بعد أيام من إعلان أسمرا رفع مستوى تمثيلها الديبلوماسي في الخرطوم وترشيح أحد سفرائها السابقين للعمل هناك، يتوقع ان يصل غداً الإثنين الى العاصمة السودانية وفد أريتري رفيع، في وقت أعلن"المؤتمر الوطني"الحاكم اعتزامه إرسال وفد الى جارته الشرقية. فهل وصلت العلاقات بين هذين الجارين الى مرحلة يمكن فيها القول ان الخصومة السابقة باتت شيئاً من الماضي؟ قد يكون من المبكر الوصول الى هذه الخلاصة، لكنّ البلدين سائران على ما يبدو في اتجاه تطبيع العلاقات. وكشف ل"الحياة"وزير الخارجية الاريتري بالوكالة رئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في الخارجية السفير محمد عمر محمود ان وفداً رفيعاً يضم مسؤول الشؤون التنظيمية في"الجبهة الشعبية للديموقراطية والعدالة"الحزب الحاكم في أسمرا عبدالله محمود جابر والمسؤول السياسي في الحزب يماني غبرآب والسفير عيسى أحمد عيسى، المرشح لتسلم السفارة الاريترية في السودان، يتوقع وصوله الاثنين الى الخرطوم في زيارة"مهمة". وتتزامن هذه الزيارة مع إعلان"المؤتمر الوطني"، الحزب الحاكم في السودان، اعتزامه ارسال وفد على مستوى قيادي الى اريتريا. وقال أمين العلاقات الخارجية في الحزب الدكتور كمال عبيد ان الزيارة تأتي في إطار جهود تحسين العلاقات بين البلدين، من جهة، وبين الحزبين الحاكمين من جهة أخرى، مشيراً الى استمرار الاتصالات لترميم العلاقات. وعلم ان الخرطوم لم تسم الى اليوم سفيراً في أسمرا التي رشّحت عيسى رسمياً لمنصب السفير منذ فترة. وسبق ان عمل عيسى في السودان قبيل قطع العلاقات عام 1994. وقصة التوتر بين الحكومتين قديمة تؤجج نيرانها الاختلافات الايديولوجية بين النظامين في أسمرا والخرطوم، على رغم ان العلاقات كانت جيدة عندما استقلت اريتريا عن أثيوبيا عام 1991. ومعلوم ان نظام"الانقاذ"في الخرطوم دعم الثورة الاريترية ضد أثيوبيا بهدف تحجيم"الجيش الشعبي"بزعامة جون قرنق المدعوم آنذاك من أديس أبابا، وهو تكتيك استخدمته الحكومات السودانية المتعاقبة ويقضي بدعم الثوار الاريتريين كلما حقق ثوار الجنوب انتصارات ميدانية. إلا ان المواقف تبدلت بعد استقلال اريتريا ببضعة أعوام وتحوّل الأصدقاء الى أعداء. فقد أشعلت الخرطوم غضب أسمرا الفتية المتألقة بوهج انتصار الثورة، حين تبنّت"الانقاذ"توجهاً اسلامياً ولجأت الى تسليح جماعات إسلامية أريترية مثل"الجهاد". وجاء رد فعل أسمرا عنيفاً، وتجلى بتسليم مباني السفارة السودانية عام 1995 الى"التجمع الوطني"السوداني المعارض. ولم تفلح جهود عديدة لتطبيع العلاقات. لكن"الحركة الشعبية"سعت بعد دخولها حكومة الوحدة الوطنية في تموز يوليو الماضي، الى نزع فتيل التوتر، فبدأت زيارات متبادلة توجت بزيارة النائب الأول للرئيس السوداني سلفاكير ميارديت الى اريتريا. وطرحت"الحركة الشعبية"قبل أيام أن تستضيف أسمرا المفاوضات لحل أزمة شرق السودان، وهو أمر تؤكد مصادر ديبلوماسية ان اريتريا سترحب به.