مع ارتفاع درجة التعبئة ضد خطة الغالبية اليمينية الحاكمة في فرنسا لإصلاح نظام التقاعد، سجلت الاتحادات النقابية نقطة لمصلحتها بنزول اكثر من 3.5 مليون متظاهر الى الشارع في العاصمة باريس و250 مدينة فرنسية أخرى، وهو رقم قياسي منذ بداية التحركات. وانضم طلاب ثانويون وجامعيون للمرة الأولى الى التحرك الاحتجاجي، ما يهدد بتجذر المواجهة مع الحكومة. وأكد القادة النقابيون التجاوب الكبير مع دعوتهم الى الإضراب والتظاهر، معلنين تمديد الإضراب في وسائل النقل العام وربما في مصافي النفط يوماً ثانياً، ما ينذر بأزمة وقود في المدن الرئيسة. وشجعهم هذا التجاوب على الدعوة الى تظاهرات جديدة السبت المقبل، لتأكيد إصرارهم على عدم الرضوخ لموافقة البرلمان على الخطة، في وقت لا تزال قيد النقاش في مجلس الشيوخ، باعتبارها «غير عادلة». وعلى رغم التباين الكبير الذي يسود عادة تقديرات النقابات ووزارة الداخلية لأعداد المتظاهرين ونسبة التجاوب مع دعوتهم للإضراب، اعترفت الوزارة بأن نسبة التجاوب أمس، كانت الأكبر، مقارنة بالتظاهرات الثلاث السابقة في 24 حزيران (يونيو) و7 و23 أيلول (سبتمبر) الماضيين. وسعت السلطات الفرنسية الى فرض أمر واقع على المحتجين من خلال حمل مجلس الشيوخ على إقرار البند الأكثر إثارة للجدل في الخطة، وهو رفع سن التقاعد من 60 الى 62 سنة. لكن الاتحادات النقابية تراهن على إمكان إلزام الحكومة بإعادة مناقشة مضمون الخطة مع ممثلي المحتجين، تحت ضغط الشارع، علماً ان استطلاعات الرأي تشير الى معارضة 6 من أصل كل عشرة فرنسيين الخطة. وتعتبر الاتحادات النقابية أن توسيع نطاق التحركات لا بد من أن يحمل الحكومة على التراجع، مثلما حصل العام 2005 حين سُحب قانون عقد الوظيفة الأولى بعد إقراره في البرلمان، تحت ضغط التحركات الرافضة له في عهد رئيس الحكومة آنذاك دومينيك دوفيلبان. وعلى رغم أن رئيس الوزراء فرانسوا فيون تولى بنفسه قطع الطريق أمام هذا الرهان، معلناً أن حكومته استنفدت التنازلات التي تستطيع تقديمها على صعيد إصلاح نظام التقاعد، فإن اوساطاً رسمية تخوفت من أن يأتي التجذر الفعلي للاحتجاجات ليس من الاتحادات النقابية، بل من الطلاب الثانويين والجامعيين.