"ملف كله عُقد بعقد" ، هو الوصف الذي لخص به رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري البحث الجاري على طاولة الحوار في شأن بند رئاسة الجمهورية، والذي كان المحور الوحيد للجلسة الثالثة عشرة التي عقدت امس، في ساحة النجمة ويبدو ان النقاش في هذه المسألة قد يطول، إذ قدّر عدد من المشاركين في الحوار أن يمتد الى نهاية الشهر المقبل. جَهِدَ المتحاورون أمس، في محاولات إضفاء أجواء متفائلة على الحوار لكن كان يمكن رصد حال المراوحة الذي تدور فيه الحوارات التي كثر الثنائي منها في قاعة الحوار وعلى هامش حوار الطاولة، كما كان يمكن التقاط بعض التعابير التي تحاول التمهيد لأزمة طويلة من دون ان يعني ذلك الاستسلام لوجودها. فرئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري تحدث عن"حساسية"الموضوع الرئاسي وعن انه يحتاج الى"مشاورات جانبية"، ووزير الداخلية أحمد فتفت لفت الى"اننا لا نعيش على جزيرة معزولة لكن في النهاية الرئيس يجب أن يكون صناعة لبنانية"، ورأى الرئيس السابق أمين الجميّل"ان الامور ليست سهلة وثلاثون سنة من المآسي لا تنتهي بكبسة زر"، أما عضو تكتل"التغيير والإصلاح"النيابي ابراهيم كنعان فتحدث عن الحاجة الى"خريطة طريق للإدارة اللبنانية الجديدة"ليبنى على أساسها الاستحقاق الرئاسي. ومازح أحد المتحاورين الصحافيين معلقاً على اقتراح الانتخابات النيابية المبكرة بالقول:"إذا أردنا القيام بذلك فعلينا التمديد للحود لمدة أطول من ولايته الممددة لاجراء هذه الانتخابات". لم تستغرق جلسة الحوار أكثر من ساعتين و40 دقيقة، وتخللها الى جانب البحث في البند الرئاسي توزيع الوزير فتفت ملفاً على المتحاورين يضم احصاءات بالذين تم تجنيسهم بناء لمرسوم التجنيس عام 1994 ليثبت معلومة أثيرت في بدايات الحوار عن عدد المجنسين من الفلسطينيين حين أثير موضوع أوضاع الفلسطينيين والتوطين، وأظهر ان كل من تم تجنيسهم هم 97 فلسطينياً فقط في حين ان المئات الباقين هم من أهالي القرى السبع اللبنانية. وكان لافتاً في المؤتمر الصحافي الذي عقده بري عقب الحوار غياب قطبين اعتادا على حضوره النائب الحريري ورئيس الهيئة التنفيذية لپ"القوات اللبنانية"الدكتور سمير جعجع الذي انتقل من ساحة النجمة الى السرايا الكبيرة وبحث مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في المستجدات. في حين انتقل الرئيس أمين الجميل الى منزل الحريري في قريطم وتناول الغداء الى مائدته واستكملا البحث في تطورات الحوار. وإذ تجنب الأمين العام لپ"حزب الله"السيد حسن نصر الله كما العادة ومنذ بداية الحوار الحضور أو المغادرة العلنية فإن معاونه الوزير محمد فنيش خرج من المدخل الرئيسي لكنه لم يصرح، وتجنب الظهور العلني كذلك رئيس"اللقاء الديموقراطي"النيابي وليد جنبلاط. بري استهل بري المؤتمر الصحافي بالتأكيد"إن الموضوع الرئيسي بل الوحيد اليوم، كان استمراراً للجلسة الماضية، وهو موضوع رئاسة الجمهورية"، لافتاً الى ان المتحاورين استمعوا من رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الى شرح عن نتائج زيارته سواء كان لشرم الشيخ ام للمملكة العربية السعودية اول من امس، وما أجراه من محادثات لها علاقة بلبنان وبمواضيع الحوار، سواء التي أقرت أم التي هي قيد المناقشة". وأوضح ان"موضوع رئاسة الجمهورية لا يزال بنداً في جدول اعمال الجلسة المقبلة التي تقررت الاثنين المقبل في الثالث من شهر نيسان ابريل". وعما اذا كان يعني ذلك ان ملف رئاسة الجمهورية لم ينضج بعد واذا كان التأجيل لانهاء هذا الملف، قال بري:"السؤال فيه شيء من الصحة، فلو كان هذا الموضوع حسم لأعلنا الامر. وتعلمون ان الامور التي حسمت بوشر تنفيذها في شكل او آخر، مثل الزيارة التي قام بها بعض الوزراء بقرار من الحكومة للمخيمات الفلسطينية، وهي إحدى المرات النادرة، ان لم تكن المرة الاولى في لبنان، ونحن اليوم في الحوار توقفنا عند هذا الموضوع وطالبنا الحكومة بالاستمرار في السعي الجدي، ويجب ان يكون هناك عمل جدي لتحسين اوضاع الاخوة الفلسطينيين وفقاً للقرار الذي أصدرته هيئة الحوار الوطني". وأشار الى ان"في المواضيع الاخرى، الاتصالات مستمرة بما في ذلك الزيارة التي سيقوم بها رئيس الحكومة للاخوة في سورية للبحث في المواضيع المتصلة بالعلاقات اللبنانية - السورية، الى المواضيع الأخرى العالقة، سواء ما يتعلق بمزارع شبعا اللبنانية او بموضوع الحدود وما الى ذلك من أمور". ورداً على القول ان البحث في الموضوع الرئاسي سيمتد الى آخر نيسان او آخر آذار مارس، قال ان"من المبكر البحث فيه، والقرار النهائي لهيئة الحوار". وأشار بري الى ان السنيورة تحدث عن مسألة مشاركته في قمة الخرطوم"ووجدت هيئة الحوار انه من المفيد ومن المصلحة العليا للبنان ان يقوم رئيس الحكومة بهذه المشاركة". وتجنب اثارة تصريحات المبعوث الدولي تيري رود-لارسن التي اثارت احتجاجات واكتفى بالقول:"ان الشيء الذي تفضل به السيد رود-لارسن في العمق واضح". وعن رأيه في اقتراح لارسن دمج سلاح"حزب الله"في الجيش اللبناني، قال:"ان موضوع سلاح المقاومة بند لا يزال على جدول اعمال الحوار الوطني، وحتى الآن لم نتطرق اليه بالتفصيل". ورداً على ما قيل من ان الرئيس السنيورة ذاهب الى الخرطوم باسم الاكثرية النيابية، قال بري:"الرئيس السنيورة هو رئيس حكومة لبنان كل لبنان، وليس رئيس الاقلية ولا الاكثرية". ونفى ان يكون المتحاورون تطرقوا الى موضوع الخرائط التي عادت الى الظهور مجدداً في شأن مزارع شبعا. اما عن النصيحة السعودية بعودة العلاقة بين لبنان وسورية، فقال بري:"لا اعرف ما اذا كانت هناك من نصيحة او غير نصيحة، لكن الذي اعرفه ان هناك قراراً من هيئة الحوار أعلن أمامكم: ان العلاقات بين لبنان وسورية هي علاقات اخوة وأشقاء وقربى وعروبة، وهو أمر محسوم، ومن أكبر الواجبات الوطنية ان تكون العلاقة بين لبنان وسورية على افضل شكل لمصلحة البلدين، وهذا الأمر سبق أن أصدرنا فيه قراراً من الهيئة الحوارية، وما من شك في ان اي شخص يؤيد هذا القرار هو مشكور". وعما اذا نقل السنيورة للمتحاورين كلاماً عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، قال:"ان جلسة الحوار ليست مجلس الوزراء، فالرئيس السنيورة يطلع مجلس الوزراء على نتائج محادثاته او يطلع مجلس النواب في جلسات المناقشة على ما يحصل معه". الجميل: أعطونا الوقت ووصف الرئيس امين الجميل في تصريح له"الامور"بأنها"ليست سهلة، وأكرر أن ثلاثين عاماً من المآسي لا تنتهي بكبسة زر، هناك أمور كثيرة تلزمها معالجة، إنما الاهم، وهذا ما أؤكده، هو إصرار الجميع على إيجاد حلول حتى لا نصل الى الباب المسدود. هناك استعدادات طيبة من الجميع وهذا ما لمسناه، لذلك أعطونا الوقت". وحين سئل:"ماذا اذا مرت سنتان". قال:"لن تمر هذه الفترة. ولكن لنكن واضحين، هناك جانب دستوري معين ليس ملك أيدينا، ونحن نعمل من أجل تحقيق التغيير في أقرب وقت بالطرق الدستورية وبالحوار، بالتفاهم مع الجميع وحفظ كرامات الجميع، ولكن لا يمنع ان تستمر الامور فترة أطول، وكل الاحتمالات واردة، نتأمل الا يستمر الامر كثيراً لأن البلد لا يستطيع ان يتحمّل، ولكن كل الاحتمالات واردة". وعن امكان حسم الامور بعد قمة الخرطوم، اكتفى بالقول:"ذلك ممكن". الحريري: لحود لا يمثلنا وصرح النائب الحريري لدى مغادرته قائلاً:"تحدثنا في موضوع رئاسة الجمهورية واتفقنا على استكمال البحث الاثنين، لأن المسألة تحتاج الى مشاورات جانبية، فموضوع الرئاسة حساس جداً، ويجب ان نأخذ وقتنا في بحثه، وهذا أمر مفيد، وفي رأيي يجب ان يحصل، ونحن جميعاً نلتقي هنا من اجل حل هذه الازمة بخروج اميل لحود من رئاسة الجمهورية". وعما اذا كان موضوع الرئاسة سيطرح في قمة الخرطوم، أجاب:"لا، في رأيي ان المشكلات العربية كثيرة في قمة الخرطوم، والموضوع اللبناني سيطرح والحوار أنجز أموراً عربية ولبنانية كثيرة، خصوصاً في مسألة تحديد مزارع شبعا والعلاقات اللبنانية - السورية، وهذه امور ملحة عند العرب الذين يتمنون افضل العلاقات المميزة بين لبنان وسورية وبالتالي يجب ترطيب الاجواء، وقد يحصل الترطيب بذهاب الرئيس السنيورة الى الخرطوم لأنه هو فعلياً من يمثلنا، اما اميل لحود فلا يمثلنا". وعن إمكان بقاء الرئيس لحود حتى آخر ولايته، رد الحريري:"هذه تمنياته، انما الاكيد ان ذلك لن يحصل، وما سيحصل انه سيترك القصر الجمهوري وسيأتي رئيس جديد بإذن الله". وعن المشاورات الجانبية اوضح انها"ستجري بين جميع الاطراف، مثلاً بين جعجع وبعض الاطراف، وبيننا وبين بعض الاطراف الآخرين". وعن رأيه في اقتراح لارسن دمج"حزب الله"في الجيش اللبناني، اعتبر ان"المهم ما نطرحه نحن على الطاولة، لا يهمني ما يطرحه لارسن، ونحن كلبنانيين نحل هذا الموضوع كما سنحل موضوع رئاسة الجمهورية". اما عن موقفه كتيار"المستقبل"من الاقتراح فاكد انه يقول رأيه"على طاولة الحوار مع سماحة السيد نصر الله ومع الاطراف الآخرين المشاركين في الحوار لكي نصل الى حل يكون لمصلحة لبنان، لأننا نتطلع الى ماهية مصلحة لبنان في موضوع المقاومة وكيف يمكن ان نستفيد من المقاومة وسلاحها في الدفاع عن لبنان ...نحن طول عمرنا مع المقاومة وسنبقى في هذا الخط". فتفت: عدم شرعية لحود ووصف الوزير فتفت البحث بأنه"كان جدياً في موضوع رئاسة الجمهورية وسنتابع الاثنين المقبل". وعن احتمال بقاء لحود في سدة الرئاسة كما المح الرئيس الجميل الى انه من الاحتمالات المطروحة قال فتفت:"هذا رأيه وكل واحد حر في رأيه، ونحن نحترم آراء الآخرين، اما انا فأقول ان التمديد للرئيس لحود لم يكن شرعياً منذ البداية". وعما اذا طرحت اسماء للرئاسة، اشار فتفت الى ان"طرحت فكرة بحث الاسماء، انما لم نصل الى البحث. ومن المؤكد سيكون الرئيس صنع في لبنان حتى لو كانت هناك اتصالات مع كل الاطراف، وهذا أمر طبيعي جداً، فلبنان لا يعيش على جزيرة". فرعون: ايجابيات الحوار وقال وزير الدولة لشؤون المجلس النيابي ميشال فرعون"ان الحوار مستمر والعنوان هو رئاسة الجمهورية، هناك تقدم والموضوع ليس سهلاً كي يحل بجلسة او اثنتين، وقد يتطلب اكثر من اسبوعين او ثلاثة". كنعان: المشاركة والتوافق وأشار النائب كنعان الى وجود ازمة سياسية في البلد، وقال:"في رأينا لا تعالج هذه الازمة فقط من زاوية رئاسة الجمهورية، هناك حاجة الى بحث امور تتعلق بخريطة طريق للادارة اللبنانية الجديدة، والامر لا يطرح فقط على قاعدة الاسماء، فهناك قضية المشاركة والتوافق". وعن اكمال لحود ولايته قال:"لا احد يقول هذا الكلام، ان يكمل الرئيس لحود ولايته أو لا، فالرئيس لحود موجود وعملية اكمال الولاية مرتبطة بعملية التوافق على طاولة الحوار وحول ماذا سيتوافقون، فهل هناك توافق على التغيير وهذا التغيير ما هي مواصفاته". لقطات عندما دخل المصورون لالتقاط الصور للمتحاورين وجد الرئيس نبيه بري أن الجميع جديو النظرة فقال:"ابتسم أنت في الذوق"، فرد النائب أغوب بقرادونيان: لماذا الذوق، لماذا لا تقول برج حمود؟"، فقال بري:"برج حمود وبدك تبتسم؟". حين همّ النائب سعد الحريري بالجلوس الى طاولة الحوار لم يجد كرسيه، فقال:"اخذوا لي الكرسي"، وحين عرض النائب ميشال عون ان يعطيه كرسيه رفض الحريري فقال له احد اقطاب الحوار"اسحبها من تحته يا شيخ". لا يزال وصول الأقطاب المتحاورين الى ساحة النجمة يترافق مع مواكب وهمية، وسجل امس، وصول الدكتور سمير جعجع الى المكان بسيارة أجرة. لدى خروج النائب ميشال عون والى جانبه النائب بطرس حرب أراد المصورون التقاط صورة لهما وكان يمر من أمامهما الرئيس أمين الجميل، فطُلب منه الانضمام اليهما، وحين سأل الصحافيون:"هل هي صورة لفخامة الرؤساء"كون حرب وعون من الاسماء المطروحة، رد الجميل:"مبروك"، ولم يحدد لمن يوجه مباركته. ايد كلُّ من رئيس الكتلة الشعبية في زحلة الياس سكاف والنائب هاغوب بقرادوني دعوة العماد ميشال عون الى اجراء انتخابات نيابية مبكرة، واعتبر الأخير انها تشكل خشبة الخلاص للبلد، فعلق وزير الصناعة بيار امين الجميل بقوله:"احضر الخشبة من اوكرانيا"، وهنا تدخل عون قائلاً:"من الأفضل إحضارها من الكاميرون"!