المياه الوطنية توضح لعملائها مزايا وآلية توثيق عدادات المياه    رئيس مجلس الشورى يعقد جلسة مباحثات مع رئيس الجمعية الوطنية الباكستانية    من الساحل الشرقي إلى الغربي.. طاهرة آل سيف تقرأ رسائلها المتأخرة على جمهور أدبي جازان    استشهاد 5 فلسطينيين في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    "عِلم" تختم مشاركتها في مؤتمر "سلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية"    الإحصاء: النساء أعلى من الرجال في معدل الإصابة بالاكتئاب الشديد بنسبة %2.5    صحة الحديث وحدها لا تكفي!    إسرائيل تقصف عشرات المواقع في صنعاء    أمير القصيم يرعى الملتقى الأول للعناية بالمكتبات الخاصة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة    أمير حائل يطلع على التقرير السنوي للتجمع الصحي    عريان.. من تغطّى بإيران    نقابة الفنانين السوريين تعيد المشطوبين    «مباراة ودية» تنتهي بفكرة دورة الخليج بمباركة خالد الفيصل ومحمد آل خليفة    الأهلي يستعيد كيسيه أمام الشباب    القيادة تهنئ أمير قطر ورئيس النيجر    مصادر «عكاظ»: الهلال يحسم تمديد عقد الدوسري يناير القادم    صيني يدعي ارتكابه جرائم لشعوره بالملل    حفل تكريم للزميل رابع سليمان    البلاد تودع الزميل عبدالله سلمان    «الدفاع المدني» يحذر: أمطار رعدية على معظم المناطق حتى السبت    إزالة 16 ألف تعدٍّ بالرياض    شراكة رقمية مع أوزبكستان    وزير الدفاع يستقبل نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الأسترالي    نور الرياض يستقطب أكثر من ثلاثة ملايين زائر    أنشطة ترفيهية    شتاء طنطورة.. أجواء تنبض بالحياة    مزارع سعودي يستخرج الأسمدة من الديدان    الأمير الوليد بن طلال يكرم الشقيري لجهوده المتميزة    التويجري: طورنا منظومتنا التشريعية في ضوء مبادئنا وأولياتنا الوطنية    مطعم يطبخ البرغر بنفس الزيت منذ 100عام    5 أطعمة تمنع تراكم الحديد في الدماغ    آمال جديدة لعلاج مرض الروماتيزم بمؤتمر طبي    في روشن الصدارة اتحادية.. نخبة آسيا الصدارة هلالية.. ومقترح تحكيمي    رغم التحديات إدارة الشعلة الجديدة مستمرة للعودة    ريال مدريد يتوّج بكأس القارات للأندية عبر بوابة باتشوكا المكسيكي    بغض النظر عن تنظيم كأس العالم!    الإقليم بعد سوريا.. سمك لبن تمر هندي!    وزارة الثقافة تُدشّن مهرجان «بين ثقافتين» بأمسية فنية    لكم وليس لي    بين صناع التأثير وصناع التهريج !    التقرير الأول للمؤتمر الدولي لسوق العمل: المملكة تتفوق في معالجة تحديات سوق العمل    مناهل العالمية تدشن إنفينيتي QX80 الجديدة كليًا في المملكة العربية السعودية    الملك عبدالعزيز الموفق (3)    أمام وزير الخارجية.. القناصل المعيّنون حديثاً يؤدون القسم    مركبة ال (72) عامًا بجناح حرس الحدود في (واحة الأمن) .. أول دورية برية ساحلية    عبدالله يضيء منزل سعيد القرني    ضغوط الحياة.. عدو خفي أم فرصة للتحوّل؟    هل تنجح سوريا في مواجهة التحديات الهائلة    «التضليل الإعلامي» في ورشة بمعرض كتاب جدة    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان "الحفاظ على مقدرات الوطن والمرافق العامة من أهم عوامل تعزيز اللحمة الوطنية"    رئيس الوزراء العراقي يغادر العُلا    جمعية رتل بنجران تطلق التصفيات الاولية لجائزة الملك سلمان بن عبدالعزيز    محافظ محايل يلتقي مدير المرور الجديد    الأمير تركي الفيصل يفتتح مبنى كلية الطب بجامعة الفيصل بتكلفة 160 مليون ريال    الدفاع المدني : أمطار رعدية على معظم مناطق السعودية حتى السبت المقبل    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الرياضة بالمنطقة    «العليمي»: السعودية حريصة على تخفيف معاناة الشعب اليمني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"صرعة" الحداثة وغياب الصوت الأنثوي . مؤتمر "هامشي" للقصة المغربية القصيرة ... وشجونها
نشر في الحياة يوم 11 - 06 - 2005

لا تكاد تحظى القصة القصيرة في المغرب بأي اعتبار رسمي لا لدى وزارة الثقافة التي احتفت بكل الأنواع الأدبية والتعبيرية خلال تظاهرة"الرباط عاصمة الثقافة العربية"واستثنت هذا النوع الأدبي المهمش، ولا لدى الجامعات المغربية التي تعنى بشؤون الرواية والشعر والنقد فيما تغض الطرف تماماً عن القصة القصيرة التي يعتبرها كتابها والمهتمون بها أنشط نوع أدبي في المغرب.
القصاصون المغاربة ورغبة منهم في كسر طوق التهميش اجتمعوا من مختلف الأجيال والحساسيات والتيارات في ما يشبه مؤتمراً سرياً احتضنته مدينة صغيرة هامشية هي مدينة شيشاوة التي وجد فيها هؤلاء المبدعون ملاذاً حقيقياً بعيداً من الرباط ومراكش وغيرها من مدن المركز التي تتجاهل تجاربهم. وسهر على تنظيم هذا الملتقى الوطني الذي عقد تحت شعار"تحولات القصة المغربية القصيرة"مركز الأبحاث الثقافية والتنموية في شيشاوة، ومجموعة البحث في القصة القصيرة، وجمعية"الكوليزيوم"القصصي. ونجحوا فعلاً في استحضار أهم رموز الفسيفساء القصصية في المغرب بدءاً بأحمد بوزفور، أبو يوسف طه، إدريس الخوري، عبدالرحيم المودن وأمين الخمليشي من الرواد إلى سعيد منتسب، حسن المودن، أنيس الرافعي، محمد أمنصور، ومحمد اشويكة من الجيل الجديد.
وحرص المبدع أحمد بوزفور منذ البداية على رصد هذه التحولات، موضحاً أن القصة المغربية تخلصت تماماً من الإكراهات الخارجية والوطنية والاجتماعية والسياسية والأخلاقية، وصارت تنظر إلى ذاتها كقصة، أي كنوع أدبي له خصوصياته الفنية. وأضاف بوزفور أن القصة في هذا البلد عرفت تحولات داخلية مهمة منها تصاعد الاهتمام بالعناصر المحلية على صعيد اللغة، ما أدى الى ظهور"قصة عربية مغربية"يصعب على القارئ المشرقي مثلاً أن يستوعبها أو يفهمها، خصوصاً إثر تصاعد الاهتمام بالمخزون الشعبي من الأمثال والحكايات والتعابير، وأيضاً بعدما أصبحت لغة الكتابة لدى قصاصين مغاربة لغة مغربية: فصحى من حيث التركيب والصرف والبنى، لكنها مغربية الروح والهوى.
محمد أمنصور وهو أحد مؤسسي جماعة"الكوليزيوم"القصصي توقف بدوره عند مجموعة من التحولات الايجابية التي عرفها المشهد القصصي المغربي بدءاً بتزايد عدد النوادي والجمعيات المهتمة بالقصة القصيرة وانتهاء بميلاد مجلة"قاف صاد"وهي الأولى المتخصصة بالقصة القصيرة في المغرب. وبحسب أمنصور فالقصة المغربية في خير ما دامت ربحت في المدة الأخيرة أباً رمزياً ونجماً. فبعد وفاة محمد زفزاف واكتمال تجربته تكون القصة القصيرة المغربية امتلكت أباً رمزياً ومرجعاً خصوصاً بالنسبة الى الجيل الذي سيشرع في كتابة القصة بعد رحيل الكاتب الكبير."لكننا بقينا نفتقر إلى نجم إلى أن أعلن أحمد بوزفور رفضه جائزة المغرب للكتاب، ما حوّله عملياً نجماً لامعاً. وهذا مهم جداً في إطار تكريس جماهيرية هذا النوع الأدبي المهمش".
وإذا كان الكُتاب من مختلف الأجيال والحساسيات أجمعوا على التأكيد على أهمية هذا النوع الأدبي في المداخلات الأولى، إلا أنهم سرعان ما انقسموا إلى ملل ونحل حينما بدأت الأوراق المقدمة تغوص تدريجاً في قعر البحيرة القصصية المغربية. وهكذا لم يتردد أبو يوسف طه في انتقاد جنوح القصاصين الجدد إلى نوع من اللّعبية التي بدأت تتجه نحو الابتذال، خصوصاً مع غياب البعد المعري والثقافي عند الكثير من القصاصين الشباب المحسوبين على هذا الاتجاه. عبدالرحيم المودن لم يكن أقل حدة وهو ينتقد هذا الإسهال المصطلحي الذي أمطرنا به الجيل الجديد: الميكانيكا القصصية، التكنو قاص، المكروقاص، القصة الإلكترونية، وغيرها. فهذه المصطلحات بحسب المودن تبقى ذات مرجعية تكنولوجية محضة وهي لا تصدر عن مرجعية أدبية. فهل في إمكان القصة المغربية أن تصنع حداثتها بمثل هذه المصطلحات؟ ثم إلى أي حد تعكس الشعارات التي يحملها أصحاب هذه المصطلحات ملامح تيار قصصي جديد؟ يتساءل عبدالرحيم المودن مستنكراً قبل أن يخلص إلى أن غنى هذه المصطلحات لا يوازيه بالضرورة غنى في النص القصصي."إن التجديد القصصي، يقول المودن، يجب ألا يخرج من رحم التكنولوجيا بل من رحم الإبداع الأدبي. الحامل الإلكتروني مستحب، ولكن أن تصير القصة ذاتها إلكترونية، فهذا سيخرب القصة تماماً". وطبعاً لم تمر ملاحظات المودن بصمت، فمحمد شويكة، التكنو قاص، لم يتردد في مهاجمته قائلاً ان هناك مغرباً قصصياً"سبرنتيقياً"إلكترونياً لا يعرفه المودن. فالأمر بحسب شويكة يتعلق بجيل جديد تكوّن بعيداً من الملاحق والجرائد المغربية، وهو حاضر بقوة في العالم الافتراضي الأدبي العربي ولا يمكن أحداً التشكيك في أهميته وقيمة منجزه الإبداعي.
ولأن الختام يكون مسكاً دائماً، جاءت ندوة"تحولات القصة المغربية النسائية"التي ترأستها القاصة ليلى الشافعي لتقود هذا المؤتمر القصصي السري إلى منعطف جديد. ليلى الشافعي طرحت منذ البداية سؤال اللغة قائلة:"لماذا تبقى القاصات المغربيات اللواتي يكتبن بالفرنسية أكثر ديناميكية وأغزر إنتاجاً من زميلاتهن الكاتبات بالعربية؟ هل لذلك علاقة باللغة؟ هل لأن العربية مملوءة بالمحاذير والطابوات؟". وسيأتي الجواب أكثر جذرية من القاص محمد عزيز المصباحي الذي أكد في مداخلته أن المشكلة ليست لغوية فقط، فالكاتبة المغربية والعربية عموماً لا تُعبر عن إحساسها في ما تكتبه وذلك بسبب التسلط والعنف اللذين تعانيهما في مجتمع مغلق ومنغلق كهذا الذي نعيش فيه. هذا إضافة إلى مؤسسة الكتابة في العالم العربي التي تبقى مؤسسة ذكورية بامتياز وهي ترفض حتى الآن الانفتاح على رياح التأنيث. وعنون المصباحي مداخلته الطريفة بپ"الرجال يكتبن"كناية عن المواضيع التي تتطرق إليها المرأة في نصوصها مع أنها تبقى مواضيع ذكورية في العمق وبعيدة تماماً عن الهموم الحقيقية للأنثى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.