يرى محللون ان تنامي نفوذ محاكم شرعية في مقديشو تفرض تطبيق الشريعة، بات يهدد زعماء الحرب التقليديين الذين يسيطرون على المدينة، ويبدون خشيتهم من ان تكون جولة المعارك الدامية الأخيرة ممهدة لجولات أخرى. وظهرت المحاكم الشرعية في العاصمة الصومالية في 1994. وأفاد تقرير صادر عن منظمة"انترناشونال كرايسيس غروب"مجموعة الأزمات في كانون الأول ديسمبر 2005 ان هذه المحاكم"عرفت تطوراً لا سابق له في مقديشو"منذ 2004. وتوجد 11 محكمة على الأقل في المدينة تنتمي الى ائتلاف باسم"المجلس الأعلى للمحاكم الشرعية في الصومال". وفي غياب القوى الأمنية في البلاد، تستعين هذه المحاكم بميليشيات، وترفض نفوذ زعماء الحرب المتنافسين الذين يسيطرون على العاصمة منذ بداية الحرب الأهلية في 1991. ويستند زعماء الحرب الى عناصر مجهزة بالسلاح الثقيل، وتقوم بابتزاز السكان وتجبي الضرائب من الأحياء التي تسيطر عليها. وقال خبير في نيروبي رفض كشف اسمه:"نشرت المحاكم الشرعية حواجز على الطرق، ومنعت خلال الأسابيع الأخيرة زعماء الحرب من الخروج من مناطقهم. ويشعر زعماء الحرب أكثر فأكثر بأنهم مهددون، وقد اضطروا للرد". وقتل ما لا يقل عن 52 شخصاً الأسبوع الماضي في معارك بالاسلحة الثقيلة بين ميليشيا تابعة لمسؤول كبير في المحاكم أبو قار عمر ادن ورجال من انصار بشير راغي شيرال، عضو التحالف لإحلال السلام ومكافحة الإرهاب. وقال محلل آخر في نيروبي ان مسألة مكافحة الإرهاب في التحالف المذكور"المدعوم من الأميركيين"هي مجرد"خدعة"، مشيراً الى ان اعضاءه يسعون قبل كل شيء الى الاحتفاظ بالسلطة وجمع الأموال. وحقق أنصار ادن نصراً في المعارك التي هدفت الى السيطرة على أرض استراتيجية محاذية للمطار الوحيد الذي لا يزال يعمل في شمال مقديشو. وفي نهاية شباط فبراير، حصلت مواجهات بين المجموعتين حول السيطرة على طريق في العاصمة، ما تسبب بمقتل 33 شخصاً. وقال محلل ان هذه المعارك تخفي"صراعاً على السلطة السياسية والعسكرية والمالية"، متوقعاً تجدد اعمال العنف قريبا. وأضاف ان"السكان الذين سئموا من زعماء الحرب ينظرون بعين الرضا الى المحاكم الشرعية". وقال المحلل الأول ان"عناصر الميليشيات التابعين للمحاكم يفرضون ضرائب بنسبة أقل، وهم منظمون أكثر. هناك عمليات اغتصاب أقل وأمن أكثر". وأشار الى ان هؤلاء احرزوا"تقدماً صغيراً"على زعماء الحرب في شمال المدينة، في وقت"لا يزال هؤلاء يشكلون الغالبية"في الجنوب. واستغلت المحاكم غياب الحكومة المركزية الفاعلة والنظام القضائي في الصومال من أجل فرض سيطرتها على أحياء من مقديشو، وذلك"عبر استخدام القانون الوحيد الذي لا يزال ممكناً في الصومال وهو الشريعة". وقالت منظمة"انترناشونال كرايسيس غروب"ان هذه المحاكم تتمتع ب"دعم مالي منتظم"بدا واضحاً في تشرين الثاني نوفمبر الماضي في مقديشو عندما اغلقت"صالات سينما متهمة ببث أفلام غير اخلاقية". وقال المحللان ان المحاكم التي تمثل كل منها فصيلاً معيناً، تبقى منقسمة الى حد بعيد. وبين أعضاء هذه المحاكم من يملك برنامجاً وطنياً، مثل الشيخ حسن ضاهر عويس الذي يدعو الى اقامة دولة اسلامية. وبعضهم يقتصر برنامجه على العشائر. ولا يستبعد المحللان حرباً جديدة هذه المرة بين ميليشيات هذه المحاكم.