ثمة معلومات رسمية وتصريحات ثابتة قاطعة نهائية ان الرئيس جورج بوش سعى الى حرب مع العراق بغض النظر عن معلومات الاستخبارات عن أسلحة الدمار الشامل أو موقف مجلس الأمن الدولي من الهجوم. ويكفي هنا الكتاب"خطة الهجوم"من تأليف بوب وودوارد، ورواية ريتشارد كلارك، رئيس مكافحة الارهاب في البيت الأبيض في حينه، ووثائق بريطانية عدة عن اجتماعات بوش ورئيس الوزراء توني بلير. مع ذلك عندما سألت الصحافية المشهورة هيلين توماس الرئيس بوش لماذا أراد أن يحارب العراق، رد قائلاً:"تعرفين انني لم أرد الحرب". لا أريد أن أقول ان الرئيس بوش كان يكذب، ولكن أقول ان صحافيين أميركيين ومعلقين اتهموا الرئيس بالكذب بعد ان واجهته عميدة مراسلي البيت الأبيض. أشعر بأن الإعلام الأسود، أو الإعلام الرخيص، على الطريقة السوفياتية لم يندثر مع الاتحاد السوفياتي، وإنما انتقلت عدواه الى المعسكر الآخر، فكمن حيناً ثم انتشر مع حرب العراق، وقد بدأت بمثال عن الرئيس بوش وأريد أن أكمل بأمثلة عن الكذب والوقاحة وقلب الحقائق من البيت الأبيض وغيره، تاركاً للقارئ أن يقارن مع أسوأ أمثلة الحرب الباردة، عندما كانت كلمة"ديموقراطية"في اسم أي دولة تعني انها دولة توتاليتارية ليس فيها من الديموقراطية شيء. - الرئيس بوش قال في خطاب سياسي رئيسي أمام مجلس الشؤون العالمية الأسبوع الماضي:"أفهم تماماً ان الاستخبارات كانت خاطئة، وأنا خاب أملي مثل كل انسان آخر". لو اتسع المجال لاستطعت أن أفنِّد نصف خطاب الرئيس، ولكن أكتفي بما سبق، فهو يقول ان الاستخبارات كانت"خاطئة"، الا ان هذا خطأ، فالاستخبارات كانت كاذبة، وثمة فارق هائل بين الكلمتين، فالخطأ ممكن لأن الانسان غير معصوم، ولكن ما حدث كان أن أجهزة الاستخبارات الأميركية التقليدية لم تستطع أن تقدم المعلومات المطلوبة لتبرير الحرب، فكان ان بول وولفوفيتز، نائب وزير الدفاع في حينه، أسس مع دوغلاس فايث، الرجل الثالث في الوزارة، مكتب الخطط الخاصة لتقديم معلومات الاستخبارات المطلوبة، تحت اشراف وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ومعه نائب الرئيس ديك تشيني. وولفوفيتز كوفئ على دوره في قتل مئة ألف عراقي وپ2300 أميركي بنقله الى رئاسة البنك الدولي وفايث عاد الى العمل الخاص، في حين يتآمر تشيني ورامسفيلد الآن لمهاجمة ايران. وطبعاً، فالرئيس لم يخب أمله، لأنه، كما أشرت في البداية، سعى الى الحرب، وهناك أدلة من نوع تقبل به أي محكمة. - اذا كان القارئ في حاجة الى دليل آخر، فهو سيجده في القصة التي انفجرت قبل أيام عن التحقيق مع لويس ليبي، أحد أخطر أعضاء العصابة الاسرائيلية في الادارة، لأنه سرَّب وهو يعمل مساعداً لتشيني اسم عميلة الاستخبارات فاليري بلام انتقاماً من زوجها جوزف ولسون، السفير السابق، الذي نفى محاولة العراق شراء يورانيوم من النيجر، بعد أن كلف التحقيق في الموضوع. يبدو ان الرئيس بوش، الذي لم يرد الحرب كما يقول، غضب من عدم تعاون ولسون، فكان ان سمعنا على لسان المحقق الخاص باتريك فتزجيرالد ان ليبي اعترف بأن رئيسه تشيني طلب منه تسريب الاسم بناء على إلحاح الرئيس. هل هذا عمل رجل لا يريد الحرب؟ أهم من ذلك ان الرئيس نفسه كان احتج يوماً على تسريب المعلومات الرسمية وقال حرفياً:"لقد أعربت دائماً عن استيائي من التسريبات، خصوصاً تسريبات المعلومات الرسمية. اذا كان هناك تسريب من إِدارتنا أريد أن أعرف مصدره. واذا خالف انسان القانون فسيحاسب". - يواجه الحساب الآن كيث وايزمان وستيفن روزين، من أركان اللوبي اليهودي ايباك، بتهمة نقل معلومات استخبارات، بعضها سري للغاية، الى اسرائيل من طريق أعضاء في سفارتها في واشنطن وآخرين. وطبعاً هناك المتهم الآخر لورنس فرانكلن. كيف تعاقب ادارة بوش جواسيس اسرائيل؟ أركان الادارة كلهم تقريباً، تحدثوا في المؤتمر السنوي لايباك على رغم تجسس اللوبي على"بلده"خدمة لاسرائيل، وكان نائب الرئيس تشيني نجم المؤتمر، وسبقه جون بولتون، السفير الأميركي لدى الأممالمتحدة. هل يريد القارئ مزيداً من الوقاحة؟ الصحف الاسرائيلية نقلت قبل أيام ان جهود اللوبي أثمرت في قرار سيصوت عليه مجلس النواب بمعاقبة الحكومة الفلسطينية بتهمة الارهاب، مع ان الجيش الاسرائيلي أكبر مؤسسة ارهابية في الشرق الأوسط، وقد قتل من المدنيين الفلسطينيين خمسة أضعاف ما قتلت الفصائل الفلسطينية من المدنيين الاسرائيليين. - نعرف الآن ان الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي أوقفا المساعدة للفلسطينيين لأنهم مارسوا الديموقراطية كما طلب منهم، ويبدو ان رغبة عصابة الشر"أوامر"عند الادارة، فقد كنت قرأت في مطبوعة"ويكلي ستاندارد"الناطقة باسمهم مقالاً كتبه أروين ستلزر يزعم فيه ان المساعدة غير المشروطة تدمر النمو الاقتصادي وتجعل الذين يتلقونها طفيليين. الولاياتالمتحدة تقدم الى اسرائيل ثلاثة بلايين دولار من المساعدات الاقتصادية والعسكرية كل سنة، تستخدمها الحكومة الاسرائيلية لقتل الفلسطينيين، وبناء اقتصادها لا تدميره على حساب الأميركيين. - جون بولتون هدَّد ايران بأن تتخلى عن برنامجها النووي والا... عصابة اسرائيل تريد جرّ الولاياتالمتحدة الى حرب مع ايران، اذا وقعت فستقتل أضعاف ضحايا الحرب على العراق، من أجل اسرائيل، العصابة ستضحي بشباب أميركا كل مرة.