سامر طفل يبلغ العاشرة من العمر وهو وحيد اصيب بوعكة صحية صاحبها ارتفاع قوي في الحرارة، فهرع الأهل فزعين الى الطبيب الذي طلب بعض الفحوص المخبرية، وعندما قرأ النتائج اكتشف ان الولد يطرح في بوله كمية لا بأس بها من الزلال الألبومين ولكنه لم يعثر على مؤشرات اخرى تدل على وجود اصابة في الكلية. وأسرّ الطبيب الى الأهل بما وجده، ولكنه طمأنهم الى ان كل شيء على ما يرام وأنه لا داعي للقلق بشأن وجود الزلال في البول. وبعد مضي اسابيع عدة على الحادثة، اجتمعت الأم مع واحدة من صديقاتها، فروت لها ما جرى لطفلها فلذة كبدها، وهنا انبرت الصديقة لتقول للأم ان وجود الزلال في البول هو امر بالغ الخطورة، وأن احد معارفها توفي نتيجة ذلك، وهنا"لعب الفأر"في عب الأم فظنت ان الطبيب لم يقل لها الحقيقة. إن وجود الزلال في البول عند الطفل هو احدى المشكلات الصحية التي تظهر بكثرة في العيادات الاستشارية المتخصصة بعالم الطفل والطفولة، وهذا الاكتشاف قد يتم بالصدفة إثر تعرض الصغير لمرض ما، او ما بعد اجراء فحوص روتينية. ان الزلال يوجد في البول بكمية زهيدة في الحال العادية، اما وجوده بكمية عالية فقد يظهر خلال الإصابة ببعض الأمراض المترافقة بارتفاع في الحرارة كريب، التهاب رئوي... الخ، أو إثر حدوث امراض في الكلية، او عند الأطفال الأصحاء بين عمر 10 و14 عاماً، والذين يكونون نحفاء، طوال القامة، ضعاف العضلات. واللافت عند هؤلاء ان الزلال يظهر في بولهم بعد وجبات الطعام، او بعد الوقوف المديد، او عقب الإصابة بالتعب النهاري، ولذلك يطلق على هذه الحال الزلال البولي الوقوفي، والتحريات المخبرية تبين ان الزلال يوجد في بول الظهيرة والمساء ولكن ليس في بول الصباح. ان الكلية، في حال الزلال البولي الوقوفي، ليست مريضة اطلاقاً، ولكن لأسباب ما زالت تغط في بحر المجهول، فهي تعطي الضوء الأخضر للزلال كي يتسلل بكميات معتبرة في الوقت الذي يجب عليها احتجازه لإعادته الى الدورة الدموية. ان مرض الزلال البولي الوقوفي هو حالة عابرة يجب ألا تقود الى اجراءات لا لزوم لها، مثل اخضاع الطفل لحمية خاصة، او الإقلال من كمية اللحوم، او منع الملح. ان مثل هذه التدابير لا فائدة منها تُرجى. ايضاً يجب عدم حرمان الطفل من ممارسة الرياضة، بل على الضد يجب تشجيعه عليها، وهناك من يوصي بالرياضة الجمبازية، خصوصاً تلك التي تقوي العضلات البطنية، لأنها تعطي بعض الفائدة على صعيد الشفاء. باختصار مفيد، ان الزلال البولي الوقوفي هو حال عابرة وغالباً ما تكون سليمة العاقبة، والمهم في الموضوع هو مراقبة الطفل لرصد تطورات الزلال البولي من اجل تفادي الوقوع في مطب علل تبدأ خلسة وتتستر بظل الزلال البولي الوقوفي.