بدا امس ان"حركة المقاومة الاسلامية"حماس والحكومة التي شكلتها ما زالتا تتبنيان خطاباً مزدوجاً قابلاً للتأويل على اكثر من وجه في ما يتعلق بالموقف من اسرائيل واجراء اتصالات معها لاغراض عملية وامكان او عدم امكان اجراء مفاوضات سياسية معها. وقد برز تطوران في هذا السياق امس احدهما من خلال اول اجتماع لحكومة"حماس"برئاسة اسماعيل هنية، والثاني يتعلق بروايتين لرسالة من وزير الخارجية الدكتور محمود الزهار الى الامين العام للامم كوفي انان بدا ان احداهما للاستهلاك الداخلي والاخرى موجهة من خلال انان الى أسماع المجتمع الدولي. راجع ص 6. واعلن هنية امس للصحافيين خلال فترة استراحة، خلال اجتماع طويل هو الاول الذي تعقده الحكومة برئاسته، ان الفلسطينيين يريدون من الحكومة الاسرائيلية المقبلة ان تتخذ"قرارات جريئة ... لجهة حقوق شعبنا المشروعة وعدم القيام باجراءات احادية او وضع حدود موقتة فلسطينية وان يتوقف التصعيد ضد شعبنا". واعطى هنية الضوء الاخضر لاعضاء حكومته للاتصال بالاسرائيليين لمعالجة القضايا الحياتية والتجارية والمتعلقة بالعمال الفلسطينيين، من دون ان يغلق الباب كلياً امام احتمال اجراء مفاوضات سياسية، اذ قال ان"هناك اشكالية في ما يتعلق بالتفاوض السياسي الذي يدخل في اطار رؤية سياسية وفي الوقت نفسه ننتظر ما سيعرض علينا لندرسه ونحدد موقفنا منه". وقال هنية ايضاً ان"وزارة المالية تسلمت مالية خالية كلياً من أي مبالغ فضلا على الديون المتراكمة على وزارة المالية وعلى الحكومة بشكل عام". وعقدت الحكومة الفلسطينية اجتماعها امس في مقريها بمدينتي غزة و رام الله عبر تقنية الدائرة التلفزيونية المغلقة"فيديو كونفرنس"بسبب عدم سماح سلطات الاحتلال الاسرائيلي للوزراء بالتحرك بين القطاع والضفة. من جهة اخرى، لاحظ الصحافيون الفلسطينيون ان نص نسخة الرسالة التي وجهها الزهار الى انان اول من امس والتي تلقوها من مكتب الوزير في غزة أمس يخلو من عبارتين احتوت عليهما الرسالة. ففي الفقرة التي نصت على"ان اجراءات الاحتلال الاسرائيلي... ستقضي نهائيا على أية آمال لتحقيق التسوية والسلام"، جرى اسقاط الجملة الأخيرة وهي"على أساس حل الدولتين". اما في الفقرة التي نصت على"نحن نتطلع كباقي شعوب العالم الى العيش بسلام وأمان، وان يتمتع شعبنا بالحرية والاستقلال والحياة الكريمة جنباً الى جنب في هذه البقعة المقدسة من العالم"في نهاية الرسالة، فاسقطت منها عبارة"مع باقي جيراننا". وفيما نفى الزهار والمقربون منه في الوزارة ورود هاتين العبارتين في رسالته، أكد مراقب فلسطين في الأممالمتحدة رياض منصور ورود العبارتين المذكورتين في نص الرسالة الموجهة الى انان. وتتخوف اوساط فلسطينية من ظهور ازدواجية في خطاب"حماس"كما تتخوف من ظهور خطابين باسم الشعب الفلسطيني احدهما يمثله الرئيس محمود عباس والآخر حكومة"حماس". ونقلت وكالة"فرانس برس"عن فرحات اسعد، المسؤول البارز في"حماس"بالضفة الغربية قوله في حديث لها ان حركته"تفرق بين الحكومة التي هي حكومة الشعب الفلسطيني وبين الحركة"الأم حركة"حماس"الاسلامية. واعتبر اسعد الذي قال ان موقف الحكومة غير ملزم ل"حماس"ان"حماس لن تسعى الى التأثير في موقف الحكومة لكنها يمكن ان تختلف معها". وعقب الناطق باسم الخارجية الاسرائيلية مارك ريغيف على رسالة الزهار قائلاً:"وزير الخارجية الفلسطيني يتحدث في الرسالة عن تعاون وسلام في المنطقة لكنه مع الاسف يتكلم عن المنطقة بدون اسرائيل". ورأى مارك هيلر من معهد الدراسات الاستراتيجية في جامعة تل ابيب ان"المهم هو ما تؤكده حماس للرأي العام الداخلي، والبقية ذر للرماد في العيون". واضاف:"اذا بدلت حماس موقفها حيال النقطة الاساسية المتعلقة بالاعتراف باسرائيل، فلن تعود حماس وستكون بذلك قريبة من مواقف عدوها اللدود حركة فتح".