اكد متحدثون ل”المدينة” في منتدى جدة الاقتصادي الذي اختتم فعالياته امس ان المملكة تمكنت من احتواء وامتصاص انعكاسات الازمة بنجاح، مشيرين إلى اهمية بذل المزيد من الجهد نحو تقوية ودعم المؤسسات المالية العربية والخليجية لاسيما وأنها تواجه منافسة حادة من المؤسسات المالية الدولية. واضافوا: إن إيجابيات ارتباط عملات دول الخليج بالدولار الأمريكي أكثر من السلبيات المترتبة عن ذلك حيث تجني هذه الدول الكثير من الفوائد من عملية الارتباط بالدولار وقال جون ويلز رئيس المعهد الدولي للتنمية الادارية ل(المدينة) ان دول الخليج وفي مقدمتها السعودية تمكنت من احتواء وامتصاص انعكاسات الازمة الاقتصادية العالمية بنجاح باهر حيث ان التباطؤ في نشاط القطاع الخاص دفع الحكومات الخليجية الى لعب دور اكبر في الاقتصاد عبر تبني سياسات مالية توسعية مع التركيز على الانفاق الاستثماري، وذلك بهدف تحفيز الطلب المحلي، ودعم سوق العمل، والقدرة الشرائية للمواطنين، واخيراً تحسين مستويات الثقة فقد اعلنت المملكة عن زيادة نسبة 16في المائة في الانفاق العام في ميزانيتها الحالية مقارنة بالميزانية السابقة مع زيادة الانفاق الاستثماري بأكثر من 35 في المائة. وذكر ويلز بأن علامات التعافي بدأت بالظهور على اقتصاديات دول الخليج بشكل ملحوظ لاسيما من حيث ارتفاع اسعار النفط الى مستويات تصنفها دول الخليج ب(العادلة) اضافة الى عودة الثقة نسبياً الى الاسواق المحلية، وفي الواقع يبدو ان المنطقة تتجه نحو اداء اقتصادي اكثر استقراراً واستدامة، ورغم الغموض، الذي مازال يكتنف الصورة العامة، فإن هناك اجماعاً متزايداً على ان المنطقة ستشهد تعافياً قوياً في 2010، ويظهر تغير ثقة المستثمرين بوضوح في تطورات اسعار الاسهم في المنطقة، فبعد تراجعه بواقع 56 في المائة في 2008 واصل مؤشر مورغان ستانلي لاسعار الاسهم الخليجية مساره الهبوطي خلال الربع الاول من 2009 قبل ان يرتفع مجدداً خلال الربعين اللاحقين، وبقي متذبذباً خلال الربع الاخير من العام الماضي. ويرى الدكتور جاسم المناعي المدير العام ورئيس مجلس المديرين التنفيذيين في صندوق النقد العربي بان النظام المصرفي والمؤسسات المالية العربية تواجه منافسة حادة من المؤسسات المالية الدولية، لذلك فإنه يجب بذل المزيد من الجهد نحو تقوية ودعم المؤسسات المالية العربية والخليجية لتواجه تلك التحديات، وهذا يتطلب وجود كيانات مالية عربية كبيرة وقوية لتواجه المنافسة محليا، وتتوجه للمنافسة خارجيا، وستكون المنافسة الخارجية هي المحرك لرفع الكفاءة وتحسين الأداء، وقد بدأت بعض البنوك بالاندماج مع بعضها مثلما حدث في السعودية، والإمارات، والبحرين، وكانت نتيجة عمليات الاندماج انخفاض سن تكاليف المنافسة بين البنوك المندمجة، وتوسع أنشطتها ليغطي مساحة البنكين معا. واضاف المناعي بأن شعوب دول الخليج تأمل بأن تنتقل دولهم من مرحلة التعاون الى مرحلة التكامل ثم الاندماج، فالوحدة تتحقق من خلال تحقق المواطنة الخليجية التي تنوي دول الخليج استكمال بناء مشاريعها الاستراتيجية مثل قيام البنك المركزي، والعملة الموحدة، والاتحاد الجمركي الى جانب مشاريع حيوية مثل الربط الكهربائي، ومشروع شبكة الغاز، ومشروع القطار، وغيرها من مشاريع الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وكذلك تحديد الميزات النسبية لكل دولة بحيث يضمن المستثمر الخليجي الحد الأدنى من نجاح مشروعه في المنطقة، وحتى لا يفاجأ بمشاريع مماثلة تزيد عن حاجة السوق في دولة خليجية مجاورة، وتصبح العلاقة تنافسية بدلاً من أن تكون تكاملية. وأوضح الدكتور عدنان شهاب الدين الأمين العام بالوكالة ومدير الأبحاث في منظمة أوبك سابقاً بأن إيجابيات ارتباط عملات دول الخليج بالدولار الأمريكي أكثر من السلبيات المترتبة عن ذلك حيث تجني هذه الدول الكثير من الفوائد من عملية الارتباط بالدولار، حيث تمنح الثقة للمتعاملين وخصوصاً صغار المستثمرين، ومن شأن هذه الخطوة جعل المستثمرين يفكرون في التكيف مع التحديات الأخرى في العمل التجاري الدولي مثل السياسات الضريبية، وسبل الوصول إلى مختلف الأسواق كما توفر مسألة الربط للمواطن والمقيم التداعيات المرتبطة بتغير سعر صرف العملات الخليجية مع أهم عملة صعبة في العالم حيث يعتبر الدولار العملة الصعبة الرئيسية في العالم بسبب الطلب على اقتنائه وقبوله في كافة أنحاء العالم، وقد حافظ الدولار على الريادة العالمية للعملات فيما يخص المعاملات التجارية، والاحتياطي بالرغم من تزايد الأهمية النسبية لبعض العملات الأخرى وخصوصاً اليورو. وأضاف الدكتور شهاب الدين أن عملية الارتباط بالدولار تتناسب مع طبيعة الصادرات الخليجية مثل النفط الخام، والمنتجات النفطية والألمونيوم، والبتروكيماويات، والأقشمة، وكلها مسعرة بالدولار الأمريكي حيث يلاحظ أن الصادرات النفطية وحدها تمثل 70 في المائة من صادرات الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون، ولا يبدو في الأفق وجود بديل عن تسعير النفط بالدولار نظراً لأن الدولار عملة عالمية.