تسارعت خطوات نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي المكلف في سبيل تشكيل أول حكومة دائمة، واتجه أمس إلى النجف للقاء المرجع الشيعي السيد علي السيستاني وعدد آخر من المراجع الدينية للوقوف على آرائهم بشأن تقاسم الحقائب الوزارية بين الكتل النيابية. واشادت الولاياتالمتحدة وبريطانيا بالمرشحين لتولي المسؤوليات الرفيعة في الحكومة العراقية الجديدة، كما تواصلت اجتماعات القوى السياسية العراقية للاتفاق على الحقائب الوزارية لا سيما السيادية ونائبا رئيس الوزراء. وأصدر مكتب السيد السيستاني في النجف بياناً بعد لقائه المالكي اكد فيه اهمية"تشكيل الحكومة من عناصر كفؤة علمياً وادارياً وتتسم بالنزاهة والسمعة الحسنة مع الحرص البالغ على مصالح الشعب والتغاضي عن المصالح الشخصية والحزبية". ولفت البيان الذي تسلمت"الحياة نسحة منه الى ان السيستاني أكد للمالكي"ضرورة حصر حمل السلاح بيد القوات الامنية الحكومية وبناء هذه القوات على اسس وطنية سليمة بحيث يكون ولاؤها للوطن وحده لا لشيء او لأي جهة سياسية اخرى". وأشار الى ان المرجعية الدينية ستواصل مراقبتها لعمل الحكومة والاشارة الى الخلل اينما وجدته. ونفى نوري المالكي وجود فيتو أميركي على أي شخص مرشح لدخول الحكومة، ووعد ببناء حكومة قوية ووطنية. وقال في مؤتمر صحافي عقده عقب لقائه السيستاني في منزله بمدينة النجف:"جئت لأجدد العهد مع المرجعية الدينية لموقفها المشرف الحامي والمساند للحكومة العراقية". وأكد"لقد اوصانا سماحة السيد بأن نكون عراقيين بالدرجة الاولى ونتمسك بالعراق ونعمل من اجل وحدته شعباً وارضاً عبر تشكيل حكومة وطنية تضم كل الطيف العراقي وتسعى لتوطين السلم الاهلي والمصالحة الوطنية وايجاد افضل العلاقات مع دول الجوار لمواجهة التحديات في مكافحة الارهاب و الفساد الاداري و الاصلاح الداخلي". واستطرد:"لدينا مهمات كبيرة والمرجعية وعدت بمساندتنا". ونفى المالكي أي علاقة بين لقائه السيستاني وبين زيارة كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد الى بغداد امس الأول وقال:"لا علاقة بين زيارتي للنجف وزيارة رامسفيلد ورايس والتي كانت لأجل الاطمئنان على الوضع الجديد في العراق والقدرة على بناء الاجهزة الامنية العراقية لتسلم الملف الأمني تمهيداً لانهاء وجود القوات الاجنبية لكن زيارتي للنجف هي لأخذ مباركة المراجع الدينية للحكومة التي نعتزم اعلانها". وعن حل الميليشيات المسلحة افاد ان"التوجه الذي عملنا به والذي تؤيده المرجعية الدينية يوجب بان يكون السلاح بيد الحكومة لأنها هي المسؤولة عن حماية المواطنين ولكن الحكومة في الوقت ذاته لا يمكنها ان تسحب السلاح من دون توفير الامن". وزاد ان دمج المليشيات ليس تقليلاً من شأنها وانما تكريماً لها لما قامت به ضد الدكتاتوريات السابقة ومن اجل حل مشكلة بقاء السلاح خارج اطار الدولة". وحول مسألة كركوك العالقة، قال المالكي:"الدستور الذي كتبناه وصوت عليه الشعب وضع الحلول المناسبة لمسألة كركوك وسنلتزم به"، وفي ما يتعلق بوزارتي الدفاع والداخلية اوضح"ان هناك توجهاً ان تتولى الوزارتين عناصر ليست محسوبة على أي طرف وهذا التوجه موجود لكنه لم يحسم بعد". وزار المالكي بعد لقائه السيد علي السيستاني المرجعين الشيعيين السيدين محمد سعيد الحكيم واسحق الفياض في منزليهما بالنجف ثم توجه الى منزل الزعيم الشيعي السيد مقتدى الصد. واستنكر الصدر زيارة رايس ورامسفيلد إلى العراق، وقال في مؤتمر صحافي مشترك عقده في منزله في النجف عقب لقائه مع المالكي:"إن زيارة الوفد الأمريكي تدخل صارخ في الشأن العراقي وأتمنى أن يكون الجميع على قدر المسؤولية ويحترم سيادة العراق وشعبه وأمنه. وأضاف ان زيارة المالكي له تفتح باباً للتعاون بما يخدم العراقيين، مشيراً الى ضرورة"ان تكون مهمة الحكومة الاولى استقرار العراق من خلال جدولة الانسحاب الاجنبي عبر البرلمان العراقي". واوضح الصدر:"قلت للأخ رئيس الوزراء يجب ان تبدي اهتماماً مضاعفاً بكل ما يهم العراقيين من استقرار أمني وخدمات وقد وعد بأن يكون على قدر من المسؤولية لذلك". الى ذلك، قالت رايس في تصريحات للصحافيين الذين يرافقونها الخميس انها ورامسفيلد وجدا ان الساسة العراقيين الساعين لتشكيل الحكومة جادون في عملهم مما يبعث على الشعور بالامل في قيام حكومة موحدة. واكدت"لديهم افكار جيدة ويعملون بروح الفريق مدركين ان عدم رضا جميع مكونات الشعب على حكومتهم لن يكفل نجاحهم. وتابعت رايس قائلة"الشيء المهم الآن هو أن تبدأ الحكومة في العمل واختيار وزراء متمكنين يعكسون اهمية وجود حكومة وحدة وطنية وبعدها يبدأون التعامل مع الوضعين الامني والاقتصادي". وبالنسبة الى تشكيلة حكومة المالكي اكدت مجددا ان اعضاء الحكومة يجب أن لا يتسموا بالنزعة الطائفية. الى ذلك تواصلت مفاوضات تقاسم الوزارات بين الكتل السياسية الثلاث الائتلاف الشيعي والتوافق السني والتحالف الكردستاني في غياب اياد علاوي وصالح المطلك. وقال رضا جواد تقي عضو"الائتلاف"عن"المجلس الأعلى للثورة الاسلامية"ل"الحياة"ان المفاوضات درست معضلة تقاسم الحقائب السيادية الخمس الدفاع والداخلية والمال والنفط والخارجية من دون اتفاق يذكر. وأضاف ان كل كتلة نيابية قدمت الى نوري المالكي أسماء مرشحيها للوزارات التي ترغب في الاحتفاظ بها وهناك اتفاق أن يتم تقاسم الحقائب بالتوافق. وأشار تقي الى ان"الائتلاف"يرغب في االحصول على حقيبتي الداخلية والنفط بحيث تكون الأولى من حصة المستقلين والثانية لحزب"الفضيلة"الاسلامي على ان يتقاسم حزب"الدعوة - تنظيم العراق"والتيار الصدري و"منظمة بدر"الوزارات الخدمية والسياسية الاخرى بعدما حصل حزب"الدعوة"على رئاسة الوزراء المالكي و"المجلس الأعلى"على نيابة رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي لافتاً الى انه من المرجح ان يفوز"المجلس"بوزارة اخرى. وأوضح تقي ان الاجتماع بحث في منح العرب السنة وزارتي الدفاع والخارجية مقابل اعطاء حقيبة المال الى الاكراد مبيناً ان أي اتفاق لم يتم حول أي من هذه الحقائب، ولفت الى احتمال ارتفاع عدد الحقائب الوزارية واستحداث وزارات جديدة او تحويل هيئات معينة الى وزارات بحيث يرتفع العدد الى اربعين. وفضلاً عن الوزارات السيادية الخمس تضم الوزارات السياسية كلاً من وزارة الأمن الوطني ووزارة شؤون البرلمان ووزارة شؤون المجتمع المدني ووزارة المرأة ووزارة شؤون السياحة والآثار فيما تضم وزارات الخدمات كلاً من الكهرباء والتجارة والصناعة والزراعة والموارد المائية والتربية والتعليم العالي والعمل وحقوق الإنسان والاعمار والاسكان والاتصالات والنقل والعدل والعلوم والتخطيط والتكنلوجيا والهجرة والمهجرين والثقافة. ولفت تقي الى ان اجتماع امس اصطدم بعقدة نائب رئيس الوزراء للشؤون الأمنية الذي ترغب في الحصول عليه كل من"التوافق"العراقية و"جبهة الحوار"حيث رشحت رافع العيساوي واياد علاوي وصالح المطلك على التوالي. وافاد ان"الائتلاف"لن يسمح باستبعاد أي طرف من معادلة تشكيل الحكومة لأن الاستحقاقين الانتخابي والوطني يقضيان بمشاركة جميع الكتل بالمناصب السياسية. وكشف حسن الساري عضو الائتلاف ل"الحياة"ان"المجلس الاعلى"و"منظمة بدر"اعادا ترشيح وزير الداخلية المنتهية ولايته باقر الزبيدي لولاية جديدة فيما رشح المستقلون قاسم داود للمنصب وسط رأي ثالث يقول بانتخاب شخصية مستقلة شيعية من خارج الكتلة. وأكد زعيم"جبهة التوافق"السنية عدنان الدليمي ل"الحياة"ان جبهته مصرة على الحصول على منصب نائب رئيس الوزراء لكنها لا تمانع في ذهاب حقيبة الدفاع الى شخصية سنية من خارج"الجبهة"على ان تكون وطنية وكفوءة. وقال ظافر العاني الناطق باسم"الجبهة"في تصريحات صحافية ان"التوافق"ابلغت نوري المالكي رئيس الوزراء المكلف بمطالبها من الوزارات ومن بينها وزارتا الدفاع والخارجية. ولفت العاني الى ان الوزارات التي ستفوز بها الكتلة السنية سيتم تقاسمها بين"مجلس الحوار"و"مؤتمر اهل العراق"بعدما حصل"الحزب الاسلامي"على منصب نائب رئيس الجمهورية ورشح احد اعضاء قيادته لنائب رئيس الوزراء. وذكر عباس البياتي عضو"الائتلاف"عن"الاتحاد الاسلامي لتركمان العراق"أن النواب التركمان يطالبون بوزارتين على الأقل الى جانب منصب النائب الرابع لرئيس الوزراء. وأكد قيادي الكردي عبد الخالق زنكنة ل"الحياة"ان الاكراد طالبوا بمهلة يومين لتقديم مطالبهم وعرض مرشحيهم على المالكي وذلك بعد التفاهم بين"الاتحاد الوطني الكردستاني"و"الحزب الديموقراطي الكردستاني". واشار الى ان التحالف الكردي يسعى خلال المفاوضات الحالية الى الدفع باتجاه منح المناصب الامنية الى مستقلين سياسياً وحزبياً وعسكرياً. من جهته قال عدنان البا جه جي ل"الحياة"ان عدم حصول"القائمة العراقية"بزعامة اياد علاوي على الرئاسات الثلاث يعطيها الحق برفع سقف مطالبها في الوزارات فضلا ًعن نائب رئيس الوزراء، وإلا فإن القائمة ستبقى في المعارضة، كما فعلت مع حكومة ابراهيم الجعفري. وأكد زعيم"جبهة الحوار"صالح المطلك ان الاميركيين يضغطون باتجاه تولي المستقلين الوزارتين الأمنيتين لافتاً الى ان جبهته لم تحدد بعد موقفها من المشاركة في الحكومة. على صعيد ذي صلة اعتبرت"هيئة علماء المسلمين"في بيان اصدرته أمس وتسلمت"الحياة"نسخة منه ان تشكيل الحكومة الدائمة على أساس المحاصصة الطائفية"صفقة"خطط لها الاحتلال الاميركي. وجاء في بيان الهيئة انه"مع بداية كلّ عملية سياسية كنا نحذر من المشروع الأميركي في تقسيم البلاد طائفياًً وما يترتب على ذلك من تداعيات لا تحمد عقباها، منها قيام دولة ضعيفة لا تقوى على الخروج من المأزق الامني". وزاد:"ان تشكيل الحكومة بهذا المنهج لن يخرج العراق من الحلقة المفرغة". في هذا الصدد، اكد موفق الربيعي مستشار الامن القومي المنتهية ولايته وجود خطة عراقية قد تؤدي الى خفض حجم القوات الاميركية في العراق خلال العام الحالي وانسحاب معظم هذه القوات خلال العامين المقبلين مؤكداً خلال ندوة حضرها وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد ان الخطة تهدف الى تحمل العراقيين المسؤولية الامنية بشكل تدريجي.