلاح الجو لم يتدخل، لكننا نستخدم دبابات ولنا الحق في ذلك". وأضاف أن"قوات الدفاع الاثيوبية بدأت مهاجمة القوات المناهضة لإثيوبيا المتمركزة في بلدوين وبانديرادلي وبور حقابا ودنسور القريبة من حدودنا"، مؤكداً أن"المتطرفين داخل المحاكم الاسلامية كانوا بدأوا بقصف اراضينا". وأشار إلى أن أديس أبابا بذلت ما في وسعها لإطلاق حوار وإيجاد حل سلمي للأزمة،"لكننا أجبرنا على اتخاذ هذه التدابير لأن امننا وسيادتنا واستقرارنا موضع تهديد. ومن واجبنا حماية سيادتنا وأمننا". وفي المقابل، قال القيادي في"المحاكم"محمد محمود جمالي إن وسط البلاد يشهد"أشرس المعارك". وأضاف أن"الإثيوبيين هاجمونا ويستخدمون المدفعية الثقيلة والدبابات". وقال المسؤول الإسلامي الشيخ محمود ابراهيم سولي للصحافيين في مقديشو:"اليوم نخوض حرباً برية وجوية". وأضاف أن الاسلاميين دمروا خمس دبابات اثيوبية. لكنه لم يعلق على عدد الضحايا. وفي جنوبالصومال، استعادت الحكومة الانتقالية السيطرة على مدينة إيدالي الاستراتيجية التي كان استولى عليها الإسلاميون أول من امس، بعد معركة اوقعت ما لا يقل عن 100 قتيل. وقال وزير الاعلام الصومالي علي أحمد جامع:"القتال مستمر من طرف البلاد لطرفها الاخر. المحاكم الاسلامية أشعلت الحرب التي هددت بها.. سيخسرون في هذه المعارك". واكد وزير الدفاع صلاد علي جيلي استعادة السيطرة على إيدالي. وشوهدت أكثر من 100 جثة في انحاء عدة في هذه المدينة حيث دارت معارك شرسة بين"المحاكم"والقوات الحكومية. وقال سكان إن الإسلاميين انسحبوا باتجاه دنسور. وإلى ذلك، دعا الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية أمس، الأطراف الصومالية إلى حقن الدماء ووقف القتال. وناشدهم في بيان صحافي"ضبط النفس وتغليب لغة الحوار، لتجنيب الصومال أهوال ومآسي الحروب المدمرة". وأعرب عن قلقه"لما آلت إليه الأوضاع في الصومال، جراء استمرار المعارك التي تزيد من خراب الصومال ودماره"، معرباً عن تطلعه إلى أن"يحتكم الصوماليون إلى سياسة الحوار، بما يؤدي إلى تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الصراع وتأمين الاستقرار".