انطلق الحوار الوطني الفلسطيني في كل من غزة ورام الله أمس برعاية الرئيس محمود عباس وحضوره، عبر تقنية الدائرة التلفزيونية المغلقة"فيديو كونفرنس"، وفي صلبه دعوة الى تبني"وثيقة الاسرى"التي تمثل برنامج الحد الادنى الذي يمكن التقاء الفصائل عليه. لكن مع تلويح عباس باللجوء الى استفتاء شعبي في حال عدم قبول البرنامج السياسي الذي تضمنته الوثيقة، لا يبقى من خيار آخر امام حركتي"فتح"و"حماس"غير الاتفاق... او اللجوء الى حرب ميليشيات طاحنة. ووقعت اشتباكات مسلحة امس بين عناصر من القوة التنفيذية وعناصر من جهاز الأمن الوقائي وقتل فيها فلسطيني وأصيب فيها 12 آخرون. راجع ص 4 وتتضمن"وثيقة الاسرى"التي حملت تواقيع قادة الفصائل المختلفة في السجون الاسرائيلية، وفي مقدمهم امين سر"فتح"في الضفة مروان البرغوثي وممثل حركة"حماس"عبد الخالق النتشة، بنودا تدعو الى وضع خطة فلسطينية للتحرك الشامل وتوحيد الخطاب السياسي على اساس برنامج الاجماع الوطني والشرعية العربية وقرارات الشرعية الدولية المنصفة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية وحماية وتعزيز السلطة الوطنية وحصر المفاوضات بمنظمة التحرير، والاسراع بتطوير منظمة التحرير وانضمام"حماس"و"الجهاد"اليها. ويأتي عقد الحوار الوطني الموسع الذي حدد عباس سقفه الزمني بعشرة ايام، في ضوء التوتر بين"فتح"و"حماس"بعد فوز الاخيرة في الانتخابات التشريعية وما تمخض عنه من اشتباكات وخلافات على صلاحيات كل منهما، مضافاً اليه الخطر المتربص بالقضية الوطنية من خطط اسرائيلية لتحديد مستقبلها من جانب واحد، وآخرها ما كشفته صحف اسرائيلية امس من ان رئيس الحكومة ايهود اولمرت اتفق والرئيس جورج بوش على تشكيل طاقمين اميركي واسرائيلي لصوغ تفاصيل"خطة التجميع"على الارض، علماً ان المبعوثين الاميركيين الى الشرق الاوسط إليوت ابرامز وستيف هيدلي سيزوران اسرائيل قريبا للغرض ذاته. وفي الجلسة الافتتاحية للحوار الذي كان مقررا ان يتواصل امس في جلسة مغلقة، أكد كل من عباس ورئيس الوزراء اسماعيل هنية انه"لا يجوز الاحتكام للسلاح لان دم الفلسطيني محرم". وبسبب حجم المخاطر المحدقة بالفلسطينيين جراء هذا النزاع المتفاقم، لوّح عباس للمرة الأولى باجراءات حاسمة من قبيل اللجوء الى الشارع لاستفتائه على مستقبله. وبدا التلويح موجهاً بالدرجة الأولى الى"حماس"وحكومتها التي عزفت عن تبني برنامج عباس الرئاسي، ما ادى الى تعريض الشعب الفلسطيني للحصار والتجويع. وأظهر ممثلو الطرفين استعداداً للتوصل الى اتفاق وطني، مدركين مخاطر عدم الاتفاق في هذا الحوار"الجاري تحت بنادق المسلحين المنتشرين في شوارع قطاع غزة"، حسب صرخة اطلقها احد قادة"فتح"في جلسة الافتتاح. وذهب العديد من ممثلي"حماس"وقادتها الى حد القبول بفكرة الاستفتاء التي رأى فيها زملاء لهم"سيفاً مسلطا على رقبة الحركة". وقال رئيس المجلس التشريعي الدكتور عزيز الدويك ل"الحياة":"الاستفتاء من اهم المبادئ الديموقراطية، ولا ضير من اللجوء اليه، لكننا باذن الله سنتوصل الى اتفاق ولن نكون في حاجة للاستفتاء". ورأى ان"وثيقة الاسرى"تشكل"أرضية ممتازة للتوصل الى مثل هذا الاتفاق". واشار الى مجموعة تفاهمات مع الرئيس سبقت الحوار، منها عقد لقاء لقادة الفصائل في القاهرة للبحث في اعادة بناء منظمة التحرير بما يكفل انضمام"حماس"و"الجهاد"اليها، وتشكيل لجنة لمتابعة الحوار، واللجوء الى الاستفتاء الشعبي في حال التوصل الى اتفاق سياسي مع اسرائيل. ومن المقرر ان يشارك في لقاء القاهرة كل من رئيس المكتب السياسي ل"حماس"خالد مشعل، ورئيس المكتب السياسي ل"الجهاد"رمضان عبد الله شلَّح، وامين سر"فتح"فاروق القدومي، والرئيس عباس بصفته رئيسا للسلطة ورئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. وأظهرت حركتا"فتح"و"حماس"في الايام الأخيرة مواقف اكثر مرونة ازاء واحدة من أكثر القضايا الخلافية تفجراً بينهما، وهي قضية القوة الأمنية التي شكلتها حكومة"حماس"من رجال ميليشيا تابعين لها. ففيما ابدت"حماس"موافقتها على اندماج هذه القوة بجهاز الشرطة بدلا من ان تظل قوة منفصلة، وافقت"فتح"على دخول جميع عناصر هذه القوة في المؤسسة الأمنية، لكن بصورة فردية وليس كتلة واحدة. وفي اشارة الى عبثية استمرار الصراع الجاري بين"فتح"و"حماس"في ظل حراب الاحتلال والحصار، هدّد الأسرى الفلسطينيون في السجون الاسرائيلية بخوض اضراب عن الطعام احتجاجا هذه المرة على هذا الصراع، وليس على القمع الذي يتعرضون له من سجانيهم كما درجت العادة. على صعيد آخر ا ف ب، اعلن مكتب وزير الدفاع الاسرائيلي عمير بيريتس ان اسرائيل قررت السماح بنقل اسلحة خفيفة وذخائر الى القوات الموالية للرئيس الفلسطيني. وعلم من مكتب بيريتس في تل ابيب ان الاخير"قرر بالاشتراك مع رئيس الوزراء ايهود اولمرت السماح بنقل اسلحة خفيفة وذخائر الى القوات الموالية لابو مازن عباس". واوضح المصدر ان"الامر يتعلق ببضع مئات قطع الاسلحة والتي ستأتي من بلدان اجنبية وسيتم نقلها تحت اشرافنا الدقيق. وسنعرف بالضبط لمن والى اين ستسلم".