استبعدت مؤسسة"مورغان ستانلي،"أحد عمالقة صناعة الخدمات المالية والاستثمارية العالمية، حدوث تحول جوهري من قبل السلطات المالية في مجلس التعاون الخليجي باتجاه العملة الأوروبية الموحدة اليورو مقللة من أهمية ما وصفته بالپ"تكهنات"في هذا الخصوص أثارها التعاون القائم بين الدول الخليجية والمصرف المركزي الأوروبي في شأن تطبيق هدفها المعلن بتوحيد سياساتها النقدية وبالتالي عملاتها الوطنية في نهاية العقد الحالي. ولفت خبير أسواق الصرف في"مورغان ستانلي"ستيفن جين إلى أن دول مجلس التعاون استفادت من الارتباط بمعيار الدولار بسبب اعتمادها الشديد على سلع تقوّم أسعارها بالدولار النفط والغاز والتزمت كذلك ربط عملتها الموحدة المقرر إعلانها في الأول من كانون الثاني يناير 2010 بالدولار، معرباً عن اعتقاده بأن التحول عن هذا المنهج لا يحقق منافع اقتصادية واضحة لكن سيترتب عليه خسائر جلية في المصداقية. ولاحظ أن واردات الأسواق الخليجية من المنتجات المصنعة في منطقة اليورو تزايدت باطراد في السنوات الماضية، وأن صادراتها إلى الدول الآسيوية ارتفعت بحدة، لكنه رأى أن المحصلة النهائية لهذين التطورين ليست قوية بما يكفي كي تقرر الدول الخليجية تغيير ترتيبات أسعار صرف عملاتها قبل موعد إعلان الوحدة النقدية، أو ربط عملتها الموحدة المقترحة بسلة مزدوجة من الدولار واليورو. واتخذ"مجلس التعاون لدول الخليج العربية،"الذي تأسس في أيار مايو 1981 لتنسيق السياسات والاندماج بين دوله الأعضاء السعودية والإمارات والكويت وقطر وعمان والبحرين، قرار الوحدة النقدية والعملة الموحدة في قمة عقدت في كانون الأول ديسمبر 2001. وشدد خبير"مورغان ستانلي"على أن مبررات هذا القرار ليست مفاجئة إذ سيحقق للمنطقة فوائد كثيرة في مجالات التجارة والخدمات المالية وأسواق المال. ولخص منافع القرار الخليجي في أن الوحدة النقدية ستعزز حركة التجارة والنشاط المالي في المنطقة، وأن العملة الموحدة التي ستتمتع بقدر أكبر من السيولة ستساهم في قيام سوق إقليمية لرأس المال، وأن الصدمات التي يمكن أن تعترض الدول الأعضاء ستكون ذات طبيعة واحدة تسهل معالجتها وأن توطين نظامي النقد وأسعار الصرف إقليمياً سيحمي الاقتصادات الخليجية من صدمات المضاربة، التي تجد مناخاً خصباً في منطقة ستعطي دفعاً قوياً لحركة تنقل رأس المال، في حين لا تزال نظمها المالية ضعيفة. وفند ستيفن ميل التكهنات لربط خيار اليورو الخليجي بتراجع أسعار صرف الدولار منذ شباط فبراير عام 2002 مشيراً إلى أن الدول الخليجية، باستثناء الكويت التي اختارت حقوق السحب الخاصة صندوق النقد الدولي مرجعاً لعملتها، ربطت عملاتها بالدولار عملياً قبل عام 2002، ثم بصفة رسمية في عام 2010 كما في الفترة الانتقالية، وأرجع السبب إلى أن هذا الربط خدم مصالحها جيداً في العقود الماضية. وتقدر القيمة الإجمالية الحالية لاحتياط العملات الأجنبية في دول مجلس التعاون بنحو 63 بليون دولار، إلا أن"مورغان ستانلي"لفتت الى أن الأصول الاستثمارية الأجنبية التي تملكها الدول الأعضاء وتدير هيئات رسمية جزءاً كبيراً منها هي أضخم بكثير من هذا الرقم. وأوضح خبير أسواق الصرف أن أهم المعايير التي لابد من أخذها في الاعتبار عند اختيار مرجع نقدي لعملة إقليمية، هو إذا كان الربط المقترح سيحد من مخاطر تقلبات أسعار الصرف على الدول الأعضاء، ليخلص إلى أن تقويم صادرات النفط وتسوية معظم صفقاتها بالدولار، يدعم الافتراض القائل إن اختيار الدولار كمرجع سيساعد على استقرار ليس فقط إيرادات الدول الخليجية وأصولها الاستثمارية المقومة بالدولار وحسب، بل أيضاً إيراداتها الضريبية التي تتأثر بقوة بالنفط. وأقر ميل، في تحليل هو الأول من نوعه نشره أول من أمس ، بأن تسارع حركة التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون وأوروبا سيجعل استبعاد احتمال اعتماد اليورو في آلية ربط العملة الخليجية الموحدة بعد 2010 أمراً صعباً. لكنه أعرب عن اعتقاده بأن زخم المبادلات التجارية الخليجية الأوروبية سيكون متواضعاً، أو لن يكون قوياً بما يكفي لتبرير ضم اليورو إلى سلة مرجعية للعملة الخليجية الموحدة. وأشار إلى أن دول مجلس التعاون ودول شرق أوسطية أخرى كثفت نشاط الاستيراد من الدول الأوروبية في السنوات الماضية، لكنه لفت في المقابل إلى أن تراجع الواردات الأوروبية من الشرق الأوسط في شكل طفيف وارتفاع الصادرات الخليجية، ومعظمها نفطية، إلى الدول الآسيوية باستثناء اليابان بحدة يعزز احتمال استبعاد اليورو من آلية الربط الخليجية لصالح الدولار.