رجل تصله رسالة. لا عنوان على الرسالة. من أين جاءت هذه الرسالة؟ على الورقة معلومات:"سنة 1990 تأسست في براغ جمعية. اسم الجمعية: جمعية فرانز كافكا". الرجل يعرف كافكا. ولد كافكا سنة 1883. مات سنة 1924. الرجل قرأ كافكا. قرأ اليوميات. قرأ الروايات والقصص والنصوص الغريبة القصيرة. قرأ الرسائل. الرجل يعرف كافكا لكنه يسمع بهذه الجمعية للمرة الأولى. للجمعية 3 أهداف. الأول رفع تمثال لكافكا في احدى ساحات براغ. الثاني نشر أعمال كافكا مترجمة من الألمانية الى التشيكية. الثالث انشاء جائزة عالمية تعطى كل سنة لكاتب من العالم يقيم حواراً مع كافكا وأدبه. الرسالة بلا توقيع. ولا تحمل تاريخاً. هل هي خدعة؟ يدخل الرجل الشبكة. الانترنت متاهة. هل الجمعية حقيقية أم خيالية؟ الجمعية ليست خيالية. ولا التمثال. ولا الجائزة. أعمال كافكا تترجم وتُنشر. لعلها نشرت جميعاً. يبقى أمر الرسالة. هذا لغز. * التمثال برونز. ارتفاعه أقل من أربعة أمتار. وزنه 700 كيلوغرام. نُزع عنه الستار سنة 2003 بمناسبة مرور 120 سنة على ولادة كافكا. الجائزة ليست خيالية. مُنحت لپ6 أشخاص حتى اليوم. المرة الأولى كانت للأميركي فيليب روث جائزة كافكا 2001. المرة الثانية للتشيكي صاحب"حب وقاذورات"ايفان كليما جائزة كافكا 2002. الثالثة للهنغاري بيتر ناداس جائزة كافكا 2003. الرابعة لألفريدا يلينك النمسوية جائزة كافكا 2004. الخامسة للمسرحي هارولد بنتر جائزة كافكا 2005. السادسة للياباني صاحب"كافكا على الشاطئ"هاروكي موراكامي جائزة كافكا 2006. ما قيمة جائزة كافكا؟ بعد شهور من فوز يلينك بجائزة كافكا أعطيت جائزة نوبل للآداب. هذا تكرر مع هارولد بنتر: سنة 2005 أخذ جائزة كافكا ثم أخذ نوبل. هذا غريب. هل يحصد موراكامي نوبل 2006؟ جائزة كافكا عبارة عن نسخة من التمثال البرونزي المذكور أعلاه نحته النحات التشيكي ياروسلاف رونا. نسخة مصغرة عن التمثال اضافة الى"مبلغ عشرة آلاف دولار أميركي نقداً". هذه المعلومات لم ترد مفصلة في الرسالة. لكنها على الانترنت. * لم يعرف كافكا الانترنت. مات عن 41 عاماً. لم يعش كفاية. قتله السلّ. قال في رسالة ان الصراع النفساني المتواصل في أعماقه ? الصراع بين الشخصيات المقيمة في الأعماق ? قال إن هذا الصراع ملأ رئتيه بالطعنات. كان يكتب مناماته. بينما يكتب المنامات تتحول أدباً. هذا الأدب يحفظ لنا كافكا. من كان كافكا؟ "رسالة امبراطورية"نص قصير لكافكا فيه شخصية واحدة تعبر مسافات حاملة رسالة. هل هذا دقيق؟ لعله غير دقيق. تضم"جمعية فرانز كافكا"650 عضواً. تملك مكتبة هي نسخة طبق الأصل عن مكتبة فرانز كافكا الخاصة. مكتبة تحوي ألف كتاب. مكتبة كافكا تأخذنا الى"مكتبة بابل". لن يحصل بورخيس على جائزة كافكا. مات والجائزة لا تعطى لأموات. اعترف بورخيس بأثر كافكا في أدبه: يذكر"مكتبة بابل"مثلاً."المؤتمر"كونغرس مثل آخر. هذه جمعية سرية تجرب أن تحفظ التراث الإنساني ثم تنتهي الى احراق الكتب في طقس شعري غير مألوف. من يستحق جائزة كافكا؟ الرجل الذي كتب"حياة مايكل ك وأزمنته"1983 يستحقها. الرجل الذي كتب"جبل الروح"1990 أيضاً. روايتان تنتسبان نسباً صريحاً الى كافكا. رواية موراكامي الأقرب الى أدب كافكا ليست روايته الأخيرة. الرواية الأقرب الى كافكا هي"نهاية العالم وبلاد العجائب"1985."حب وقاذورات"لكليما فيها حوار حقيقي مع كافكا. كافكا حاضر حضوراً عميقاً في علاقة الراوي الكاتب بزوجته وصديقته. بذاته وبالعالم أيضاً. "رسالة امبراطورية"نص في صفحة واحدة عن رجل يقعد عند المساء وراء نافذة وينتظر رسالة من الامبراطور. قبل أن يموت، على سرير الاحتضار، أرسل الامبراطور اليه رسالة. الرجل لا أحد. يسكن كوخاً عند تخوم الامبراطورية. لماذا يرسل اليه الامبراطور المريض رسالة؟ هل تصل الرسالة؟ الرسول عليه أن يقطع القصر، أن يقطع المدينة، أن يقطع الحقول... رحلة طويلة، كيف يقطع هذه المسافة اللانهائية؟ لن يقطعها. مع هذا يقعد الرجل عند المساء وراء النافذة. وينتظر.