حلّ كتاب النائب السابق ناصر قنديل"حروب كبيرة في شرق أوسط صغير"دار الهلال في المرتبة الأولى في لائحة الكتب الأكثر مبيعاً في"معرض المعارف للكتاب العربي الدولي"الذي أقيم الأسبوع الماضي في الضاحية الجنوبية لبيروت مجمع سيد الشهداء. هل لهذه الظاهرة دلالة سياسية ما؟ دخول هذه البقعة حيث تتركز الطائفة الشيعية في بيروت، يعني أكثر من أمر: إنك أولاً تدخل معقل حزب الله... فهنا يلقي عادة الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله خطاباته في المناسبات الوطنية والدينية. ولا يحتاج الزائر إلى التعمق لمعرفة سبب اختيار هذه المنطقة. فالمعرض نظمته جمعية المعارف الإسلامية الثقافية التي تتبع منهج الإمام الخميني. الشيخ نزار سعيد المنسق العام للمعرض قال إن"اختيار المكان جاء ترسيخاً للهوية الثقافية والخصوصية الدينية التي ننتمي إليها، فيما يدل الزمان على الشهر الذي أنتجت فيه هذه الهوية وهذه الثقافة: التحرير. والضاحية الجنوبية هي الخزان والقلب النابض للمجاهدين والشهداء". ومن البديهي بالتالي أن يدفع مكان إقامة المعرض المرء الى التساؤل إن كان يتوجه إلى شريحة معينة من الشعب اللبناني، ما يعمّق الانقسام الحاصل أصلاً. ينفي الشيخ نزار سعيد ذلك، قائلاً:"المعرض لم يقتصر على كتب دينية فحسب، بل غطى كل المجالات من الحقوق والعلوم واللغات والقواميس والكتب لمختلف الأديان والتيارات والتوجهات وكتب الأطفال والقصص والكتب الأجنبية وتلك المعنية بالبرامج التعليمية. هذا عدا عن التنوّع في دور النشر المشاركة التي لم يفرض عليها أي رقابة". ويلفت المتجول في أجنحة المعرض حسن التنظيم وتعاون المنظمين مع الزائر. فما إن تدخل حتى يقتربوا منك ويعرضوا عليك المساعدة. عن سبب إقبال دور النشر المحلية والعربية والأجنبية التي فاق عددها 170 من بريطانيا وسورية واليمن والجزائر ومصر وتونس والسعودية والإمارات، يقول الشيخ سعيد:"إن سبب الإقبال بكل بساطة يعود إلى أن الخدمات كانت مجانية ولم تطلب الجهة المنظمة أي أجر من دور النشر، إضافة إلى أن الضاحية الجنوبية تعتبر سوقاً كبيرة بالنسبة الى التجار، نظراً إلى الحشد السكاني الضخم الموجود فيها". وبالفعل، تخطى عدد الزوار المئة والستة وعشرين ألفاً، فيما بلغت قيمة المبيعات ثلاثمئة وخمسين مليون ليرة لبنانية. وعن وجود ثغرات في التنظيم، يرى الشيخ سعيد أن المتخصصين في هذا المجال لم يجدوا أي ثغرة سوى الدعائية منها. إذ لم تُطلق حملة دعائية مكثفة لإعلام الناس بالمعرض، وهذا يعود في رأيه، إلى اضطرارهم لإنجاز المعرض خلال شهرين. ولذلك، اقتصر الأمر على وضع ملصقات في الضاحية الجنوبية فقط، فيما غابت عن المناطق الأخرى، وبُثت دعايات على قناة"المنار"التابعة لحزب الله. غياب الثغرات تقريباً ليس وحده ما ميّز المعرض، بل برنامجه أيضاً، لما تضمن من نشاطات مرافقة من أمسيات شعرية وندوات فكرية وسياسية من لبنان ومصر وفلسطين والعراق والأردن والسعودية وطبعاً إيران وتكريم شخصيات ثقافية مثل المفكر والكاتب أنيس الصايغ والأديب رشاد أبو شاور. وفي جولة على الأجنحة، لم تبدِ دور النشر المشاركة أي ملاحظة حول التنظيم أو فرض نوع من الرقابة أو ما شابه، فيما كان زوار كثر يحملون كتاب"اغتيال الحريري: أدلة مخفية"ليورغن كايل كولبل، وكتاب النائب السابق ناصر قنديل"حروب كبيرة في شرق أوسط صغير". وهذا ما أكدته الأرقام، إذ سجل هذان الكتابان أعلى نسبة مبيع بين الكتب السياسية! من جهتها، تعمل الجهة المنظمة جاهدة كي يشكل المعرض الذي يقام للمرة الأولى خطوةً نحو إرسائه سنوياً في العاصمة اللبنانية، ويعتمد هذا الأمر، بحسب الشيخ سعيد على الموارد المالية.