رفضت اسرائيل على عادتها تحمل مسؤوليتها عن المذبحة التي نفذها جيشها صباح امس في بيت حانون، وأبت إلا ان ترفق التعبير عن أسفها عن سقوط المدنيين بالمبررات الممجوجة اياها والادعاء ان"المنظمات الارهابية"تجعل من المدنيين دروعا بشرية. وساوت بين قصفها المدفعي الثقيل والصواريخ والقذائف البدائية التي يطلقها الفلسطينيون على بلدة سديروت جنوب اسرائيل. وذكّرت ردود فعل الاسرائيليين على مواقع الانترنت بتلك التي صدرت بعد مجزرة قانا في لبنان في الصيف الماضي من انكار للمسؤولية وتحميلها للضحية. وهاجم كثيرون منهم رئيس الحكومة ايهود اولمرت ووزير الدفاع عمير بيرتس على اعرابهما عن أسفهما لسقوط الابرياء ووازى بعضهم بين ما تعرضت له بيت حانون في الأيام العشرة الأخيرة من قتل نحو مئة من ابنائها وتدمير البلدة تدميراً واسعاً، وبين"الرعب في سديروت"التي تتعرض لقذائف فلسطينية سبق ان سخر المستشار السابق لرئيس الحكومة دوف فايسغلاس من تسميتها قذائف او صواريخ مقرا بعدم فاعليتها. وكتب أحدهم ان"الدموع التي يتظاهر بها اولمرت كاذبة"وانه اضطر الى الاعراب عن أسفه فقط لأن المذبحة وقعت قبل ايام من سفره الى واشنطن. وكان اولمرت وبيرتس اصدرا، في ختام اجتماع عقداه لبحث الأوضاع على الحدود اللبنانية، بياناً اعربا فيه عن اسفهما لمقتل مدنيين فلسطينيين في بيت حانون. واضاف البيان ان المسؤوليْن عرضا على السلطة الفلسطينية تقديم مساعدة انسانية عاجلة والعلاج الطبي الفوري للجرحى وللنساء والأطفال. وقالت وسائل الاعلام العبرية ان مكتب رئيس الحكومة نقل لاحقا الى مكتب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بيانا مماثلا. وأضاف البيان ان وزير الدفاع أمر الجيش بوقف اطلاق نيران المدفعية على قطاع غزة"الى حين استكمال التحقيق في الظروف والخلفية والاعتبارات التي ادت الى هذه النتائج المأسوية". لكن التحقيق او"تقصي الحقائق"أوكل، كما جرت العادة، الى ضابط عينه قائد أركان الجيش الجنرال دان حالوتس طُلب اليه تقديم استنتاجاته في اقرب وقت. وادعى الجيش ان الهدف من القصف كان مناطق خالية أطلقت منها قذائف لكن الصاروخ أخطأ الهدف بكيلومتر واحد. واعتبرت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني ان ما حصل هو"حادث مؤسف للغاية". وقالت ان قتل المدنيين ليس من أهداف العمليات العسكرية التي تقوم بها اسرائيل وان الأخيرة"تبذل كل ما في وسعها لتجنب اصابة السكان المدنيين الابرياء خلال العمليات لكن المآسي تحدث احيانا للاسف. ونحن نشعر بالاسف لكن ينبغي فهم ما حصل في السياق الصحيح". واردفت ان اسرائيل غادرت قطاع غزة وفككت المستوطنات فيه قبل اكثر من عام"لفتح نافذة فرص للسلام امام الفلسطينيين ليتوقفوا عن الارهاب ويديروا شؤونهم بأنفسهم لكن بلدات جنوب اسرائيل تحولت منذ هذا الانسحاب اهدافاً لنيران ارهابيين فلسطينيين انطلاقا من قطاع غزة الذي أصبح وكرا للارهاب، ما يضطرنا الى الدفاع عنها وعن مواطني اسرائيل عموما". ونقلت صحيفة"هآرتس"عن مصادر سياسية قولها ان اسرائيل منزعجة اساسا من"توقيت الحدث المأسوي"، عشية زيارة اولمرت الى الولاياتالمتحدة ولقائه، الاثنين المقبل الرئيس الأميركي جورج بوش. واضافت المصادر ان قتل المدنيين يمس بمكانة اسرائيل في العالم ما دفع بالخارجية الاسرائيلية الى اعطاء التعليمات الى ممثليها في انحاء العالم الى شن حملة اعلامية تقول ان القصف المدفعي يأتي رداً على قصف بلدات اسرائيلية وان ما حصل هو"دفاع عن النفس بعد ان لم تثمر الجهود السياسية لوقف اطلاق القذائف نتائج ملموسة". وتبنى نواب اليمين في اسرائيل هذه الرواية ورفض غالبيتهم الاعراب عن أي أسف لمقتل المدنيين محملين الفلسطينيين المسؤولية. في المقابل اعلن النائب عن حركة"ميرتس"اليسارية ران كوهين انه بادر الى عقد جلسة للجنة الخارجية والأمن البرلمانية لبحث القصف المدفعي العشوائي في بيت حانون"الذي يعرض اسرائيل الى تهمة ارتكاب جرائم حرب". ودان النواب العرب في الكنيست المذبحة واعتبروا ما حصل جريمة حرب ومجزرة مبيتة. وأعلنت الشرطة الاسرائيلية رفع التأهب في صفوفها الى الدرجة ما قبل الأخيرة تحسبا لوقوع"عمليات تفجيرية انتقامية"توعدت بها المنظمات الفلسطينية. ونصب أفرادها الحواجز على مداخل المدن الكبرى وفي المجمعات التجارية الكبرى والأسواق ومحطات المواصلات العامة.