توفي كريستوف كولومبوس قبل 500 عام في مدينة بلد الوليد وسط اسبانيا من دون ان يعي انه ببلوغه شواطئ اميركا قام باكتشاف سيبدل وجه العالم الى الأبد. ولكن اصول البحار المستكشف تبقى غامضة إذ لم يحسم في شكل مؤكد مكان ولادته، ويبقى المؤرخون مترددين ما بين جنوى والبندقية والبرتغال وكورسيكا وكاتالونيا ومايوركا وايبيزا. وبحسب غالبية المؤرخين، فإن كريستوف كولومبوس ولد في جنوى عام 1451 في عائلة من صانعي النسيج وأظهر ميلاً مبكراً الى استكشاف العالم فجاب منذ سن التاسعة عشرة انكلترا والبرتغال والبحر المتوسط في فترة الرق والقرصنة وحوادث الغرق. ويقال انه لم يكن يكتب بالايطالية بل بلغة اسبانية حافلة بالاستعارات البرتغالية والكاتالونية. وكان كولومبوس يتكلم اللاتينية بطريقة بدائية تكفيه لقراءة المقاطع الخاصة بما رواه المستكشف ماركو بولو عن سيباندو اليابان حالياً وبلاد جنكيز خان، في كتابات عالم الرياضيات الفلورنسي باولو دل بوزو توسكانيلي. وعلى رغم توقه الى استكشاف العالم، تريث كولومبوس اكثر من عشر سنوات قبل ان يتمكن من تمويل مشروعه. وكان كولومبوس يخطط للوصول الى اقصى الشرق بلاد الهند ويعتزم من اجل ذلك الإبحار غرباً وكان على قناعة بأن هذا الإنجاز في متناوله على رغم أخطائه الحسابية في تقدير المسافات. ويعتقد البعض انه لم يفصح عن كل ما يعرفه عن وجود اراض في الضفة الاخرى من الاطلسي. وقبل ان يبحر كولومبوس في مشروع حياته، اقام في جزيرة ماديرا البرتغالية حيث تزوج من فيليبا مونيز دي بيريستريلو ابنة الحاكم المحلي التي انجبت له ابنه دييغو. وبعد وفاة زوجته عام 1485 انتقل كولومبوس الى منطقة قريبة من بويرتو دي باولوس جنوباسبانيا حيث استقبله رهبان الفرنسيسكان وحظي بدعم الأب خوان بيريز المؤتمن على أسرار الملكة ايزابيل والذي لعب دوراً أساسياً في المفاوضات من اجل إقناع العرش الاسباني بتمويل مشروعه. وفي انتظار الحصول على رد، ارتبط كولومبوس ببياتريز انريكيز دي ارانا التي انجبت له ابنه الثاني هرناندو المولود في 15 آب اغسطس 1488. واضطر في تلك الفترة الى رسم خرائط وبيع كتب مصورة لكسب لقمة عيشه. وبعد فشل محاولات لدى التاجين البرتغالي والانكليزي للحصول على تمويل، فاز كولومبوس اخيراً بدعم فردينان وايزابيل الكاثوليكية ملك وملكة قشتالة وأراغون بعد ان ابديا تمنعاً خوفاً من طموح كولومبوس الهائل. وفي 17 نيسان ابريل 1492، وفي اعقاب سقوط غرناطة وقع فردينان وايزابيل"امتيازات سانتا في"التي عين كولومبوس بموجبها اميرالاً بحرياً نائباً للملك وحاكماً على اي اراض يكتشفها، ما يستشف منه عدد من الخبراء انه كان على يقين بأنه سيكتشف اراضي، فيما يتحدث بعضهم عن"اكتشاف مسبق". ويقول البعض ان كولومبوس كان يعتبر نفسه اداة بيد العناية الالهية التي ستقوده الى اكتشاف أحدث في العالم ثورة لم يتكهن إطلاقاً بأبعادها، وقد بقي حتى آخر يوم من حياته يجهل انه وطئ ارض اميركا. وبعد شهرين على ابحاره في سفينة"سانتا ماريا"بمواكبة المركبين"لا بينتا"و"لا نينيا"، وصل كولومبوس وطاقمه في 12 تشرين الاول اكتوبر 1492 الى أرخبيل باهاماس. وتلت ذلك ثلاث رحلات، غير ان صورة البحار المغامر بهتت في اسبانيا حيث اتهم بسوء ادارة الامبراطورية الناشئة وباعتماد نهج عنيف في التعامل مع سكانها. وفي 20 ايار مايو 1506 وبعد عامين على آخر رحلة له، توفي كريستوف كولومبوس وسط لا مبالاة تامة، ثرياً إنما مجرداً من ألقابه وأمجاده. وما زال العلماء يسعون حتى يومنا هذا الى معرفة ما اذا كانت رفاته ترقد في كاتدرائية اشبيليا او في جمهورية الدومينيكان.