أضفى التباين في استطلاعات الرأي التي نشرتها الصحف العبرية أمس قبل ساعات من فتح صناديق الاقتراع للكنيست البرلمان ال17 أجواء دراماتيكية غابت عن المعركة الانتخابية التي اتسمت بالهدوء والضجر. وعلى رغم أن جميع الاستطلاعات ترشح حزب"كديما"الحاكم برئاسة ايهود اولمرت للفوز بحصة الاسد من المقاعد، إلا أن انحسار شعبية الحزب في الاسابيع الأخيرة، خصوصاً بعد أن لم يعد الاسرائيليون يأتون على ذكر مؤسسه رئيس الحكومة ارييل شارون، يؤرق قادة الحزب الذين يرون في حصوله على أقل من 35 مقعداً من مجموع 120 ضربة قوية وعثرة في طريق تشكيل ائتلاف حكومي جديد يتمتع بقاعدة برلمانية واسعة. ووفقاً لاستطلاعات أجرتها ستة معاهد معروفة فإن"كديما"يتأرجح بين 34 - 36 مقعداً مقابل 17 - 21 مقعداً لحزب"العمل"بزعامة عمير بيرتس و13 - 14 مقعداً ل"ليكود"بزعامة بنيامين نتانياهو. وحصل الاختلاف الأبرز في النتائج بالنسبة الى حزب المهاجرين الروس"اسرائيل بيتنا"برئاسة المتطرف افيغدور ليبرمان، فبينما حصل في استطلاع"هآرتس"على 7 مقاعد فقط، رشحه استطلاع القناة الثانية للتلفزيون الاسرائيلي للحصول على 15 مقعداً. كما برز التباين بشأن التمثيل المتوقع للأحزاب العربية الثلاثة التي تخوض الانتخابات، اذ فيما رشح استطلاعان"القائمة العربية الموحدة"للفوز بأربعة مقاعد، جاء في استطلاع"معاريف"ان هذه القائمة لن تتجاوز نسبة الحسم 2 في المئة من أصوات المقترعين ورشح فوز"التجمع الوطني الديموقراطي"ب4- 5 مقاعد. وفاقمت هذه الأرقام البلبلة وعدم اليقين اللذين يلفّان الساحة الحزبية فيما عزاها معدّو الاستطلاعات الى النسبة الكبيرة لعدد المترددين أو ما يعرف ب"الأصوات العائمة"التي تعادل 28 مقعداً، هذا فضلاً عن أن انخفاض نسب التصويت العامة الى أقل من 65 في المئة سيربك كل الحسابات وقد يأتي بأحزاب صغيرة الى الكنيست الجديد على حساب قوة الأحزاب الكبرى ما سيؤدي بالتالي الى تغير موازين القوى بين معسكر اليمين والمتدينين من جهة، ومعسكر وسط اليمين - اليسار من جهة أخرى. وطبقاً لاستطلاعات أمس، فإن معسكر اليمين يتأرجح بين 50 و55 نائباً ما حض قادته من مختلف الأحزاب على تكثيف نشاطهم الميداني أملاً بتعزيز قوة هذا المعسكر، على نحو يجعل مهمة اولمرت تشكيل حكومة جديدة من"كديما"و"العمل"و"ميرتس"صعبة للغاية. ويولي المراقبون أهمية خاصة لما ستسفر عنه الانتخابات من نتائج لحزب"اسرائيل بيتنا"الذي قد يجد نفسه، غداة الانتخابات في موقع"بيضة القبان"تحسم هوية الحكومة الجديدة. وكان سبق لزعيم الحزب، ليبرمان ان أعلن استعداده للدخول في الائتلاف الحكومي الجديد مشترطاً تنازل اولمرت عن مشروعه للانسحاب الأحادي من أجزاء من الضفة الغربية مقابل مواصلة احتلال القدس وغور الأردن والاحتفاظ بالكتل الاستيطانية الكبرى. وهناك ايضاً حركة"شاس"الدينية الشرقية المتزمتة التي ترى نفسها شريكة مفترضة في الحكومة المقبلة. وعلى رغم مواقفها السياسية المتشددة فانها قد تبدي مرونة أكبر من ليبرمان حيال مشروع اولمرت شرط حصول مؤسساتها الدينية على موازنات خاصة وعدم المساس بالقانون الذي يعفي طلبة هذه المؤسسات من الخدمة العسكرية. كما تبقي نتائج الاستطلاعات احتمال ان تشكل الأحزاب العربية"جسماً مانعاً"، وارداً وذلك في حال حصول تعادل قوى بين معسكري اليمين والوسط وحصول كل منهما على 56 مقعداً. وقد حصل أن شكلت الأحزاب العربية"جسماً مانعاً"عام 1992 أتاح لاسحق رابين تشكيل حكومة اقلية وقعت لاحقاً على اتفاقات أوسلو. في كل الأحوال فإن انتخابات اليوم ستتمحض عن خريطة حزبية جديدة في اسرائيل، في مركزها حزب جديد كديما ليس معروفاً ان كان سيكتب له العمر أم يتلاشى كما حصل لأحزاب وسطية أخرى، آخرها حزب"شينوي". أما في حال اجتاز الانتخابات بنجاح مدو، فإن اسرائيل ستحسم في السنوات القليلة المقبلة مسألة الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. وقد أعلن أقطابها عزمهم على ترسيمها بشكل أحادي الجانب متذرعين بغياب شريك فلسطيني، مع صعود حركة المقاومة الاسلامية حماس الى الحكم.