جاءت أميرة كسار إلى مهرجان السينما والأدب الروائي الذي عقد في إمارة موناكو أخيراً للمشاركة في أمسية أدبية فقرأت أمام الحضور الكثير من المقاطع الدرامية المنتمية الى أعمال مختلفة كتبتها الراحلة مارغريت دوراس. وعرفت أميرة كيف تسحر مستمعيها بفضل صوتها الأخاذ وقوتها التعبيرية وأيضاً لأنها تتكلم بلكنة بسيطة وغير محددة الجذور وهو شيء يتعجب أمامه الجمهور الذي يشهد أميرة كسار في فيلم سينمائي أو عمل مسرحي خصوصاً إذا مارست القراءة الأدبية مثلما كان الحال في مونتي كارلو. والواقع أن أميرة الثلاثينية السمراء والحلوة كردية الأصل من ناحية والدها وروسية من جانب أمها وهي مولودة في ايرلندا حيث قضت 16 سنة من عمرها قبل أن تأتي إلى باريس عقب لقائها المصور الكبير المعروف والراحل حديثاً هلموت نيوتون الذي التقطها بعدسته في لندن ونصحها باقتحام ميدان عرض الأزياء، لا سيما في العاصمة الفرنسية التي تشتهر بكونها أيضاً عاصمة الموضة في العالم. وإذا كانت أميرة كسار اقتنعت بنصيحة نيوتون في ما يتعلق بالتردد إلى باريس، فهي لم ترغب حقيقة في أن تصبح"سوبر موديل"وأن تتنزه فوق مسارح عرض الأزياء حال كلوديا شيفر وسيندي كروفورد وناومي كامبل وفضلت الاتصال بمبتكريها المفضلين مثل كارل لاغرفيلد وجان بول غولتييه ولكن للعمل إلى جوارهم في قسم رسم موديلات التشكيلات الموسمية فضلاً عن ارتدائها أمام الجمهور وعدسات المصورين. وحققت الفنانة الشابة أمنيتها إذ أعجب كل من لاغرفيلد وغولتييه بطموحها وسمحا لها بالانضمام إلى قسم رسم التشكيلات كمبتكرة حرة تعمل في بيتها أو أينما شاءت، ثم تطرح رسومها عليهما. وكم من موديل رسمته أميرة وتم فعلاً تفصيله لحساب دار شانيل تحت مراقبة كارل لاغرفيلد، أو لدار غولتييه بعد موافقة المبتكر شخصياً عليه بطبيعة الحال. وانتهزت أميرة فرصة عملها الحر في الموضة كي تخصص بعض وقتها للانضمام إلى كونسرفاتوار الفنون الدرامية في باريس وتعلم فن التمثيل ما أدى بها إلى التقاء السينمائي البريطاني الكبير الراحل الآن دافيد لين لورانس العرب، الدكتور جيفاغو الذي أعطاها أحد الأدوار النسائية في فيلمه"نوسترومو". ولكن القدر شاء أن يموت لين قبل انتهاء تصوير الشريط وبالتالي لم يعرض الفيلم في الصالات ولم يشاهده أحد ولا حتى أميرة وإن كانت تدونه دوماً في قائمة أعمالها السينمائية. عملت أميرة كسار بعد ذلك في أفلام فرنسية وبريطانية عدة، ما جعلها تغادر نشاطها الخاص بالموضة وتتفرغ لفنها الدرامي خصوصاً بعدما تلقت عرض المشاركة في مسرحية إنكليزية عنوانها"أونت دان أند ليمون". وعرضت المسرحية على خشبة أحد أهم المسارح اللندنية،"ألميدا"، ما فتح لها باباً جديداً في مشوارها المهني وسمح لها في ما بعد بالوقوف فوق مسرح باريسي مؤدية بطولة"هيدا غابلر"إحدى أروع مسرحيات هنريك إيبسن الكلاسيكية، علماً أن الدور نفسه قد لعبته على مدار أعوام، أكبر الممثلات في الولاياتالمتحدة الأميركية وإنكلترا وفرنسا. غلطة مهنية وفي العام 2003 خاضت أميرة الجريئة تجربة سينمائية شجاعة كادت أن تقضي على مستقبلها الفني وذلك لأنها وافقت على العمل في فيلم"جسد جهنم"من إخراج السينمائية كاترين برياه المعروفة بأفلامها الصعبة وإلى جوار روكو سيفريدي نجم الأفلام الخلاعية الرقم واحد، وبخاصة أن الشريط تضمن لقطات حميمة جداً بينه وبين أميرة. إلا أن هذه الأخيرة رفضت القيام بها، لكنها وافقت على لجوء المخرجة الى بديلة تمثل اللقطات الجريئة محلها وكمنت المشكلة في كون الجمهور لا يعلم بذلك ولا يبالي به في الحقيقة فهو يصدق ما يراه على الشاشة ويحكم على النجوم من خلاله. وبما أن أميرة ظهرت في شكل سريع بعد هذه التجربة في أعمال درامية وكوميدية جيدة أثارت اهتمام هوليوود التي راحت تطلب منها المشاركة في التصفية الخاصة باختيار الممثلة الفرنسية الأصلح لأداء الدور النسائي في فيلم"دا فينشي كود"إلى جوار توم هانكس، غفر لها جمهورها أسوة بالنقاد ما سمي"غلطة"مهنية وعادت المياه إلى مجاريها مثلما أكده الحال في مونتي كارلو حيث سببت أميرة ضجة كلما ظهرت في مكان عام. غير أنها جلبت لنفسها التصفيق الحاد حينما أثارت ضحك الحضور في سهرة ختام المهرجان قبل أن تسلم جان رينو تمثال أفضل ممثل، المصمم من الفنان الشاب جيبيلي، وهي تعلن فوق خشبة المسرح كيف أنها تشبه البيضة بسبب الفستان الغريب الشكل الذي ترتديه والذي اختارته لها رئيسة هذه المناسبة من دون أن تستشيرها.