حذرت واشنطن من ان تعطيل موسكو وبكين فرض عقوبات على النظام الايراني في مجلس الامن، يمهد لاعتماد حل عسكري على غرار ما حصل عندما عطلت باريسوموسكو قراراً يهدد باستخدام القوة ضد العراق في الفترة التي سبقت الحرب. تزامن ذلك مع اجتماع ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائداً ألمانيا في باريس أمس، لمناقشة اتخاذ موقف موحد في مجلس الأمن في 9 الجاري، وتوجيه رسالة قوية الى ايران، بحسب ما أكد مساعد وزيرة الخارجية الأميركية نيكولاس بيرنز الذي اعتبر ان فرض عقوبات على طهران مؤجل شهرين او ثلاثة. راجع ص10 وتبادلت ايران واسرائيل التهديدات امس، إذ قال قائد القوات البحرية في الحرس الثوري الايراني الأميرال محمد إبراهيم دهقاني ان الدولة العبرية ستكون أول جهة تستهدفها طهران، رداً على أي عمل"شرير"للولايات المتحدة، فيما دعا وزير الخارجية الاسرائيلي الاسبق شمعون بيريز طهران الى التخلي عن برنامجها النووي، مؤكداً ان اسرائيل تمتلك القدرة على الرد، وقال إن الدولة العبرية"قوية للغاية وتعرف كيف تدافع عن نفسها"، وحذر رئيس الأركان الجنرال دان حالوتس من ان امتلاك إيران سلاحاً نووياً يمكن أن يهدد وجود اسرائيل، وقال في الوقت ذاته إن"الإيرانيين يخشوننا كثيراً لأنهم يعرفون أننا نملك قوة ضاربة يمكن أن تصيبهم". وعن الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد، قال حالوتس:"التقيت إيرانياً يعرفه جيداً وقال لي انه رجل ذكي. والأمر المثير للقلق هو انه رجل يقول ما يفكر به، ولم تتراجع شعبيته بل ارتفعت". إلى ذلك أكد نجاد خلال استقباله أمير قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني في طهران، أن"الدول المطلة على الخليج قادرة على نشر السلام والأمن في المنطقة"، معتبراً أن وجود القوات الأجنبية من شأنه أن يؤدي إلى التوتر، فيما شدد الشيخ خليفة على أن أمن المنطقة"مسؤولية مشتركة لكل دولها"، مبدياً استعداد بلاده للتعاون في هذا الشأن. في الوقت ذاته، أجرى سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني محادثات في أبوظبي مع رئيس دولة الامارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان. واعتبر قبل وصوله الى أبوظبي ان قواعد اللعبة تغيّرت في ما يتعلق بالملف النووي لبلاده، داعياً الى حل جديد بعيداً عن نفوذ الدول الكبرى. السيناريو العراقي في واشنطن، أوضح مسؤول بارز في مجلس الأمن القومي الاميركي ل"الحياة"ان الموقفين الفرنسي والروسي في العامين 2002 و2003 شق الاجماع الدولي وشجع النظام العراقي على الاعتقاد بأن اميركا لن تلجأ الى القوة ضده لعدم تحقيق اجماع في مجلس الامن في حينه. وقال المسؤول نفسه إن السيناريو العراقي قد يتكرر مع ايران في حال اعتقدت ان تعطيل الاجماع سيضمن حصولها على قدرات نووية عسكرية من دون رادع. وأعرب عن قناعته بأن تأكيد الرئيس جورج بوش غير مرة بأنه لن يسمح لإيران بالحصول على قدرات نووية عسكرية من دون استبعاد الخيار العسكري"يعني أن تعطيل الاجماع في مجلس الامن، كما تفعل موسكو وبكين، هو افشال للديبلوماسية وخيارها الذي يتطلب اجماعاً وحزماً لإقناع طهران بتغيير مسارها الحالي". واعتبر المسؤول الاميركي من الافضل لموسكو وبكين اقناع طهران بجدية الموقف بدلاً من تضليلها ودفعها للاعتقاد بأن الخيار العسكري غير وارد لمجرد غياب اجماع والاعتقاد الخطأ بأن واشنطن على استعداد لإبرام صفقة معها على حساب مصالحها الاستراتيجية الحيوية في المنطقة". وفي باريس، حذر مساعد وزيرة الخارجية الاميركية نيكولاس بيرنز من اندفاع كبير لدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن،"لاعتماد قرار في إطار الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة استخدام القوة يتضمن فرض عقوبات على إيران، إذا لم تسمع الرسالة في غضون 6 أو 7 أسابيع". عقوبات مؤجلة وذكر المسؤول الاميركي أن المجتمع الدولي ووكالة الطاقة الذرية الدولية يعملان الآن على خطة لعزل إيران التي تترتب كلفة على رفضها مطالب مجلس الامن. وزاد أن الإدارة الأميركية طبقت عقوبات على طهران لعقود، وتطلب من المجتمع الدولي اللحاق بها، مشيراً إلى أن القرار الجديد الذي يدرس مع الأوروبيين حالياً، يتجه إلى مطالبة إيران بتعليق برنامجها النووي، لكنه لا ينص في هذه المرحلة على عقوبات. وتحدث بيرنز عن قناعة سائدة بضرورة فرض قيود على تنقلات المسؤولين الإيرانيين في حكومة تمثل أكبر تشجيع وتأييد لمجموعات إرهابية في الشرق الأوسط، وأنه ليست هناك في الوقت الراهن عقوبات مرتبطة بالنفط والغاز. وأكد بيرنز أنه لا يمكن اليوم إجراء أي حوار ديبلوماسي بين الإدارة الأميركية وإيران، خصوصاً في ضوء ما كرره الرئيس الإيراني عن نيته تدمير إسرائيل ونفيه للمحرقة. وقال إن إسرائيل دولة حليفة للإدارة الأميركية، وان الأخيرة لا يمكن أن تتحاور مع دولة ممثلة برئيس مثل محمود أحمدي نجاد. الى ذلك، أعلن رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية غلام رضا آغا زاده أن إيران خصبت اليورانيوم بنسبة 4.8 في المئة، أي أعلى من تلك التي أعلنتها مطلع نيسان ابريل الماضي. واضاف ان"هذا المستوى يكفي لإنتاج الوقود النووي"، مؤكداً ان"مستوى تخصيب يفوق نسبة الخمسة في المئة ليس مطروحاً في إيران". ويتطلب الوقود النووي اللازم لمحطة ذرية درجة تخصيب تتراوح بين 3.5 و5 في المئة. والشحنة اللازمة لقنبلة ذرية تتطلب تخصيباً بنسبة تصل إلى 90 في المئة للحصول على أقوى اثر.