انتقدت الخرطوم أمس العقوبات التي فرضها مجلس الأمن على أربعة سودانيين بتهمة التورط في انتهاكات دارفور، في وقت تسلمت الحكومة السودانية ومتمردو دارفور"اقتراحات نهائية"طرحها وسطاء الاتحاد الأفريقي في أبوجا لمعالجة اقتسام السلطة والثروة والترتيبات الأمنية، وسط حضور دولي كثيف. وأمهل الوسطاء الأطراف 48 ساعة للرد عليها. ولم تستبعد مصادر قريبة من المحادثات ان تمنح الأطراف مهلة اضافية لدرس الاقتراحات، إذا طلبت ذلك، على ألا تتجاوز الجولة الأحد المقبل. وتحدثت الوثيقة عن سلطة إقليمية انتقالية في دارفور مهمتها اتخاذ الإجراءات الأساسية لتنفيذ اتفاق السلام وتسهيل عودة اللاجئين. ومنح مشروع الاتفاق حركات دارفور منصب مساعد لرئيس الجمهورية بصلاحيات واسعة، على أن يكون الرجل الرابع في الدولة، وسلطة انتقالية يرأسها مساعد الرئيس وينوب عنه في غيابه حكام ولايات الإقليم الثلاثة، إضافة الى عضوية مفوضيات دارفور للأراضي والأمن. كما اقترح المشروع قيام مجلس للسلام والمصالحة. واقترح مشروع الوسطاء أيضاً منح المتمردين ثلاثة وزراء ومثلهم من وزراء الدولة في الحكومة الاتحادية، وسترشح كل حركة شخصاً لمنصب مساعد الرئيس على ان يختار الرئيس عمر البشير من بينهم واحداً. واعطتهم الوثيقة كذلك حقاً في إدارة العاصمة الخرطوم عبر وزارة واحدة عوضاً عن منصب الحاكم الذي كانت تطالب به، إلى حين قيام انتخابات للجهاز التنفيذي فى الولاية، و12 مقعداً في البرلمان يكون من بينهم عدد من النساء. ومنح المشروع أهل دارفور تمثيلاً في المحكمة الدستورية ومفوضيات الخدمة العامة والمدنية وكذلك تمثيلاً في الجيش والأجهزة الأمنية فضلاً عن منصب رئيس لجنة في البرلمان الاتحادي ورئيس مجلس تشريعي في إحدى الولايات الثلاث، يتم اختياره عبر مؤتمر الحوار الدارفوري - الدرافوري، وكذلك منصب حاكم، واثنين من نواب حكام الولايات الثلاث. ويقضي المشروع ايضاً بأن تنزع الحكومة سلاح ميليشيا"الجنجاويد"المتحالفة معها. ويطالب الاتفاق ايضاً بمنح دارفور مبلغ 200 مليون دولار لإعمار الإقليم خلال الفترة من عام 2007 الى عام 2008. ولم يشر الاتفاق الذي يتألف من 84 صفحة تحت مسمى"سلام دارفور"صراحة الى آليات تنفيذه والفترة الزمنية المقررة لذلك. وشهدت الجلسة العامة التي شهدها من جانب الحكومة رئيس وفدها الدكتور مجذوب الخليفة، ورئيسا"حركة تحرير السودان"مني أركوي مناوي وعبدالواحد محمد نور، ومن"حركة العدل والمساواة"كبير مفاوضيها أحمد تُقد لسان، مداولات محدودة حول المشروع. وفي الجلسة ذاتها، قال كبير مفاوضي الاتحاد الأفريقي الدكتور سالم أحمد سالم إن التحدي يقع الآن على عاتق الأطراف وما قدمه الوسطاء يمثل أفضل ما يمكن التوصل اليه من حلول وسط. وأضاف سالم ان الوقت حان لاتخاذ القرارات والابتعاد عن المماطلة والتكتيكات لأن شعب دارفور ينظر إلى ما ستسفر عنه هذه المفاوضات، معتبراً الوثائق التي قُدّمت بأنها منصفة لكل طرف. وقال"أنتم بحكمتكم يجب ان تدفنوا شكوككم بالنسبة الى قضايا السلطة والحدود والرئاسة والتمثيل في البرلمان والخدمة المدنية على الصعيدين المركزي والإقليمي". وأضاف:"راعينا في هذه الوثائق الاتفاق على ضرورة المحافظة على سيادة السودان ووحدته باعتباره عضواً بالغ الأهمية في الاتحاد الأفريقي. وراعينا المواقف المفصلية التي حددتها الحركات المسلحة". في غضون ذلك، انتقدت الحكومة السودانية أمس قرار مجلس الأمن أول من أمس فرض عقوبات مالية وحظر سفر ضد أربعة سودانيين اتهمهم بارتكاب انتهاكات في دارفور، واعتبرته اشارة خاطئة في وقت غير مناسب. وقال الناطق باسم الخارجية السودانية السفير جمال محمد إبراهيم للصحافيين إن القرار جاء في وقت غير مناسب ويعرقل السلام ويعطي إشارات سلبية في وقت تتقدم فيه مفاوضات أبوجا. وأضاف إن القرار سيعطي المفاوضين من حركات التمرد إشارات خاطئة في وقت تحتاج فيه المفاوضات الى دعم من كل الأطراف بغية التوصل الى اتفاق نهائي قبل نهاية السقف الزمني الذي حدده مجلس السلم والأمن الافريقي. وأضاف إبراهيم ان الوقت لا يحتمل ممارسة ضغوط وإنما ممارسة جهود وتقديم الدعم المعنوي المطلوب في اتجاه اتفاق سلام يعيد الأمن والاستقرار الى دارفور ويعطي كامل الصدقية للاتحاد الأفريقي. والأشخاص الأربعة الذين أُخذت أسماؤهم من قائمة بريطانية طويلة هم: الشيخ موسى زعيم قبيلة المحاميد في شمال دارفور وقد وُصف بأنه"أحد كبار قادة ميليشيا"الجنجاويد"، واللواء جعفر محمد الحسن القائد السابق في سلاح الجو السوداني في المنطقة العسكرية الغربية، والقائد في"جيش تحرير السودان"آدم يعقوب شنط المتهم بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار بعدما أمر عناصر من تنظيمه بمهاجمة قوات حكومية ما أدى إلى مقتل ثلاثة من جنودها، والقائد في"الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية"جبريل عبدالكريم بدر، وهو متهم بخطف موظف في قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في تشرين الاول أكتوبر الماضي وهدد بعد شهر بإسقاط مروحية للاتحاد الأفريقي. وانتقد جبريل عبدالكريم فى حديث أمس عقوبات مجلس الأمن ووصفها بأنها غير منصفة. وقال إنه ليس خائفاً ولا يملك أرصدة مالية حتى تُحجز، مؤكدا انه سيظل يحمل السلاح، نافياً الاتهامات التي وجهت اليه واعتبرها مضللة.