نظمت مجموعة"البحث في القصة القصيرة"في المغرب الحلقة الخامسة من سلسلة"تجارب". وهي السلسلة التي تتناول نماذج من كتابة القصة في محاولة للتعرف على ملامح الكتابة القصصية، وللوقوف على النوعي فيها، وعلى تحولاتها الأساسية. وسبق لمجموعة"البحث"أن تناولت في الحلقة الأولى تجربة الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس، وفي الحلقة الثانية تجربة الأمين الخمليشي، وفي الثالثة تجربة إدريس الخوري، وفي الرابعة تجربة محمد زفزاف. وانصبّ اهتمام مجموعة البحث في الحلقة الخامسة على التجربة القصصية للكاتب المكسيكي خوان رولفو. وهي تجربة تتميز أولاً بندرة قصصها، فللمؤلف مجموعة قصصية واحدة هي"السهل يحترق". ولكن في هذه المجموعة التي تتكون من 17 قصة تجرى أحداثها في الريف المكسيكي نلمس تنوعاً هائلاً في الأساليب والتقنيات، وحضوراً نوعياً للغة الإسبانية المكسيكية واستثماراً ذكياً لحمولتها الثقافية الخاصة. وتتميز تجربة رولفو بتأثيرها العميق في كتابات أميركا اللاتينية قاطبة، بحيث اعتبره غابرييل غارسيا ماركيز بمثابة"المعلم". وحظيت قصصه بترجمات عدة إلى الكثير من اللغات العالمية ومنها العربية. ولعل أهم ما اضطلعت به هذه الندوة التي شارك فيها أحمد بوزفور، مصطفى جباري، محمد الصالحي وباحثون آخرون، تسليط الضوء على أفكار خوان رولفو النظرية حول القصة، ورصد خصائص تجربته الفنية، والنظر في المرجعيات الثقافية والرمزية التي تمتح قصصه منها. وتجدر الإشارة إلى أن رولفو ولد في مدينة خاليسكو سنة 1918 وسط أسرة من كبار مُلاّك الأراضي الذين فقدوا ممتلكاتهم عقب اندلاع الثورة المكسيكية سنة 1910. ولأن رولفو فشل فيما بعد في متابعة دراسته الجامعية سواء في شعبة القانون أو شعبة الفلسفة فإنه عمل موظفاً بسيطاً في مكتب الهجرة وعاش في عزلة تامة بدءاً من 1934، عزلة لم يخرج منها إلا حينما قرر إصدار مجلة"بان"مع مجموعة من أصدقائه.