لاحظ الصحافيون الفلسطينيون ان نص نسخة الرسالة التي وجهها وزير الشؤون الخارجية الدكتور محمود الزهار الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان، والتي تلقوها من مكتب الوزير في غزة أمس يخلو من عبارتين احتوت عليهما الرسالة الرسمية التي تلقاها انان. والنسختان"الوافية"والمبتورة"للرسالة مطبوعتان على الورق الرسمي ل"السلطة الوطنية الفلسطينية، وزارة الشؤون الخارجية، ديوان الوزير"ومذيلتان بتوقيع الدكتور الزهار. ففي الفقرة التي نصت على"ان اجراءات الاحتلال الاسرائيلي ... ستقضي نهائيا على أية آمال لتحقيق التسوية والسلام على أساس حل الدولتين"، جرى اسقاط الجملة الأخيرة"على أساس حل الدولتين". اما في الفقرة التي نصت على"نحن نتطلع كباقي شعوب العالم الى العيش بسلام وأمان، وان يتمتع شعبنا بالحرية والاستقلال والحياة الكريمة جنباً الى جنب مع باقي جيراننا في هذه البقعة المقدسة من العالم"في نهاية الرسالة، فقد تم اسقاط الجملة الأخيرة وهي"مع باقي جيراننا". وفي خطوة تشير الى الانقسام الواضح بين موظفي وزارة الخارجية الجدد الذين ينتمون الى حركة"حماس"والقدامى المنتمون لحركة"فتح"، وزّعت الوزارة أمس نسختي الرسالة الأولى والمعدلة. وفيما نفى الدكتور الزهار والمقربون منه في الوزارة ورود هاتين العبارتين في رسالته، أكد مراقب فلسطين في الأممالمتحدة رياض منصور ورود العبارتين المذكورتين في نص الرسالة الموجهة الى انان. وتتخوف اوساط فلسطينية من ظهور ازدواجية في خطاب"حماس"كما تتخوف من ظهور خطابين باسم الشعب الفلسطيني احدهما يمثله الرئيس محمود عباس والآخر حكومة"حماس"، ما سيفقد الفلسطينيين صدقيتهم في المنابر الدولية في وقت هم احوج ما يكونون فيه الى التزام نهج سياسي موحد ازاء خطة رئيس الحكومة الاسرائيلي المكلف ايهود اولمرت لرسم حدود اسرائيل احادياً على حساب الفلسطينيين. ونقلت وكالة"فرانس برس"عن فرحات اسعد، المسؤول البارز في"حماس"بالضفة الغربية قوله في حديث لها ان حركته"تفرق بين الحكومة التي هي حكومة الشعب الفلسطيني وبين الحركة"الأم حركة"حماس"الاسلامية. واعتبر اسعد الذي قال ان موقف الحكومة غير ملزم ل"حماس"ان"حماس لن تسعى الى التأثير في موقف الحكومة لكنها يمكن ان تختلف معها". وتبدي"حماس"منذ فوزها في الانتخابات وتشكيل الحكومة حرصاً شديداً في انتقاء مفردات خطابها السياسي الموجه للعالم الخارجي. اذ لم يذكر رئيس الوزراء الدكتور اسماعيل هنية في بيانه الوزاري كلمة المقاومة واكتفى بدلا من هذه الكلمة التي تعد من أساسيات الخطاب السياسي ل"حماس"بجملة"حق شعبنا في مواجهة الاعتداءات". واستخدم أيضا عبارات مرنة تجاه التزامات السلطة الفلسطينية مثل"التعامل بمسؤولية وطنية عالية مع الاتفاقات". و"منظمة التحرير مظلة وطنية وعنوانا نضالياً للشعب الفلسطيني". وتشترط الادارة الأميركية واللجنة الرباعية، التي تضم الى جانب الولاياتالمتحدة كلاً من الاممالمتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا، على حكومة"حماس"الاعتراف باسرائيل والاعلان عن نبذ العنف مقابل فتح الحوار معها وتزويدها بالدعم المالي اللازم للخزينة الفارغة. لكن مسؤولين في الحركة يقولون انهم لن يستجيبوا لهذه الشروط على هذا النحو. وقال مسؤول رفيع في الحركة ل"الحياة":"نحن ندرك ان علينا في النهاية ان نفاوض اسرائيل ونعترف بها، لكننا لن نقدم لاسرائيل ما تطلبه من دون ثمن". واضاف:"الاعتراف المتبادل يأتي في نهاية مفاوضات تؤدي الى سلام يحصل بموجبه كل طرف على حقوقه، وليس قبل ان تبدأ المفاوضات". ومضى يقول:"وعليه فنحن نستخدم مفردات مرنة في خطابنا الموجه للغرب كي يدرك هذا الغرب انه ليس لدينا موقف عدائي عقائدي من اسرائيل والغرب وانما موقف سياسي يقوم على حسابات الربح والخسارة". يذكر ان الدكتور محمود الزهار عيّن عدداً من المساعدين له من أعضاء"حماس"في الوزارة التي تسلم مهماته الرسمية فيها في الثلاثين من الشهر الماضي بينهم مساعد للشؤون الاعلامية.