من هو كريستوفر كولومبوس: هل هو ابن حائك إيطالي أم أرستقراطي أسباني؟ وأين يوجد قبره؟ هل في مدينة اشبيلية جنوبي أسبانيا أم في جمهورية الدومينيكان؟ وفي مسعى لحل هذه الالغاز القديمة المتعلقة بميلاد ومكان دفن مكتشف العالم الجديد، يعتزم مجموعة من العلماء الاسبان اللجوء لاختبارات الحامض النووي (دي.إن.إيه). وثمة مزاعم حاليا بأن قبر كولومبوس يوجد في الكاتدرائية القوطية الضخمة في اشبيلية، لكن هناك مزاعم أخرى بأنه موجود في أثر شاهق يعرف باسم منارة كولومبوس في سانتو دومينجو عاصمة الدومينيكان. وفي حالة موافقة كل من الكنيسة الكاثوليكية الاسبانية والسلطات في الدومينيكان، فستقوم مجموعة العلماء بنبش القبرين المزعومين وإخراج العظام منهما لاستخلاص عينات من الحامض النووي ومقارنتها بالحامض النووي لكل من دييجو شقيق كولومبوس وابنه هيرناندو. ويعتقد بصورة عامة أن كريستوفر كولومبوس ولد عام 1451 لاسرة حائك صوف في ميناء جنوة الايطالي، غير أنه لا يعرف أن الادميرال زار جنوة في وقت لاحق من حياته، وكان يكتب دائما بالاسبانية. ومازال بعض الخبراء يعتقدون بأن كولومبوس لم يولد في إيطاليا وإنما ولد في جزيرة مايوركا الاسبانية، وأنه كان ابنا غير شرعي لامير فيانا من امرأة من سكان الجزيرة. وتزعم روايات أخرى أن كولومبوس ابن أسرة من جنوة من أصل أسباني-يهودي أو أسرة يهودية ثرية عاشت على جزيرة إبيزا. ولا يقل مكان قبر كولومبوس غموضا عن محل ميلاده. فقد توفى المستكشف عام 1506 في ظروف غامضة نسبيا في مدينة "بلد الوليد" الاسبانية، ومنها نقل رفاته إلى دير في اشبيلية بعد بضعة أعوام. وحوالي عام 1537 شحنت رفات كولومبوس إلى سانتو دومينجو وتحديدا إلى جزيرة في البحر الكاريبي عرفت في ذلك الوقت باسم هيسبانيولا حيث أنه كان يرغب في أن يدفن في الاميركتين. وعندما سلمت أسبانيا سانتو دومينجو لفرنسا عام 1795 أخذت العظام التي أعتقد أنها لكولومبوس إلى العاصمة الكوبية هافانا لكي توارى التراب في أرض أسبانية. وعندما طرد الاسبان من كوبا، أعيد رفات كولومبوس إلى اشبيلية عام 1898. غير أن عمالا في كاتدرائية سانتو دومينجو اكتشفوا اكتشافا مذهلا عام 1877 حيث استخرجوا جرة تحتوي على عظام ومنقوش عليها عبارة: "الرجل الشهير النابغة، دون كريستوفر كولومبوس". واستنتج سكان الدومينيكان من هذا الاكتشاف أن الاسبان أخذوا عظاما أخرى بطريق الخطأ إلى هافانا، وشيدوا مقبرة أثرية لكولومبوس على شكل صليب. ويريد الان مجموعة من المؤرخين وخبراء الطب الشرعي الاسبان بقيادة الباحث مارسيل كاسترو من اشبيلية أن يحلوا النزاع القائم منذ قرن بين اشبيلية وسانتو دومينجو. وتساند حكومة إقليم الاندلس خطتهم لمقارنة عينات الحامض النووي من مجموعتي العظام بتلك المستخلصة من رفات دييجو شقيق كولومبوس وابنه هيرناندو، وكلاهما مدفون في اشبيلية. ويمكن أن تبين مقارنة العينات بالحامض النووي لابناء عائلة فيانا ما إذا كان كولومبوس هو ابن مايوركا فعلا وليس جنوة. ولكن حتى إذا وافقت السلطات في الدومينيكان والكنيسة الكاثوليكية الاسبانية للباحثين على نبش القبرين، فإن النجاح غير مؤكد بالمرة. فمن المعروف أن عينات الحامض النووي تتحلل بمرور الوقت، وثمة احتمال أن تكون البصمة الوراثية لكولومبوس في حالة سيئة بعد مرور خمسة قرون على وفاته. ومن بين المشكلات الاخرى التي قد تظهر، الشكوك التي تحيط بهوية رفات دييجو المزعومة. ويعتقد بعض الخبراء حتى أن عمليات النقل المتعاقبة تركت رفات كولومبوس مقسمة بين اشبيلية وسانتو دومينجو. ومن المحتمل أيضا أن تكون رفات البحار العظيم قد دفنت في أربعة أماكن، حيث يعتقد بأنه تم إرسال بعض عظامه إلى جنوة والفاتيكان.