تفوز إحدى الآنسات بلقب ملكة الجمال فيسألها صحافي أو صحافية:"هل تفكرين في دخول حقل التمثيل؟"، فتجيب الآنسة - الملكة:"سأفكر في الأمر". مثل هذا السؤال ومثل هذا الجواب ينمّان عن جهل مطبق بما يُسمى"فن"التمثيل وما يفترض من علم وتخصّص وخبرة. وربما لا يدرك هؤلاء - مثلهم مثل الكثيرين من أهل الصحافة والفن والمشاهدين - أنّ هناك معاهد تخرّج الممثلين وأنّ الحصول على شهادة في التمثيل يتطلّب سنوات من الدراسة والتمارين، ناهيك بالثقافة التي تعدّ شرطاً من شروط التخصّص. وربما لم يسمع هؤلاء بالمعاهد الكبيرة في العالم التي تتباهى بالممثلين الذين تخرّجهم ويبلغون مرتبة النجوم، وأول هذه المعاهد"الاكتورز ستوديو"الذي خرّج كبار النجوم الأميركيين. يظن هؤلاء أن الجمال والظرف أو الهضامة يكفيان لصنع ممثل أو ممثلة يستحقان دور البطولة وكأن الوجه الجميل هو الأساس فيما الوجه العادي أو القبيح لا يستحقّ الدور البطوليّ. صحيح أن الجمال مفتاح للقلوب ولذائقة الجمهور، لكنّه ليس شرطاً من شروط التمثيل. وكم من جميلات فشلن في خوض هذا الميدان بعدما اعتمدن على جمالهن وعلى تزكية بعض"المخرجين"أو"المنتجين"لهنّ؟. وهذا الأمر ينطبق أيضاً على الممثلين الذين لا يملكون سوى الجمال. تذكرت هذه القضية بعدما شاهدت المذيعتين كارلا حداد وكاتيا مندلق في مسلسل تلفزيوني عنوانه"خطايا صغيرة"تعرضه شاشة"إل بي سي"، وهما تؤديان فيه دورين رئيسين. وكانت كافية المشاهد التي أطلّتا فيها منفصلتين، لتؤكد أن جمالهما لم يسعفهما في التمثيل، مع أن كارلا حداد بدأت - على ما يبدو - احتراف التمثيل المسرحي الكوميدي منذ أن أطلّت في مسرحية كوميدية من نوع"الشانسونييه". بدت كاتيا وكارلا كأنهما تسمّعان دوريهما تسميعاً من غير أن تؤديا الشخصيتين وتدخلا في حوار حقيقي مع الشخصيات الأخرى. وبدا ارتباكهما جلّياً عبر نظراتهما وتعابيرهما. وبدا أيضاً واضحاً أنهما تجهلان تقنية التمثيل وعلومه، فهما لم تأتيا من معهد الفنون ولا من أي محترف مسرحي حقيقي. وهذا الأمر ينطبق بدوره على طوني أبو جودة الذي لم يستطع أن يتخطى"شرك"التمثيل، على رغم مهارته في التقليد وتقديم البرامج وتركيب"الاسكتشات". ويحزن فعلاً المشاهد - الذي بات يلمّ بمثل هذه الأمور - أن يرى كاتيا وكارلا وطوني في مشاهد تمثيلية ضعيفة، فكاتيا نجحت جداً في تقديم برنامج"المميزون"لكنها لم تستطع أن تنجح في التمثيل الدرامي. ترى هل يكفي الجمال وحده لصنع ممثلة أو ممثل؟ الجواب طبعاً: لا.