أنتم سبب تأخر المحافظة.. قال لي!    أمانة الرياض تطرح فرصًا استثمارية لعام 2025    استكمال الطريق الدائري الثاني (الضلع الغربي) في مكة    غوتيريش: التوسع المستمر للمستوطنات الإسرائيلية يغيّر معالم الضفة الغربية    وزير السياحة يزور جدة ويتجول في معالمها السياحية    لائحة تهديفية تمنح مهاجم الهلال الأفضلية على فينيسيوس جونيور    «سلمان للإغاثة» يوزّع 190 سلة غذائية في بلدة شبعا بلبنان    وزير «الشؤون الإسلامية» يوجه باستكمال بناء الجامع المركزي في مدينة بودوييفا الكوسوفية    جهود أمنية في العشر الأواخر    ضبط مواطن في القصيم لترويجه أقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    إطلاق هاتفيّ Phone 3a و3a Pro من Nothing في الشرق الأوسط تزامناً مع حلول عيد الفطر        19 طرازًا معماريًا ضمن خريطة العمارة السعودية ترسم مستقبل المدن في المملكة    تقارير.. برشلونة يترقب المشاركة في كأس العالم للأندية    مطار هيثرو يعلن استئناف «بعض الرحلات»    جمعية رواد للعمل التطوعي ممثلة بفريق "صناع التميز التطوعي" تشارك في الإفطار الجماعي بمحافظة بيش    الأخضر يصل إلى اليابان    أبرز العادات الرمضانية في بعض الدول العربية والإسلامية.. دولة إندونيسيا    جامعة الملك خالد الأولى وطنيًّا والثانية عربيًّا والخمسون عالميًّا    ابتدائية 32 للبنات بخميس مشيط تنظم مبادرتي "فرحة يتيم" و"كسوة العيد" لأيتام "عطاء"    رينارد يحطم أرقام سلبية في المنتخب السعودي    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجمع بين معايير البناء قديمًا وحديثًا في تجديد مسجد القلعة    المسجد النبوي.. جهود مضاعفة لاستقبال العشر الأواخر    الخطوط السعودية تلغي رحلاتها من وإلى لندن حتى إشعار آخر    مؤشر الأسهم اليابانية يسجل أعلى مستوى في 8 أشهر    تدشين أول تطبيق لتوثيق ملكية العقارات البلدية رقميًا في الشرقية    وقاء عسير ينظم "مسامرة رمضانية" ضمن مبادرة اجاويد3    تكريم الفائزين في ختام مسابقتي "رتل " و"بلال" بالأحساء    مستشفى النعيرية يعزز الصحة في رمضان بحملة "صم بصحة"    طيران الأمن في رئاسة أمن الدولة في أول ليلة من العشر الأواخر لشهر رمضان    ألمانيا تقلب الطاولة على إيطاليا بثنائية وتقترب من قبل نهائي دوري أمم أوروبا    محافظ الطائف يستقبل رئيس وأعضاء جمعية أدبي الطائف    محافظ الرس يرعى "رمضانيات" لنادي الرس الرياضي لذوي الإعاقة    جندلة بطلا لبطولة تنمية الشقيق الرمضانية    سلمان بن سلطان يدشّن المركز الكشفي للمهارات والهوايات الطلابية    السعودية تعود للانتصارات بالفوز على الصين    الذكاء الاصطناعي والحرب النووية: هل يمكن أن يصبح القرار بيد الآلة    مخيّم التفطير الدعوي لجمعية الدعوة بالصناعية القديمة يواصل عطاءه حتى ال 20 من رمضان 1446ه ،واستفادة أكثر من (18,443 صائمًا)    حسن كادش يغادر لقاء الأخضر والصين مصابًا    «الصحة» تقيم النسخة الخامسة من «امش 30» في المسار الرياضي    مستشفيات وعيادات دلّه تعلن عن مواعيد العمل خلال أيام عيد الفطر المبارك    مستشفى الإمام عبدالرحمن الفيصل يطلق حملة "صم بصحة" لتعزيز الوقاية خلال رمضان    جامعة أم القرى تستقبل القنصل لبوركينا فاسو لبحث التعاون الأكاديمي    ثماني سنوات من الطموح والإنجاز ذكرى البيعة لولي العهد محمد بن سلمان    رئيس الوزراء الباكستاني يصل إلى المدينة المنورة    نائب وزير التجارة تشكر القيادة بمناسبة تمديد خدمتها بالمرتبة الممتازة    سمو ⁧‫ولي العهد‬⁩ يستقبل أصحاب السمو أمراء المناطق بمناسبة اجتماعهم السنوي الثاني والثلاثين    مركز الملك سلمان يوزع سلالًا غذائية بسوريا وطاجيكستان    بعد اتصالات ترامب مع زيلينسكي وبوتين.. العالم يترقب النتائج.. محادثات أمريكية – روسية بالسعودية لإنهاء الحرب في أوكرانيا    يُحيي تراثًا عمرانيًا تجاوز عمره 14 قرنًا.. مشروع الأمير محمد بن سلمان يُجدد مسجد الحوزة بعسير    السعودية تدين استهداف موكب الرئيس الصومالي    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وصول التوأم الطفيلي المصري إلى الرياض    كيف أفسد ترمب صفقة المقاتلات على الولايات المتحدة    ‏⁧‫#نائب_أمير_منطقة_جازان‬⁩ يستقبل مدير فرع هيئة حقوق الإنسان بجازان المعيَّن حديثًا    نائب أمير جازان يقلّد مساعد قائد حرس الحدود بالمنطقة رتبته الجديدة    "الحياة الفطرية": لا صحة لإطلاق ذئاب عربية في شقراء    رأس الاجتماع السنوي لأمراء المناطق.. وزير الداخلية: التوجيهات الكريمة تقضي بحفظ الأمن وتيسير أمور المواطنين والمقيمين والزائرين    دعوات ومقاعد خاصة لمصابي الحد الجنوبي في أجاويد 3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جسر للحوار الفكري والثقافي بين ضفتي المتوسط . المنتدى المغربي - الإسباني يحتفي بإدوارد سعيد
نشر في الحياة يوم 27 - 04 - 2009

أُعْلِنَ في العاصمة الإسبانية مدريد عن تأسيس منتدى"مرصد طنجة - طريفة"، وهذا المنتدى سيحرص على مد الجسور الثقافية بين ضفتي المتوسط والذي يضم أكثر من مئة كاتب ومثقف وفنان من العَدْوَتَين المغرب وإسبانيا.
ولعلَّ تسمية المنتدى"مرصد طنجة - طريفة"كافية لتوضيح طبيعته. فالخط المستقيم الذي يوحِّد ما بين هذين الرأسين البحريّيْن، وهذين الميناءيْن، هو رمزٌ للعلاقة الملتبسة بين الشمال والجنوب، بين الغرب والشرق، وبين أوروبا وأفريقيا: قرب يكثف البعد، واتصال مفتوح على التنافر والانفصال. وربما لا توجد هناك مسافةٌ قصيرةٌ إلى هذا الحد على وجه البسيطة، تُقدَّر بأقل من تسعة أميال بحرية 16 كلم فقط، لكنها نجحت مع ذلك، في أن تُقِيمُ فصلاً شاذاً سياسياً وثقافياً بهذه الشساعة والعمق بين الضفتين. لذا فالمنتدى يقترح نفسه"جسراً"من خلال عدد من المشاريع الثقافية. وسيعمل على خلق إطار منفتح يتيح للشمال والجنوب معاً فرصاً حقيقية للحوار الجاد من أجل فهم أفضل للعلاقات التاريخية والثقافية بين المغرب وإسبانيا، بين أوروبا والعالم العربي، ثم بين الغرب والشرق. ولأن الشرق الأقرب إلى إسبانيا هو المغرب، فمن الطبيعي أن ينطلق التفاعل من هذا المحور تحديداً، على أن تتسع دائرة الحوار تدريجاً. لكن الجديد الذي سيأتي به المنتدى هو رهانه على فعاليات ثقافية وفكرية نزيهة. والنقاش داخله لن يبقى وقتاً على الخبراء الجيوسياسيين أو الأكاديميين من المتفرغين عملياً لهذه القضايا، حتى أنهم صاروا يقاربونها بلغة متخشبة، بل سيفتح المجال أمام المفكرين الأحرار والأدباء المستقلين ليُقدِّموا رؤى قد تختلف كثيراً عن آراء المتخصصين، لكنها بالتأكيد، ستكون أشد حرارة وجرأة وحيوية.
والفكرة هي أن يُبادر مفكرون، وكتّاب، وشعراء، وفنانون إسبان، إلى التعبير عن تصوراتهم الشخصية والثقافية لما هو مغربي ولما هو شرقي في طريقة حرة. أما الهدف فهو تحقيق المزيد من الدُنو والتَّمَاسِّ المباشر، والارتباط بالسيرة والذكرى الشخصيَّة، وبكل ما يمكن أن يوحي به للاسبان هذا العالم القريب والمجاور، ولكن البعيد أيضاً والمشحون بالصمت المتوجس والفراغات.
سيحاول المنتدى عبر لقاءاته وندواته وإصداراته العمل على تحقيق تعارف عميق ومتبادل بين عوالم يلزمُها أن تتخلَّى عن بقاء كل واحد منها مبتعداً عن الآخر، باتفاق مع التوجُّه المقترح على الأمم المتحدة من المندوبية الإسبانية والمسمى"تحالف الحضارات".
ولعل محور"طنجة - طريفة"يبقى محوراً عالمياً أيضاً، بل هو واحد من تلك المفترقات الحساسة حيثُ تتشعّبُ السُّبُل في اتجاهات متضادة جذريًّا، تماماً مِثل مَصْلَبٍ ذي اتجاه إلى الأعلى والأسفل واليسار واليمين. وهذه المحاور هي تمثيلاتٌ لتشابكات متعارضة، وهي تقاطعٌ ينفتح من الشرق إلى الغرب انطلاقاً من البحر الأبيض المتوسط، حيثُ تدفَّقت الثقافات القديمة - ذات الأصلِ البابليّ، والسامي، والفينيقي، والإغريقي، والروماني والعربيّ، وسواها، إلى الأفق الذي فتحه الإسبان عبر رحلاتهم الاستكشافية على العالَمَ الأميركي الجديد، الذي يعتبر هو الآخر مأوى ثقافاتٍ عريقة ذات أصل مَايِاويٍّ، وأزْتِيكي، وإنْكاوي.
أما شعار المرصد فهو عبارة عن تشكيل لفظي مستوْحًى بدقة من قصيدة إيغاليَّة للشاعر خوان لارِيَّا حيث العنوان البصري للقصيدة ذاتها مشكَّل من صور هندسية تُمَثِّل جناحاً، وموجة، وشراعاً. فالبحر كالشعر تماماً نجح في أن يوحد بين القارَّتيْن. إنه الطريق التي لا نهاية لها بين العوالم. يقول لاريَّا:
جناحٌ وموجةٌ وشراعٌ/ تمنحُ الرِّيحَ القلاعَ المثَلَّثة الشكلِ/ والنورس القمر/ فاصلة".
إن المُثَلَّثينِ أو الشِّراعين المتقابلين في إحدى زوايا شعار المرصد يمثلان أوربا وأفريقيا، لكنّ الفاصلة الطويلة في الوسط هي في الحقيقة قمرٌ معكوسٌ على تيَّار المضيق. إن القمر الآن موجة"والمضيقَ ممَرٌّ، ممرٌّ داخل بيت مشتَرَك. هكذا يتحوَّل الرسمُ الحديث رسماً شديد القدم، فالقمر وهو يعْبُر المثلَّث يكونُ رمزاً لإيزيس، ولعشتروت، ولتانيت.
أما فكرة الملتقى الأول لمنتدى"مرصد طنجة - طريفة"فهي"الاستشراق معكوساً"، وهي مستلْهَمَة طبعاً من أطروحة دافع عنها المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد في كتابه العمدة" الاستشراق"الذي قدَّم له خوان غويتيثولو في إسبانيا، بل إن غويتيثولو هو الذي لفت نظر القرار الإسبان إلى أهمية هذا الكتاب. ولذلك، فإن الدورة الأولى من لقاءات المنتدى ستكون احتفاءً بالمفكر والناشط الفلسطيني، الحاصل على جائزة الأمير أستورياس 2002 للوئام، مناصَفَةً مع دانييل بارنباوم.
وعلى نهج إدوارد سعيد سيحاول المنتدى في دورته الأولى تفكيك البناء الرومانطيقي والأفكار المبتذلة لما كان عليه الاستشراق وعالَم الشرق، وأيضاً فضح هذه الصُّور الجاهزة التي عادةً ما تُستعمل في إسبانيا، وفي أوروبا، لتختزل الآخر المغربي والشرقي في صورة الأصولي المتربص في شكل كاريكاتوري فج وغير مقبول. ولكن إذا كان المتخصصون أحياناً يساهمون ولو من غير قصد في تكريس مثل هذه التصورات فإن منتدى"مرصد طنجة ? طريفة"سيحاول عبر أدبائه وفنانيه ومفكريه المستقلين بناء صورة أخرى مخالفة. وهنا أيضاً سيتم الاسترشاد بفكر إدوارد سعيد الذي سبق أن انتقد المثقف المعاصر المُسيطر عليه أكاديمياً من تخصصه أو من قوى وجمعيات تفضل التعامل مع المثقف المحترف المطيع. ودافع أيضاً في المقابل عن موقف المثقف الحُرّ والمتطوِّع الذي يتمتع باستقلال الرأي ويكونُ قادراً على مساءلة النماذج الجاهزة والعقائد.
إنَّ قصْد منتدى"مرصد طنجة - طريفة"يتمثل في إدراج رؤى وتمثُّلاتٍ جديدة انطلاقاً من النقد الثقافي وانطلاقاً من البحث السِّيرِيِّ، وذلك بهدف تفكيك الرؤية التقليدية التي كانت ولا تزال سائدة على ما هو مغربي وعربي، باعتبارها بناءً لعالم شاذ يحكمه الخوف والجهل والتوجس.
وتتواصل فعاليات الدورة الأولى لهذا المنتدى بسلسلة محاضرات تمت برمجتها خلال هذا الربيع والصيف المقبل في مدينة طنجة بمشاركة نخبة من الأدباء والمفكرين المغاربة والأسبان نذكر منهم: لورديس أرتيث، خوسيه لويس باردو، خوان غويتيثولو، بيدرو مولينا تيمبوري، فرناندو رودريغيث لافوينت من إسبانيا، إضافة إلى إبراهيم الخطيب، خالد الريسوني، مزوار الإدريسي وعبداللطيف البازي من المغرب. وبانتهاء الدورة الأولى من لقاءات"الاستشراق معكوساً"تُُنْشَرُ المحاضرات في كتاب يكون اللبنة الأولى لهذا الجسر الذي يحاول المنتدى مدَّهُ بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.