وصل الاستقطاب السياسي مداه بين مؤسسات الدولة التركية العلمانية وحزب العدالة والتنمية الحاكم، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في نيسان أبريل من العام المقبل، اذ اشار الرئيس أحمد نجدت سيزر في حوار نادر مع صحيفة"جمهورييت"العلمانية انه سيبذل المستحيل لمنع رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان من الوصول الى كرسي الرئاسة. وجاء ذلك في إطار حملة أطلقها سيزر ضد أردوغان وحزبه ذي الجذور الإسلامية قبل شهرين تقريباً، اتهم خلالها رئيس الوزراء بمحاولة النيل من النظام العلماني في البلاد، من خلال تعيين آلاف الإسلاميين في أجهزة الدولة، والسعي الى تعديل مصطلح العلمانية في الدستور، للسماح بالحجاب في المدارس والجامعات. وكان سيزر أوقف تعيين أكثر من 1060 مديراً وموظفاً حكومياً، اعترض على أسلوب حياتهم وانتماءاتهم السياسية، كما اتهم الحكومة في محاضرة أمام الأكاديمية الحربية في اسطنبول الشهر الماضي، بتسييس القضاء والهيمنة على المؤسسة التعليمية وتعيين كوادر إسلامية في مناصب حساسة في الدولة. ونسبت"جمهورييت"الى مقربين من سيزر أنه قد يلجأ الى الاستقالة في حال رشح أردوغان نفسه للرئاسة، وذلك من أجل دفع البرلمان الى إجراء انتخابات نيابية مبكرة، او تعطيل الانتخابات الرئاسية باستقالة جميع النواب الذين لا ينتمون الى الحزب الحاكم. وقد تعيد الانتخابات البرلمانية المبكرة توزيع المقاعد في المجلس النيابي في شكل مختلف عما هو عليه، علماً أن الغالبية العددية التي يتمتع بها حزب العدالة والتنمية تمكنه من انتخاب من يريد رئيساً. ويحاول سيزر أن ينبه الى ان وصول أردوغان الى الرئاسة يعني سقوط الدولة برمتها في يد الإسلاميين. وفي هذا الإطار، أبدى زعيم المعارضة البرلمانية دنيز بايكال دعمه لسيزر، مع ان رئيس الوزراء لم يشر الى نيته الترشح الى المنصب، في حين ان الناخبين الإسلاميين يطمحون الى وصوله لأن ذلك يشكل نصراً معنوياً لهم في معركتهم المستمرة مع المؤسسات العلمانية وفي مقدمها رئاسة الجمهورية. وتبدو المؤسسة العسكرية صامته تراقب من دون ان تدلي بدلوها، إلا ان الأمر قد يتغير في آب أغسطس المقبل مع تولي الجنرال يشار بيوك انيط قيادة الأركان، وهو الجنرال المعروف بتصريحاته النارية في ما يخص العلمانية والذي يراهن عليه سيزر ليكون عوناً له في التصدي لأردوغان.