فشلت كل جولات الحوار بين الحكم والمعارضة في اليمن في التخفيف من حملات التشهير والاتهامات المتبادلة حول التزام الطرفين قواعد اللعبة الديموقراطية ونزاهة الانتخابات العامة أو الاتفاق على صيغة توازن بين ما تطالب به المعارضة على شكل ضمانات ومبادرات في إطار تحالفها المعروف بپ"اللقاء المشترك"، وبين ما يطرحه الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام من محاذير دستورية لبعض مطالب"المشترك"عشية الانتخابات الرئاسية المقرر أجراؤها في أيلول سبتمبر المقبل. وكانت ملاسنات حدثت بين الأمين العام المساعد لپ"المؤتمر"النائب سلطان البركاني، والأمين العام المساعد لپ"تجمع الإصلاح"عبدالوهاب الأنسي في أثناء اجتماع بين قيادتي"المؤتمر"وپ"اللقاء المشترك"رعاه أخيراً الرئيس علي عبدالله صالح في دار الرئاسة، انسحب على إثرها الأنسي بسبب ما تردد عن تعرضه لإهانات وكلمات نابية من قبل البركاني وفي حضور الرئيس الذي لم يردعه. تلك الملاسنات عكست درجة الاحتقان السياسي بين طرفي المعادلة الديموقراطية في اليمن ودفعت"المشترك"الى مواقف أكثر تشدداً عبّر عنها الدكتور ياسين سعيد نعمان الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني في تصريحات صحافية مخاطباً البركاني:"أعرف يا صديقي أنكم منزعجون من موقف اللقاء المشترك ومطالبته لكم بإجراء انتخابات حرة ونزيهة وهو موقف لم تتعودوا عليه في السابق، ولكن لم أكن أتصور أن هذا الانزعاج سينحدر بمستوى التعاطي إلى هذه النقطة التي لم يعد يفصلها عن الهاوية سوى مساحة ضئيلة". ورداً على الاتهامات التي أطلقها"المؤتمر"وأكدها البركاني وفيها أن"المشترك"يسعى الى ابتزاز"المؤتمر"، قال نعمان:"لا يا شيخ سلطان البركاني حاش أن تكون مناصبكم محطة اعتزاز لأحد بعد أن عفرها الفساد". وكانت صحافة الحزب الحاكم رفعت في عدد من المناسبات شعار لن نركع، ولن ندفع، فيما ردت صحافة المعارضة أن"لا تفاوض ولا صفقات على الديموقراطية ونزاهة الانتخابات". وفي حين لم تعلن أحزاب المعارضة اللقاء المشترك عن مرشحها الرئاسي حتى الآن، تطالب الرئيس صالح بالتمسك بموقفه في عدم الترشح للرئاسة مجدداً على رغم أن الدستور يمنحه الحق في الترشح لدورة رئاسية ثانية وأخيرة مدتها سبع سنوات. غير أن عدوله عن قراره لا يزال ممكناً وربما مؤكداً، فقد اشترط على حزبه الحاكم المؤتمر الشعبي العام الذي أسسه ويتزعمه منذ عام 1982 بحث هذه المسألة في"مؤتمر عام استثنائي"في منتصف العام الجاري. ربما هدف صالح من تأجيل حسم مسألة ترشّحه التخفيف من حالة الارتباك الغالبة على موقف"المؤتمر"نتيجة إعلانه المفاجئ عدم ترشيح نفسه والذي قابلته تأكيدات من جميع قيادات وأعضاء المؤتمر بأن"المؤتمر هو من سيرشحك وعليك أن تحترم خياراتنا ما دمت مؤمناً بالديموقراطية". ولا يتردد قريبون من مراكز القرار عن الهمس برغبة لدى الرئيس في الحصول على إجماع الأحزاب في الحكم والمعارضة على مطالبته بالقبول بترشيح حزب"المؤتمر"له لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة. غير أنه لا يزال من المستبعد أن توافق أحزاب"اللقاء المشترك"على أي صيغة فيها إجماع وطني في حال جرت مساومات سياسية بين الحكم والمعارضة كما هو متوقع حول هذه المسألة. علماً ان الرئيس بنفسه يدير مفاوضات مع الحليف القديم، التجمع اليمني للإصلاح ? الإسلامي المعارض الذي بات يتصدر زعامة تحالف أحزاب" اللقاء المشترك" غير أن هذه المسألة متوقفة على العلاقة بين صالح وزعيم الإصلاح الشيخ عبدالله الأحمر. وتبدو محاولات كسب الشيخ الأحمر مجدداً من جانب الرئيس صالح أكثر صعوبة من مرات سابقة اختلف فيها الرجلان وسرعان ما عاد الود بينهما. فالأحمر الذي لم يطمئن - هذه المرة - إلى وعود الرئيس بتجديد انتخابه لرئاسة البرلمان، في كانون الأول يناير الماضي، كان فضل أن تجرى عملية الانتخاب في غيابه خارج اليمن حيث يتلقى العلاج في السعودية، وجاءت مخاوف الشيخ عبدالله بعد سقوط نجله حسين في انتخابات اللجنة العامة المكتب السياسي لحزب المؤتمر الشعبي العام التي أجريت في عدن نهاية العام الماضي للأحمر انجال في حزب المؤتمر على رغم انه زعيم الإصلاح. واتهم حسين الأحمر الرئيس صالح بأنه وقف ضد أي فرصة لفوزه بمقعد"اللجنة العامة"بإعطاء الضوء الأخضر لصحافة"الحزب الحاكم"بشن هجوم ضد والده الشيخ عبدالله أثارت حدتها والاتهامات التي تضمنتها دهشة واستغراب الرأي العام واستنكار مختلف القوى والأوساط الإجتماعية والسياسية في اليمن. وهي جاءت رداً على تصريحات أطلقها الشيخ الأحمر في افتتاح المؤتمر العام الرابع لحزبه الإصلاح انتقد فيها ما وصفه بالأوضاع" المتردية" في البلد بأنها مؤشر على دخول اليمن"نفقاً مظلماً"، وهو ما لم يتقبله"المؤتمر"الذي يعتبر الشيخ الأحمر شريكاً في الحكم أكثر من كونه زعيماً لحزب معارض، على اعتبار أنه رئيس مجلس النواب بفضل الرئيس. ويعتقد مراقبون بأن الشيخ عبدالله الأحمر الذي يتمتع بنفوذ سياسي كزعيم لتجمع الإصلاح وقبلي باعتباره زعيماً لقبيلة حاشد التي ينتمي إليها صالح، ليس راضياً على استبعاد أبنائه من مؤسسة الحكم، في حين لا يتردد بعض أنجاله في القول إن الرئيس صالح يدفع بالمقربين من أسرته والموالين له لتولي مناصب مهمة في مؤسسات الدولة والمؤسسة العسكرية والأمنية وتمكينهم من الانخراط في التجارة والمقاولات والحصول على امتيازات دفعت المعارضة والمتذمرين في الحزب الحاكم والصحافة غير الحكومية وحتى الدول المانحة لانتقادها. وكان لافتاً انضمام عدد من نواب"المؤتمر"بالإضافة إلى نواب المعارضة إلى الحملة"البرلمانية"ضد الحكومة والتي كانت في ما بعد واحدة من أهم الأسباب التي دفعت الرئيس صالح لإجراء تعديل"حكومي"غير مسبوق أطاح رؤوساً كبيرة، وشمل معظم الحقائب الوزارية في مطلع شباط فبراير الماضي ووصفه بأنه كان"تعديلاً مرضياً للداخل والخارج. ومن المؤكد أن الظروف ملائمة لصالح للفوز بفترة رئاسية جديدة وأخيرة تستمر حتى عام 2013 في حال قبل بترشيح"حزبه"حتى بوجود مرشح لأحزاب"اللقاء المشترك"التي تنظر باهتمام أكثر إلى الانتخابات الرئاسية وتكرس لأجلها كل جهودها وإمكاناتها السياسية بما في ذلك حوارها مع"الحكم"وتصعيد الاتهامات ضده بالفساد. ولا تزال شعبية الرئيس الأقوى، ولا يزال معظم اليمنيين يتعاطون مع الحزب الحاكم على أنه" الدولة". انها من أوراق الرئيس"الرابحة"وهذا ما يفسر دعوة المعارضة له الى التخلي عن زعامة"المؤتمر"ما دام رئيساً للجمهورية بحيث يكون هو المرجع لكل الأحزاب السياسية على الساحة اليمنية. وفي هذا السياق يرجح أن يخوض صالح الانتخابات الرئاسية المقبلة لاعتبارات داخلية تتعلق بطبيعة الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية، والتي تحتاج إلى تمهيد بحيث يكون اليمن مؤهلاً للانتقال إلى مرحلة التداول السلمي للسلطة، إذ إن 16 عاماً من التجربة الديموقراطية وما رافقها من عمليات انتخابية نيابية ورئاسية تبدو غير كافية. فاليمن لا يزال في عداد الدول الأكثر فقراً في العالم ويواجه صعوبات تعيق بناء الدولة وتحقق اصلاحات تكافح الفساد، ناهيك باستقلال القضاء، وتحييد المؤسسة العسكرية والأمنية التي تدين بالولاء المطلق للرئيس صالح عن الحياة السياسية والمدنية، بالإضافة إلى ضغوط القبيلة وأطماع الكثير من القوى السياسية والعسكرية والاجتماعية النافذة. وثمة اعتبارات إقليمية ودولية تعزز وجهة بقاء صالح لفترة رئاسية مقبلة تتعلق باستحقاقات اليمن في تحقيق الإصلاحات الشاملة ومكافحة"الإرهاب"والتزاماته بشأنها مع الأطراف الدولية وفي مقدمها الولاياتالمتحدة الأميركية التي تسربت معلومات عن انها نصحت الرئيس قبل زيارته الأخيرة واشنطن بالعدول عن رغبته في عدم ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية المقبلة - على رغم تقدير واشنطن شجاعته - انطلاقاً من قناعتها بأنه الرجل القوي الذي يمكن الاطمئنان إلى التعامل معه في كثير من القضايا التي تهم واشنطن في المنطقة وفي مقدمها الحرب على"الإرهاب". وتمارس واشنطن وعدد من حلفائها الأوروبيين ضغوطاً على الرئيس صالح لجهة التقدم في الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان ومكافحة الفساد المستشري في مفاصل الدولة اليمنية، وذلك كما تبرر لمنع أي تراجع لليمن عن هذه المبادئ. * وفي هذا الشأن أكدت مصادر قريبة من الدوائر المحيطة بالرئاسة اليمنية أن الرئيس صالح تلقى نصائح من دول تربطها باليمن علاقات مهمة مثل روسيا، فرنسا والصين. وقالت هذه المصادر إن تلك النصائح جاءت انطلاقاً من حرص هذه الدول على الاستقرار في اليمن والتأكيد على أن صالح يمكن الاعتماد عليه في تأهيل البلد لمرحلة التداول السلمي للسلطة خلال 7 سنوات مقبلة خصوصاً في ظل حالة العجز"المستديمة"التي يعاني منها الحزب الحاكم على صعيد تحمل مسؤولية قيادة البلد إذا غاب الرئيس عن المسرح السياسي اليمني، بالإضافة إلى أن جبهة"المعارضة"لا تملك آلية تؤهلها لتولي مسؤولية الانتقال بالسلطة بشكل سلس وفاعل ناهيك بهيمنة"الاتجاه الإسلامي"عليها والمتمثل في التجمع اليمني للإصلاح. وعلى رغم أن نظرة الأميركيين والأوروبيين لپ"تجمع الإصلاح"تحسنت في السنوات الأخيرة، فإنها لم تصل إلى درجة القبول به في الحكم، كما أن الأحزاب السياسية في الحكم والمعارضة لا تزال عاجزة تماماً عن التأثير في اتجاهات الرأي العام اليمني من خلال برامجها وهي تتقدم بصعوبة وبطء شديدين نحو ممارسة الديموقراطية. وتحاول أحزاب المعارضة في تحالف"اللقاء المشترك"الخروج من حالة الركود التي ظلت تعاني منها لسنوات، من خلال مبادرة الاصلاحات الشاملة التي أطلقتها وما رافقها خلال الأشهر الاخيرة من محاولات تحديد الحالة الراهنة في اليمن بابعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية سعياً لتأكيد جديتها في مواجهة الحكم وعدم استعدادها الدخول في صفقات أياً كانت ضروراتها بحيث يكون ما تطالب به من ضمانات لحرية ونزاهة الانتخابات ضمن رؤية متكاملة تتعاطى بها مع الداخل والخارج وتشترط بها المشاركة الفعلية في الانتخابات المقبلة. وعلى رغم أن أحزاب"اللقاء المشترك"لا تزال تراهن على حوار مباشر مع الرئيس صالح لتحقيق بعض المكاسب السياسية على خلفية الضمانات والمبادرات التي تتبناها فإن الصدمة التي تعرضت لها المعارضة في إحدى جولات الحوار مع"المؤتمر"كانت عنيفة وغير متوقعة. فقد أعلن الأمين العام للمؤتمر عبدالقادر باجمال المعروف بقدرته على المناورة السياسية وواقعيته في التعاطي مع المعارضة أنه يستحيل على حزبه مجرد التعاطي مع ما تطلبه أحزاب"اللقاء المشترك"حول تغيير اللجنة العليا للانتخابات استناداً لمحاذير دستورية وعدم الانجرار لما يعتبره"المؤتمر"محاولة لتعطيل الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والدخول في أزمة دستورية قد تهدد استقرار البلد. وأبدى باجمال - بحكم موقعه الحكومي والحزبي والصلاحيات التي منحها له الرئيس صالح - استعداد حزبه التوقيع على اتفاق مع"اللقاء المشترك"حول بقية مطالبه لجهة الضمانات بنزاهة الانتخابات بما في ذلك تحييد كل اجهزة الدولة. أما الرئيس صالح فليس هناك ما يثير قلقه لجهة الفوز بالانتخابات الرئاسية ولا شيء يوازي رغبته في منافس أو أكثر سواء باسم أحزاب المعارضة أو المستقلين، فهؤلاء لا يشكلون ثقلاً سياسياً أو شعبياً ولا يمكن ان يحصلوا على نسبة من أصوات الناخبين تزيد على 7 إلى 10 في المئة في أحسن تقدير. وربما تجد"المعارضة"صعوبة في المساومة على تحقيق نسبة أكبر لمرشحها خصوصاً أن تصريحات زعمائها وفي مقدمهم الأمين العام لپ"التجمع اليمني للإصلاح"الإسلامي المعارض محمد اليدوي ارتفع سقفها ضد الحكم بصورة غير مسبوقة أخيراً عندما قال إن لدينا في المعارضة القدرة على قيادة البلد وتحمل مسؤولية الحكم أفضل من غيرنا. فيما طالب زعيم الحزب الاشتراكي اليمني الدكتور ياسين سعيد نعمان بانتخابات حرة ونزيهة تؤكد حق جميع الأطراف السياسيين في الفرص المتساوية والمشاركة الفعلية في تحمل مسؤولية النهوض باليمن والتغلب على الاختلالات التي تهدد مستقبله. كما أن تياراً في"الاشتراكي"لا يزال يرفض ديموقراطية الاستقواء بالأكثرية ويطالب بتقاسم السلطة والثروة بين أبناء الشمال وأبناء الجنوب من خلال ما يطلق عليه إصلاح مسار الوحدة اليمنية انطلاقاً من دور"الاشتراكي"كشريك رئيسي في تحقيق الوحدة اليمنية. وبالتالي يرفض هذا التيار ما يصفه بديموقراطية مشوهة وغير نزيهة تقوم على مصادرة الطرف الآخر واخراجه من كلا المعادلتين السلطة والديموقراطية. كما أن"الاشتراكي"يرفض نتائج حرب صيف عام 1994 الانفصالية التي أفضت إلى خروجه من السلطة إلى المعارضة ويبدو أن التوافق في مواقف أحزاب المعارضة مع الضغوط الداخلية والخارجية على الحكم يدفعها للتهديد بمقاطعة الانتخابات في سياق خلافها مع اللجنة العليا للانتخابات حول حصص الأحزاب في لجان القيد والتسجيل الانتخابي. اذ اعتبرت أحزاب المعارضة"الحزب الحاكم"الطرف المعني بمواقف لجنة الانتخابات وتشددها ضد المعارضة وهددت بالاعتصام والتظاهرات والانتقال إلى تحريك الشارع في حال رفضت مطالبها. واتهمت الحكم بممارسة وسائل غير قانونية وغير دستورية للهيمنة على العملية الانتخابية وبالتالي التراجع الفاضح عن الديموقراطية. مطلب علي ناصر محمد"تدويل"الانتخابات ... ترشيح لنفسه دخل الرئيس اليمني السابق علي ناصر محمد على خط الجدل الدائر حالياً بين"الحكم"وأحزاب"اللقاء المشترك"حول الاستحقاقات الانتخابيه المقبلة وفي مقدمها الانتخابات الرئاسية، عندما دعا إلى تشكيل حكومة وطنيه تشارك فيها الأحزاب والقوى السياسية في"الحكم"والمعارضة، تتولى إدارة الانتخابات المقبلة بإشراف عربي ودولي كشرط لضمان نزاهتها، وتحقيق التداول السلمي للسلطة واعتماد النظام البرلماني للحكم في اليمن. وذهب ناصر إلى أبعد مما تطالب به أحزاب المعارضة في دعوته إلى تشكيل حكومة وطنية لإدارة الانتخابات وبإشراف عربي - ودولي من دون أن يصرح في شكل واضح وحاسم بأنه عازم على ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسيه المقبلة. وتعتقد أوساط حزبيه يمنيه أن علي ناصر محمد لا يزال أمامه طريق طويل للعودة إلى واجهة المسرح السياسي اليمني بسبب غيابه خارج اليمن نحو 15 عاماً. ومما لا شك فيه أن بين أحداث كانون الثاني يناير عام 1986 في عدن والانتخابات الرئاسية عام 2006، مسافة غير كافية لتجاوز الظروف التي أقصته من الحكم في جنوب اليمن وسط نيران ملتهبة ودماء اريقت. إذ يصعب عليه تقديم نفسه مرشحاً لمنصب رئيس الجمهورية في حين لا يزال النقاش يدور حول دور له في محنة الحزب الاشتراكي الحاكم وفي أحداث يقول خصومه في"الاشتراكي"إنه قرر تفجيرها في 13 كانون الثاني يناير عام 1986 كوسيلة للتخلص من منافسيه والإنفراد بالسلطة على رغم أنه كان رئيساً للجنوب وزعيماً للحزب الاشتراكي الحاكم لكنه كان طامعاً في رئاسة الحكومة. كما أن أنصاره السياسيين والعسكريين في تلك الأحداث ممن باتوا اليوم يتبوأون مواقع اساسية في الحكومة والمؤسستين العسكرية - والأمنية وفي الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام، لا يترددون في اتهامه بالفرار من واجهة تلك الأحداث وتركهم يواجهون تبعات احداث كان هو المسوؤل الأول عن حصولها. وفي حين أكد ل"الحياة"قيادي بارز في"تحالف اللقاء المشترك"أن"ارتياحنا لتصريحات علي ناصر محمد التي تسبب القلق والإزعاج للحكم لا يعني القبول به مرشحاً رئاسياً للمعارضة، وهو يعلم أنه ليس وارداً في خياراتنا". فقد جرت العادة من قبل صحافة الحكم تذكير الرئيس السابق بتلك الأحداث ودوره فيها كلما دعت الحاجة لذلك، وبالتالي فإن تلميحاته بإمكان ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسيه اليمنية بين حين وآخر ليست أكثر من مناورة الراغب في تسجيل حضور بحيث يطغى حديثه عن الواقع الراهن واستحقاقات المستقبل في اليمن على الأحداث التي ما لبثت في الذاكرة. غير أن رد الفعل على تصريحات علي ناصر محمد من جانب"الحزب الحاكم"جاء هذه المرة مرتبكاً وربما غير مألوف في تقاليد العمل السياسي في اليمن. ففي الوقت الذي شن ضده إعلام"المؤتمر"هجوماً قاسياً و"غير مبرر"، نبش فيه ماضيه في حكم جنوب اليمن ودوره في مذبحة 13 كانون الثاني 1986 وأتهمه بالإفلاس السياسي، كان الأمين العام المساعد"للمؤتمر"الشيخ سلطان البركاني يطلق تصريحات أكد فيها ترحيب"المؤتمر"بعلي ناصر محمد مرشحاً رئاسياً. وذهب إلى أبعد من ذلك عندما وعد بمنحه الأصوات الكافية لتزكيته في مجلس النواب. وتبعها تصريحات للبركاني بأن الرئيس صالح ينوي"التصوف"والتفرغ لكتابة مذكراته بعد خروجه من الحكم في حال أصر على قراره بعدم ترشيح نفسه في الانتخابات المقبلة أو رفض ترشيح المؤتمر له. وهذا الارتباك عكس انفعالاً أثار استغراب الأوساط الحزبية بمن فيها أوساط"المؤتمر"لهذه التصريحات، خصوصاً أن كل الترتيبات التي تجري داخل"المؤتمر"بدوائره وقواعده وأنصاره استعداداً لخوض الانتخابات الرئاسية تؤكد أن"المؤتمر"عازم على ترشيح الرئيس صالح في هذه الانتخابات. وبحسب قيادي في"المؤتمر"فإن الحزب الحاكم لن يرشح غير علي صالح والا فإنه سيشارك في الإنتخابات من دون مرشح.