لم يكتف رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود أولمرت بالاشادة بسلوكيات الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة غداة المجزرة الرهيبة التي راح ضحيتها سبعة من أفراد عائلة واحدة، بل عمل بنصيحة مستشاريه محاولاً تبرئة ساحة الجيش من الجريمة لعل تداعياتها لا تلاحقه في زيارته لكل من لندن وباريس التي بدأها أمس لحشد تأييد أوروبي لخطته أحادية الجانب لترسيم حدود الدولة العبرية. من جهته هدد وزير الدفاع عمير بيرتس وجنرالات الجيش قادة حركة"حماس"من عواقب تصعيد الهجمات المسلحة ضد أهداف اسرائيلية، فيما أعلنت الشرطة الاسرائيلية ثاني أقصى درجة تأهب تحسباً لرد فلسطيني على التصعيد الاسرائيلي. وقال اولمرت في مستهل جلسة الحكومة أمس انه اذ يعرب عن أسفه"على مقتل سبعة مدنيين أبرياء"، إلا أنه يرفض كل المحاولات للمساس بأخلاقيات الجيش الاسرائيلي و"هذا الجيش هو الأكثر أخلاقية في العالم"، مضيفاً أن الجنود وسكان جنوب اسرائيل يعيشون تحت واقع اطلاق نار مكثف ومتواصل من القطاع. وزاد ان الجيش لا يدير سياسة للمس بمدنيين و"لا يفعل ذلك أبداً"، طالباً من وزير الدفاع أن ينقل لقادة الجيش تحياته"لنقول لهم كل الاحترام". وفطن اولمرت بعد أكثر من 24 ساعة على اعراب اسرائيل عن أسفها لمقتل أفراد عائلة غالية، الى التشكيك في ان استشهادهم نجم عن القصف المدفعي المكثف للقطاع، وقال انه حصل في الماضي ان اعتذرت اسرائيل وحملت على كاهلها مسؤولية عن عمليات قتل فيها أبرياء فلسطينيون تبين لاحقاً انها ليست مسؤولة عنها، في اشارة الى الادعاء الاسرائيلي بأن الشهيد الطفل محمد الدرة قتل بنيران فلسطينية. وتابع ان وزير الدفاع أصدر أوامره بالتحقيق في"حادث الشاطئ"وأن النتائج ستعلن على الملأ حين تظهر. وزاد:"لا أنوي تقديم الاعتذار أمام العالم. اسرائيل لا تعتذر عن حقيقة أنها تدافع عن نفسها. سنواصل عملياتنا بحذر وبمسؤولية من دون تردد". وأضاف ان اسرائيل تتابع تصريحات قادة"حماس"الأخيرة و"سنعرف كيف ومتى نعالجها... سنواصل العمل بكل قوة ضد اطلاق قذائف القسام ويد الجيش ليست مقيدة ولن نتردد في تنفيذ ما يلزم من عمليات لاحباط اطلاق القسام". وقال اولمرت في مقابلة مع قناة"سكاي نيوز"البريطانية امس ان على عباس بذل المزيد من الجهود لنزع سلاح"المنظمات الارهابية"، مضيفا:"ابو مازن شخص صادق جدا وانا احترمه كثيرا... غير ان ذلك لا يكفي اذا استمرت المنظمات الارهابية بالتحرك... ويعود له ان ينزع سلاح المنظمات الارهابية، وسأقوم بكل ما في وسعي لاساعده". لكنه اضاف ان عباس"لا يبدو قادرا لسوء الحظ، اقله في المرحلة الحالية، على فرض ارادته على حكومة"حماس. وتابع ان الدولة العبرية تريد ان"تتقدم باتجاه بدء عملية المفاوضات". ورفض اولمرت ان يرد مباشرة على سؤال عما اذا كانت سياسة التصفية ستستهدف قادة"حماس"، لكنه اشار الى ان اسرائيل لن"تمنح حصانة لمن هو متورط... مباشرة في مقتل ابرياء". من جهته، قال بيرتس ان أفراد عائلة غالية لم يقتلوا جراء قصف جوي أو بحري وأنه يجري الآن التحقيق في ما اذا نجم مقتلهم عن القصف المدفعي أو جراء"حادث فلسطيني داخلي". ونقلت الاذاعة الاسرائيلية عن قياديين في الجيش ادعاءهم انه لم يتضح بعد مكان سقوط أحد الصواريخ الستة التي أطلقتها المدفعية الاسرائيلية، وأنه بناء لما تلقوه من أجهزة الأمن الفلسطينية عن موعد اصابة عائلة غالية فإن هذا الموعد لا يتزامن مع موعد القصف المدفعي الاسرائيلي لشمال القطاع. وأبلغ بيرتس الوزراء قرار تعليق القصف المدفعي حتى مساء غد الى حين انتهاء لجنة خاصة شكلها، من فحص ملابسات مقتل عائلة غالية. وأضاف انه بناء على النتائج قد يتم تغيير"أنماط العمل العسكري". تأهب اسرائيلي تحسباً لهجمات وانتشرت قوات كبيرة من الشرطة الاسرائيلية و"حرس الحدود"على مداخل كبرى المدن في اسرائيل وفي الأماكن العامة والمجمعات التجارية وفي محيط مدينة القدس ووسط اسرائيل، تحسباً لهجمات فلسطينية انتحارية"في ظل توافر رقم قياسي من الانذارات بوقوع مثل هذه الهجمات"97 انذاراً. الى ذلك، ربط معلقون بين النغمة الاسرائيلية الجديدة عن أسباب مقتل عائلة غالية وزيارة اولمرت الى كل من بريطانيا وفرنسا التي بدأت أمس وتستمر خمسة ايام. وأشار هؤلاء الى ان اولمرت الساعي للترويج لخطته لتجميع المستوطنات وترسيم حدود اسرائيل من طرف واحد بات يدرك انه سيطر الى ان يشرح لمضيفيه التصعيد العسكري الأخير على الفلسطينيين فيما سيسأله الصحافيون عن صورة الطفلة اليتيمة هديل غالية وهي تصرخ الى جانب جثمان والدها بعد المذبحة التي نفذها الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة. وقال أحد المعقلين ان زيارة اولمرت لكل من لندن وباريس"لن تكون سلسة"على خلفية المجازر الاسرائيلية، فضلاً عن ان أوروبا ليست متحمسة قط لخطة رئيس الحكومة الاسرائيلي، وترى في التصعيد الأخير تأكيداً لموقفها الداعي للتفاوض مع رئيس السلطة الفلسطينية. وتوقعت صحيفة"هآرتس"ان يدعو كل من رئيس الحكومة البريطانية توني بلير والرئيس الفرنسي جاك شيراك اسرائيل الى استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين"لان حل الصراع لن يتأتى من غير مفاوضات كهذه ولن يتحقق باجراءات احادية". وكان عشرات الناشطين اليساريين الاسرائيليين تظاهروا مساء أول من أمس قبالة منزل رئيس هيئة أركان الجيش الاسرائيلي دان حالوتس منددين بالمجازر التي يرتكبها جيشه في قطاع غزة. وحمل المظاهرون لافتات كتب عليها"في هذا الحي يسكن مجرم وقاتل"، و"محكمة لاهاي في انتظارك يا حالوتس". وبرزت بين المتظاهرين ابنة رئيس الحكومة دانا اولمرت التي أثارت مشاركتها حنق حزب"ليكود"المعارض.