رحبت الحكومة السودانية، أمس، ببعثة مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي المكلفة التمهيد لنشر قوات دولية في دارفور، وأعلنت للمرة الأولى استعدادها للبحث في نشر القوة مع الأممالمتحدة، في خُطوة اعتُبرت تراجعاً من الخرطوم التي كانت جددت قبل يومين فقط رفضها تحويل مهمات قوات الاتحاد الأفريقي المنتشرة في الإقليم الى قوة أممية. وقال وزير الإعلام السوداني الزهاوي إبراهيم مالك إن حكومته على استعداد للتفاوض مع الأممالمتحدة في شأن نشر قوة دولية في دارفور. ويُعد هذا الموقف تحولاً صريحاً في موقف الخرطوم تجاه قوة حفظ السلام الأفريقية في الإقليم لتحل محلها أخرى دولية، إذ قال وزير الخارجية لام أكول الاثنين إن توقيع اتفاق أبوجا مع متمردي الإقليم جعل نقل القوة إلى الأممالمتحدة غير وارد. وكان الرئيس عمر البشير أقسم بأنه لن يسمح لقوات أجنبية بأن تطأ أرض دارفور. والخرطوم التي رفضت طويلاً نشر قوة للأمم المتحدة في دارفور قبل أن تقبل بالفكرة كانت تعارض خصوصاً مشاركة محتملة لحلف شمال الأطلسي فيها. وجاء الموقف السوداني بعد اتخاذ مجلس الأمن القرار الرقم 1679 القاضي بنشر قوة دولية في دارفور مع إمهال الخرطوم أسبوعاً للسماح لبعثة مشتركة من الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي لزيارة الإقليم للتحضير لنشر القوة. وتبنى المجلس القرار الذي يدعو إلى تطبيق اتفاق أبوجا، بإجماع أعضائه وهدد باتخاذ إجراءات حازمة وفعالة ضد أي شخص أو مجموعة تنتهك أو تحاول إعاقة تطبيقه. وفي تطور لافت أمس قال الاتحاد الافريقي ان حركتي التمرد الرافضتين لاتفاق السلام في دارفور، عبرتا عن تأييدهما للاتفاق. وقال رئيس مفوضية الأمن والسلم في الاتحاد الأفريقي سعيد جنيت انه تلقى اتصالات ايجابية من الفصيلين اللذين رفضا توقيع اتفاق السلام وهما"حركة العدل والمساواة"بزعامة الدكتور خليل ابراهيم و"حركة / جيش تحرير السودان"جناح عبدالواحد محمد نور. وذكر جنيت ان الاتحاد الافريقي سيشجع الفصيلين على توقيع اتفاق السلام بحلول نهاية الشهر. الى ذلك، صوّب الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض الدكتور حسن الترابي انتقادات جديدة الى اتفاق أبوجا، واعتبره"صناعة أميركية عمدت الى عزل الإسلام والالتفاف عليه بعبارات ذكية". واكد ان المهلة المحددة للحاق المتخلفين عن الاتفاق مدتها أسبوعان لن تنهي الأزمة التي قال انها ستستمر بخروج آخرين ما لم تحل قضية دارفور بمشاركة فاعلة في السلطة، مصحوبة بقسمة عادلة للثروة. ولم يشأ الترابي تسمية ما توصلت اليه الحكومة و"حركة تحرير السودان"جناح مني أركو مناوي بالاتفاق، وقال في تصريحات صحافية أمس"لا يوجد اتفاق، هو قضية كالشعر طغت عليها المجاملات". وانتقد الترابي ما اعتبره كمّاً هائلاً من الوزراء والمساعدين والمستشارين في الحكومة، واشار الى ان وجودهم ينعكس سلباً على معيشة المواطنين الذين يدفعون من أموالهم لتتمتع شريحة عليا. وتوقع أن تتدخل واشنطن في قضية شرق السودان بابتعاث مسؤول أقل من الذي انجز اتفاق أبوجا. ورجح ان تكافئ واشنطنالخرطوم على التنازلات التي تقدمها برفع اسمها من لائحة الدول الراعية للارهاب كما فعلت مع طرابلس، وقال:"حينها يصبح السودان بلداً عظيماً لأن أميركا رضيت عنه".