يبدو أن الموسم الرمضاني المقبل سيشهد التخمة الدرامية ذاتها التي شهدها في الاعوام القليلة الماضية، ليكرس ما يشبه التقليد للدراما العربية عموماً والسورية خصوصاً. الوسط الدرامي السوري بمخرجيه وممثليه، يشهد هذه الأيام ذروة العمل استعداداً للشهر الكريم الذي يحلّ بعد نحو ثلاثة أشهر: الليث حجو بدأ تصوير عمل اجتماعي معاصر في أحد أحياء دمشق الفقيرة، ويوسف رزق أنهى عمليات التصوير لعمل آخر كتبه هاني السعدي، وفردوس اتاسي يواصل التصوير خارج دمشق في عمل ضخم يتناول حياة جبران خليل جبران، ومحمد الشيخ نجيب وأنيسة عساف وغسان جبري وغيرهم إضافة الى مئات من الممثلين وطواقم التصوير التي ارتبطت بأعمال يجب إنهاؤها لتكون جاهزة للتسويق، بالتالي العرض، خلال رمضان المقبل. مبدئياً تشكل هذه الصورة علامة نشاط وحيوية تعيشها الدراما السورية، وتنتقل الى غالبية الفضائيات العربية. لكن في المقابل ثمة جانب لا يمكن تجاهله فحواه حشد هذا العدد الكبير من الأعمال خلال شهر أمام المشاهد ما يحرمه من متابعة أعمال مهمة كثيرة تتوزع على الفضائيات العربية. وفي العام الماضي كما في ما سبقه ظهرت شكاوى وانتقادات حادة لعدم تمكن المشاهدين من متابعة عدد كبير من المسلسلات، السورية وغير السورية، بفضل إصرار شركات الإنتاج على حشد كل تلك الأعمال دفعة واحدة في رمضان . المخرجون والممثلون يؤكدون انهم غير مسرورين بتغليب جانب الربح المادي على أعمالهم الإبداعية، مستندين الى ان شريحة عريضة من المشاهدين لن يتسنى لها فرصة متابعتها. ويزيد نجوم التمثيل الى ذلك، اضطرارهم للارتباط بأكثر من عمل خلال شهرين أو ثلاثة، فيما يعاني معظمهم من البطالة والاسترخاء طوال بقية أشهر العام وفقاً للعملية الإنتاجية! الجميع وفق آلية العمل الحالية خاسر أو متضرر، المشاهد والكاتب والمخرج والممثل، فيما الرابح الوحيد بالمعيار المادي الصرف هو شركات الانتاج. إنها الطرف الأقوى والأكثر قدرة على التحكم بإعادة توزيع الإنتاج على مدار سنة، ولكن مع توقع خفض أرباحها في الفترة الأولى الى أن تنتظم دورة الإنتاج خلال فترة وجيزة، ويعود الزخم الى العروض الدرامية خلال المواسم الأخرى غير الرمضانية. والحل الذي يبدو صعب التحقق الآن وأقرب الى المثاليات، في اعتباره يمس أرباح المنتج، طبقه بعض المنتجين وحقق نجاحاً مهماً. استند في الدرجة الأولى الى قوة العمل، وغياب الأعمال الكبيرة عن الموسم غير الرمضاني. هذا ما حدث مع مسلسل"أهل الغرام"الذي كان مقرراً عرضه في الموسم الرمضاني الماضي، لكن الشركة المنتجة عادت عن قرارها ليُعرض الآن على"إم بي سي"مع تحقيقه نجاحاً كبيراً جداً كما قال مخرجه الليث حجو لپ"الحياة". قد يكون هذا أحد الأمثلة، لكن هناك أيضاً دوراً للقطاع العام الإنتاجي في سورية ومصر في تحريك ثقل الإنتاج الى خارج الموسم الرمضاني، لكسر تقليد ليس صحياً.