لم يتحد المصريون، كل المصريين، منذ زمن طويل على أمر واحد مثلما يقفون اليوم خلف منتخبهم لكرة القدم في كأس الأمم الأفريقية ال25. والمصريون الذين اشتهروا دوماً بخلافاتهم الداخلية بين الأحزاب والقبائل والأديان والأندية تركوا صراعاتهم، وتفرغوا لدعم"الفراعنة"في صورة رائعة، وهو الأمر الذي دفع معظم الخبراء لاختيار الجمهور المصري نجماً وحيداً لمباريات الدور الأول. 74 ألف متفرج يتجهون مساء اليوم ليملأوا كل مدرجات ملعب القاهرة الدولي في تمام السابعة لتشجيع منتخبهم في مباراته ضد الكونغو في ربع النهائي، ولا يدخل متفرج واحد إلى الملعب إلا ومعه علم مصر أو عصا مطاطية بلون العلم ليصفق بها لإصدار صوت عالٍ، والفتيات يتبارين في رسم علم مصر على وجوههن في مناظر بديعة، وكلها أحداث غير مسبوقة في الرياضة المصرية. التفاؤل يسود المعسكر المصري، والكل لا يتحدث عن الفوز على الكونغو، لأنهم يعتبرونه أمراً مؤكداً ومضموناً، لأن منافسهم هو أضعف المنتخبات المتأهلة إلى ربع النهائي، والجماهير تتحدث عن منافسهم التالي في نصف النهائي، والمفاضلة مستمرة بين غينيا والسنغال، ولكن الرضا يعمّ الجميع باعتبار أن أقوى المنتخبات التي تخشاها مصر، وهي الكاميرونونيجيرياوتونسوساحل العاج وقعت معاً في الجانب الآخر من ربع النهائي. ويرفض المدير الفني لمنتخب مصر حسن شحاتة هذه النغمة المفعمة بالتفاؤل، فهو يرى أنها ضارة جداً باللاعبين لأنها تمنحهم ثقة زائدة وغروراً، وأكد شحاتة أن المنتخب الكونغولي قوي، وتمكن من التعادل السلبي مع أنغولا وهو يلعب بعشرة لاعبين لمدة 70 دقيقة،"ولا ننسى ما حدث قبل 32 عاماً في موقف مماثل في نهائيات الأمم الأفريقية 1974 - وكنت شاهدًا عيانًا في تشكيلة مصر - عندما التقينا مع فهود زائير وهو الاسم السابق للكونغو وتحدث الجميع عن فوز مصر السهل بالمباراة والكأس، وبدأت الترتيبات باكراً لعملية الاحتفالات، وتبارت الصحافة في الحديث عن اللاعبين أصحاب الفضل في إحراز مصر الكأس الأفريقية، وهو الأمر الذي أثر سلباً في كل اللاعبين، وعلى رغم تقدمنا 2 - صفر بسهولة حتى منتصف الشوط الثاني إلا أننا خسرنا 2-3 وفقدنا اللقب على ملعبنا ووسط جمهورنا، وهو درس قاس لا أنساه، وحان الوقت الآن لردّ الاعتبار". وأضاف شحاتة:"تحدثت مع اللاعبين طويلاً في هذا الأمر، وللحق هم يقدرون المسؤولية تماماً، ولست محتاجاً إلى شحنهم بالدوافع أو تحذيرهم من الاستهتار، والأجواء العظيمة التي تعيشها مصر حالياً كافية بمنحهم الطاقة المعنوية والنفسية المطلوبة". وحرص حسن شحاتة على اصطحاب نجومه أحمد حسن وعصام الحضري وأحمد حسام إلى الحفلة التي أقامتها هيئة الإذاعة البريطانية بي. بي. سي لتكريم نجم المنتخب المصري محمد بركات الفائز بجائزة أحسن لاعب في أفريقيا عام 2005، وعقد شحاتة مؤتمراً صحافياً في حضور شوقي غريب وأحمد حسن وعبدالظاهر السقا وظهرت إجاباته كلها متحفظة في رده على الأسئلة. تعديلات يدخل الجهاز الفني لمنتخب مصر تعديلات على تشكيلة"الفراعنة"في مباراة الكونغو باستبعاد اثنين من اللاعبين الأساسيين الذين بدأوا مباريات المنتخب في الدور الأول، ويغيب النجم الشهير المحترف في توتنهام الإنكليزي أحمد حسام ميدو بعد إصابته بشدّ عضلي في فخذه الأيمن، ولم يتدرب نهائياً خلال خمسة أيام منذ خروجه بعد 15 دقيقة من مباراة مصر الأخيرة ضد ساحل العاج. ويغيب أيضاً لاعب الوسط محمد أبو تريكة للإيقاف بعد حصوله على إنذارين في مباراتي ليبيا وساحل العاج في الدور الأول. ورفضت اللجنة المنظمة البطولة الاحتجاج الذي تقدمت به مصر لرفع الإنذارين عنه، وأكدت أن الاحتجاج الخاص بإنذار ليبيا تقدم به المصريون بعد الموعد المقرر قانوناً، والإنذار الثاني الذي منحه الحكم السيشيلي أيدي ماليه كان صحيحاً 100 في المئة، لخروجه من الملعب فترة طويلة للاحتفال بهدفه، والطريف أن الإنذار الأول الذي منحه الحكم البوركيني لاسينا باري كان خاطئاً تماماً لأن زميله محمد شوقي كان صاحب المخالفة. الفهود ذكريات المدير الفني الفرنسي للكونغو كلود لوروا كثيرة مع المصريين، وهو خسر الكأس في الملعب ذاته قبل 20 عاماً أمام الرئيس حسني مبارك عندما كان مديراً فنياً للكاميرون، وتعادل فريقه سلباً مع مصر على مدار ساعتين قبل أن يخسر المباراة النهائية بركلات الجزاء الترجيحية. ويدرك لوروا تماماً تأثير الجماهير المصرية ويصفها بالإعصار الهادر، ولكنه واثق بقدرة لاعبيه على امتصاص تلك الحماسة، وأنهم سيلعبون من دون أي ضغوط لأن صعودهم إلى ربع النهائي كان كافياً لإثبات جدارتهم كمنتخب قوي، وهم عانوا مراراً في مباراتيهم الأخيرتين من النقص العددي بعد طرد لاعب في كل مباراة أمام أنغولا ثم الكاميرون، ولا يمتلك لاعبوه شيئاً ليفقدوه ما يحررهم من القيود ويعطيهم الحرية في تنفيذ واجباتهم بامتياز. ويتفق كابتن وهداف الكونغو لومانا لوالوا مع مدربه قائلاً:"عدم الاهتمام من المصريين بفريقنا والاستهانة بنا يزيد من دوافعنا لتقديم مباراة قوية وتحقيق المفاجأة، ووجود 75 ألف متفرج لا يخيفنا، ولو نجحنا في إحراز هدف مبكر في مرمى مصر سيتحول هذا الجمهور ضد لاعبيه، بل سيقف في صفنا". ولا ينسى لوالوا واقعة له في البطولة الماضية في تونس 2004 عندما تعرض للطرد في مباراته الثانية وأوقف بعدها أربع مباريات، ويؤكد أنه أصبح أكثر نضجاً وقدرة على مواجهة أخطاء المنافسين والحكام، ويبقى أن يصل هذا النضج إلى زملائه بعد أن فقد اثنان منهم أعصابهما وتعرضا للطرد. ويفتقد المنتخب الكونغولي في مباراة مصر ثلاثة من أهم لاعبيه للإيقاف هم المهاجم تريزو مبوتو ولاعب الوسط بوكيسي غلاديس اللذان طردا في مباراتي توغووالكاميرون، والمدافع فليسيين كابوندي الذي حصل على إنذارين، ومن المؤكد أن يبدأ الكونغوليون بحارسهم الأول باسكال كاليمبا، وفي الدفاع فواندا كينكيلا وتشيولالا وهيرتا ايلونغا وفي وسط الملعب خمسة لاعبين لضمان السيطرة والضغط وهم بيسكوت مبالا وزولا ماتومونا وبلايسي ليلو ومارسيل مبايو وكابونغي، ويبقى كابتن المنتخب وأشهر لاعبيه لومانا لوالوا وحيداً في الهجوم، وهو دور اعتاد أن يفعله في المباراتين الأخيرتين بعد النقص العددي المتكرر. على هامش البطولة تشدد المسؤولون في منتخب الكونغو الديموقراطية مساء أمس، في تفتيش كل جنبات ومدرجات ملعب القاهرة الدولي، قبل تدريبهم الأخير استعداداً لمباراة مصر الليلة، وحرص المدير الفني الفرنسي للمنتخب كلود لوروا على التأكد من عدم وجود كاميرات للتصوير أو أشخاص للتجسس على لاعبيه أثناء التدريب، واستمرت عمليات التفتيش المشتركة بين مسؤولي المنتخب الكونغولي وهيئة الملعب لأكثر من 40 دقيقة قبل بدء التدريب. تدخل العقلاء للحيلولة دون حدوث مشاجرة بين أحد الصحافيين المصريين ومدرب منتخب بلاده شوقي غريب عقب المؤتمر الصحافي أول من امس، ووجه الصحافي سؤالاً لغريب عن الكلمات التي يهمس بها في أذن المدير الفني حسن شحاتة بعد كل هدف لمصر، ورد شوقي ساخراً"أقول له نكتة"واعتبر الصحافي رد المدرب نوعاً من الاستهانة به وبسؤاله، وترك القاعة غاضباً ومتوعداً بضرب المدرب عقب نهاية المؤتمر، ولحق به على الفور زملاؤه وأعضاء اللجنة المنظمة لتهدئته وتمرير الحادثة في هدوء لكي لا تؤثر على المنتخب. أعلن كابتن زيمبابوي المحترف في جنوب أفريقيا بيتر ندلوفو اعتزاله اللعب مع منتخب بلاده بعدما قاده للفوز الكبير والتاريخي على غانا 2 - 1 في ختام مباريات الدور الأول، وأكد ندلوفو أنه أدى واجبه تماماً مع منتخب بلاده على مدار 14 عاماً، وأنه يترك المهمة للاعبين الصاعدين للحصول على الفرصة في التوقيت المناسب. نشبت أزمة عنيفة في الساعات الأخيرة في معسكر منتخب انغولا قبل رحيلهم من القاهرة بين المدير الفني البرتغالي لويس غونسالفيز ونجم المنتخب المحترف في بنفيكا البرتغالي بيدرو مانتوراش، واتهم اللاعب مدربه باضطهاده خلال البطولة بعدم إشراكه أساسياً في أي مباراة والدفع به احتياطياً في المباراتين الأولى والثانية فقط، وأكد مانتوراش أن حرصه على اللعب في نهائيات كأس العالم 2006 في ألمانيا هو السبب الوحيد الذي يدفعه للبقاء في صفوف المنتخب مع غونسالفيز، ولكنه سيتركه على الفور عقب المونديال. أبدى حارس مرمى الكاميرون القديم المحلل الفني لإحدى شبكات التلفزيون الفرنسي جوزيف أنطوان بل استياءه الشديد من الحال السيئة لأرض ملعب القاهرة الدولي، ووصفها بأنها اسطبل للخيول ولا تصلح لكرة القدم الراقية، وأن أرضية ملاعب حرس الحدود وبورسعيد والكلية الحربية ممتازة، وهو ما يؤكد أن المصريين قادرون على إعادة ملعب القاهرة إلى حاله الجيدة. أجرت"الحياة"استطلاعاً سريعاً بعد نهاية الدور الأول بين مجموعة من الصحافيين، لاختيار نجوم الدور الأول وأجمل الأهداف وأفضل المنتخبات والحكام، وشملت التشكيلة المثالية عصام الحضري مصر حاتم الطرابلسي تونس بوبو بالدي غينيا ووائل جمعة مصر وارتور بوكا ساحل العاج جون ماكون الكاميرون وباسكال فيندونو غينيا ورياض بوعزيزي تونس وجون أوبي ميكيل نيجيريا صمويل ايتو الكاميرون ودوس سانتوس تونس، ومعهم المصريون محمد بركات وعماد متعب ومحمد أبوتريكة والكاميرونيان غيريمي وسونغ والنيجيريان يوبو وكانو والعاجيان يون افتشير كالو وديديه دروغبا والتونسيان بومنجيل وعادل الشاذلي. واختير هدف اسماعيل بانغورا أجمل الأهداف، والحكم السنغافوري مايدن شامسول والمصري عصام عبدالفتاح أفضل الحكام، ومنتخبا غينياوالكاميرون الأفضل في الدور الأول.