اكتشف مصمم الأزياء الشهير كارل لاغرفيلد نجمة جديدة في عالم عرض الأزياء اسمها أليس تاليوني، وهي فرنسية عشرينية تتميز بجمال لا جدال فيه وطول فارع لا يقبل النقاش أيضاً 180 سنتيمتراً، إلا أن هذا الخبر كله غش بغش لأنه يدخل في إطار حبكة فيلم فرنسي فكاهي عنوانه"البديل"، تؤدي فيه أليس الجميلة، التي هي في الواقع ممثلة لا عارضة أزياء، دور"توب موديل"يطلقها لاغرفيلد وتضطر لأسباب فضائحية تمس حياتها الخاصة إلى الادعاء بأنها مغرمة بشاب عادي جداً لا يتصف بوسامة ما أو جاذبية تثير انتباه عارضات الأزياء. والشاب بالتحديد يمثله الممثل الفرنسي المغربي الجذور جاد المليح في أحد أجمل أدواره فوق الشاشة، علماً أنه من ألمع نجوم المسرح الكوميدي الفرنسي، خصوصاً ذلك المسمى"وان مان شو"والذي يتلخص في وقوف الفنان وحده فوق الخشبة مؤدياً سلسلة من المواقف الفكاهية طوال ساعة ونصف ساعة تقريباً. أما تاليوني فظهرت من قبل في أفلام متنوعة مثل"مدرسة كبرى"الدرامي، وپ"أكاذيب وخيانات"الفكاهي، وپ"برسيلياند"المخيف، وپ"الصيدلي"البوليسي، وپ"شلة الدراغستور"الاجتماعي الرومانسي، إلى أن منحها السينمائي جيرار بيريس البطولة النسائية لفيلم المغامرات"فرسان الجو"المأخوذ أساساً عن مسلسل تلفزيوني ناجح في السبعينات. وسمح الشريط للجمهور العريض باكتشاف نجمة جديدة جذابة وموهوبة سرعان ما تهافتت عليها هوليوود وعرضت عليها أحد الأدوار الفكاهية في فيلم"بينك بانثر"الكوميدي، من بطولة ستيف مارتن وبيونسي نولز وجان رينو. وجاء فيلم"البديل"الفرنسي ليدعم هذا الرواج ويجعل من تاليوني صوفي مارسو جديدة تسحر المتفرج. "الحياة"التقت الفنانة الصاعدة في مكاتب شركة الإنتاج"بلاك ماسك"التي تضع اللمسات الأخيرة على مشروع سينمائي لتتولى بطولته تاليوني. تؤدين شخصية"توب موديل"في فيلم"البديل"، ويجب الاعتراف بأن الدور يليق بك إلى أبعد حد بفضل قامتك وجمالك، فهل فكرت في احتراف مهنة عرض الأزياء يوماً ما؟ - لا أبداً، ولا يكفي أن تكون المرأة طويلة أو جميلة حتى تمارس مهنة تتعلق بالموضة. شخصياً، أحببت الموسقى والرقص الكلاسيكي الباليه منذ صغري، وأعزف بمهارة كبيرة على البيانو، وكان حلمي أن أصبح عازفة موسيقية محترفة أو راقصة كلاسيكية، إلا أن فيروس المسرح دخل إلى عروقي ذات يوم وكنت في سن المراهقة بعد مشاهدتي مسرحية درامية بكيت فيها من أول مشهد وحتى النهاية، لاكتشف في قرارة نفسي رغبة لم تكن قد انتابتني من قبل وهي الوقوف فوق خشبة المسرح وهز مشاعر الجمهور من طريق الأداء التمثيلي وليس الموسيقي. وهكذا دخلت إلى كونسرفاتوار الفن الدرامي وصرت ممثلة محترفة. لكننا نشاهدك في أفلام سينمائية وليس في أعمال مسرحية؟ - عملتُ فوق المسرح مرة واحدة عقب تخرجي في المعهد، لكن السينما اختطفتني بسرعة ولم تترك لي الوقت في ما بعد من أجل السعي وراء الأدوار المسرحية. ألا تُعرض عليك مسرحيات أبداً؟ - نادراً ما يحدث ذلك، لأن الوسط المسرحي يعين ممثلات متخصصات في العمل فوق الخشبة ولا يتعب نفسه في استدعاء ممثلات سينمائيات، وهذا طبعاً خطأ، لكنني في مهنة تؤمن إلى درجة كبيرة بالتخصص ولا تفكر اطلاقاً في تجديد مصادر ثروتها الفنية. ويعني ذلك انني مضطرة إذا أردت أن أعمل في المسرح، إلى التفتيش بنفسي أو من طريق وكيلة أعمالي عن أدوار تلائمني ومحاولة إقناع أصحاب القرار في هذا الميدان بأنني أصلح للعمل فوق الخشبة نظراً الى خبرتي في الكونسرفاتوار. ربما أقدم على هذا التصرف في المستقبل، لكنني حالياً مسرورة بما تعرضه علي الشاشة الكبيرة فلا أكرس جهدي لشيء آخر. هل تعتبرين نفسك ممثلة كوميدية أو درامية بما أنك مارست كل الأنواع فوق الشاشة؟ - يبدو انني تخلصت من قاعدة حبس الممثلات في لون محدد، فلا تسألني مثل هذا السؤال واتركني حرة على الأقل في تنويع أدواري السينمائية، بما انني لست حرة في الانتقال على مزاجي بين السينما والمسرح. صحيح أن الدور الذي أطلقني هو من نوع المغامرات في فيلم"فرسان الجو"الذي أديت فيه شخصية إمرأة تقود الطائرات الحربية، لكنني اتجهت بسرعة نحو الكوميديا عبر فيلمي"البديل"الفرنسي وپ"بينك بانثر"الأميركي، فهل سيراني جمهوري الآن فنانة كوميدية وحسب؟ هذا ما لا أعرفه أبداً وأتمنى ألا يحدث. هل أصبحت خبيرة في قيادة الطائرات إذاً؟ - تضحك لا طبعاً، لكن الجلوس في مقعد قائد الطائرة من أجل التصوير فتح شهيتي على تعلم قيادة الطائرات وجعلني أحسد الذين يمارسون هذا النشاط، لكن طموحي يتوقف هنا وستظل رغبتي خيالية مدى الحياة. كيف وجدت نفسك في فيلم هوليوودي هو"بينك بانثر"؟ - لا أدري كيف صارت هذه الحكاية بالتحديد وما هو الدور الذي لعبته وكيلة أعمالي فيها، لكني تلقيت مكالمة هاتفية ذات يوم بهدف لقاء النجم الأميركي ستيف مارتن ومجموعة من الأشخاص جاؤوا من هوليوود إلى باريس بحثاً عن ممثلة محلية قادرة على أداء أحد الأدوار الفكاهية في فيلم"بينك بانثر". لم أصدق مضمون المكالمة في بادئ الأمر، إذ اعتقدت أن أحد أصدقائي من الممثلين دبر لي مكيدة حتى أذهب إلى موعد مزيف ولا أعثر على أحد، مثلما يحدث في الوسط الفني بين حين وآخر عندما تعدّ شلة من الممثلين مقلباً ساخناً لزميل أو زميلة. لكن وكيلة أعمالي أكدت لي أن المسألة في غاية الجدية، فتوجهت الى الموعد والتقيت ستيف مارتن وغيره من الاشخاص الذين يعملون في شركة إنتاج فيلم"بينك بانثر"وبقيت معهم نحو خمس ساعات في صالون فندق باريسي فاخر، من دون أن أشعر لحظة واحدة بأنني كنت أخضع لاختبار في التمثيل، لكن هذا ما حدث في الحقيقة من خلال دردشة ودية حول حياتي وعملي ودراستي في الكونسرفاتوار وأدواري السابقة وهواياتي وأفلامي المفضلة. غير أنهم تكلموا على نشاط شركتهم ومضمون فيلم"بينك بانثر"وقضى مارتن معظم الوقت في سرد النكات أو في ابداء قلقه تجاه توليه دور المفتش البوليسي كلوزوه بطل"بينك بانثر"، متولياً في ذلك خلافة الراحل بيتر سيلرز الذي أبدع هذه الشخصية وأدخلها في سجل تاريخ السينما الكوميدية العالمية. وفي ختام اللقاء قيل لي بمنتهى البساطة"باي باي". وغادرت المكان من دون أن أعرف إذا كنت سأسمع أخباراً عن هؤلاء الأشخاص مرة ثانية واذا كانوا فعلوا أي شيء غير قضاء سهرة ممتعة مع فتاة روت لهم قصة حياتها. كان الموضوع أشبه بالخيال، وأعترف لك بأنني نسيته بسرعة وتفرغت لأعمالي الفرنسية إلى أن سمعت من وكيلة أعمالي بعد مضي ستة أسابيع على ذلك اللقاء المذكور أنني حصلت على دور في فيلم"بينك بانثر"وأن الشركة المنتجة عرضت علي أغلى أجر في حياتي الفنية حتى ذلك اليوم لقاء عملي في الفيلم. وكيف دار العمل مع الأميركيين في ما بعد؟ - دار العمل على الطريقة الأميركية المعروفة، واكتشفت هذه الطريقة أولاً بأول أثناء تصوير الفيلم، بمعنى انني وجدت نفسي وسط خلية تغلي بأشخاص مشغولين جداً، كل في مجاله ولا يتكلم أحدهم على أي شيء في الدنيا سوى نشاطه في إطار الفيلم. وشعرت باهتمام كل هؤلاء بي شخصياً بطريقة لم تحدث لي من قبل في السينما الفرنسية أبداً، فالمسؤولة عن الثياب عاملتني وكأنني ملكة، وعاملة المكياج كذلك، وكل الذين أحاطوا بالمخرج من مساعدين أيضاً... وبدت راحتي بالنسبة إليهم في غاية الأهمية طوال النهار أو طوال ساعات التصوير لكنهم لم يتعبوا أنفسهم حتى بتحيتي عقب سماعهم عبارة"اليوم انتهى"التي يلقيها المساعد الأول في ختام كل يوم عمل. لقد صدمت ودهشت كيف يمكن أن تكون العلاقة بين الاشخاص مبنية على العمل وحسب، إلى درجة أنهم يتغيرون كلياً فور ان ينتهوا من مهامهم المهنية. أين العلاقة الإنسانية إذاً في وسط كل ذلك؟ وقد تصرف مخرج الفيلم معي بالأسلوب نفسه وربما ان الشخص الوحيد الذي تنازل ومنحني ابتسامة ذات مرة وأنا خارجة من مكان التصوير هو ستيف مارتن. عشت تجربة سيئة إذاً؟ - أنا أميل دائماً إلى أخذ الناحية الإيجابية في أمور الحياة، وبالتالي أقول إنني تعلمت أسلوب العمل في السينما الأميركية وكسبت بعض المال ويظهر إسمي فوق قائمة ابطال أحد الأفلام الهوليوودية، لكنني لست في عجلة من أمري في شأن معاودة الكرة مهما غازلتني هوليوود، وهو شيء بدأ يحدث بكثرة فور أن نزل"بينك بانثر"إلى صالات السينما في الولاياتالمتحدة، وأنا أدرس العروض التي تصلني وأفكر طويلاً قبل أن أتخذ أي قرار. ماذا عن جاد المليح زميلك في فيلم"البديل"؟ - لقد عوضني مئات المرات عن الأميركيين وتصرفاتهم بفضل روحه الفكاهية وإنسانيته وتواضعه، فأنا لا أجد طريقة لوصف جاد سوى مقارنته بقطعة من الشوكولاته تضحك.