يعتبر السكري من أهم العوامل المسببة لعجز الكلى النهائي ، حيث حوالي 20-30% من مرضى السكري بنوعيه الأول والثاني قد ينتج لديهم اعتلال الكلية السكري مع مرور الوقت... العلامة المبكرة لاعتلال الكلية السكري هو ظهور كمية بسيطة ولكن غير طبيعية من الزلال (البروتين) في البول بما يسمى البول الزلالي الصغري (microalbuminuria) . و تقدر كمية الزلال في البول في هذه الحالة بأكثر من 30مجم في ال24 ساعة . وفي هذه الحالة اذا لم يتم التدخل العلاجي السريع فان 80% من مرضى السكري سيزيد لديهم معدل الزلال البولي الى ان يصل المصاب الى مرحلة الاعتلال الكلوي السكري حيث يزيد كمية الزلال في البول الى أكثر من 300مجم في ال24 ساعة بما يسمى المتلازمة الكلائية ومنها الى القصور الكلوي وبذلك يصلوا الى مرحلة العجز الكلوي النهائي. ولكن لماذا يؤثر السكري على الكليتين؟ ان الكليتين تعملان كمصفاة مكونة من مجموعة من وحدات التصفية التي تصفي الدم من السموم والفضلات . يدخل الدم الى الكليتين عبر أوعية دموية صغيرة تسمى بالأنابيب الشعرية ، فاذا كنت مصابا باعتلال الكلية السكري فان هذه الأنابيب قد تصاب بالانسداد وبذلك لا يتم تصفية الدم بشكل صحيح وتصبح راشحة فتنفذ منها البروتينات والمواد الغذائية التي يجب أن تبقى بالدم لكنها تذهب الى البول مما ينتج عنه الزلال البولي الصغري الذي قد يتدرج الى مرحلة عجز الكلية النهائي. تضرر الكلية بالسكري لا يظهر الا بعد مرور وقت طويل من الاصابة بالسكري في غالب الأحيان خاصة في مرضى النوع الأول (حوالي 10-15 سنة من الاصابة ) ، حيث أن الكلية تعمل بجهد ووقت مضاعفين للتخلص من جميع السموم من الدم ولكن كلما مر الوقت كلما زاد تضرر الكلية حتى تصبح غير قادرة على تحمل العبء ونتيجة لذلك تبدأ أولى أعراض العجز عليها. ومن حسن الحظ ، هناك فحوصات يمكن اجراؤها لاكتشاف المرض في مراحله الأولى . ان بعض الدراسات بينت ان اكتشاف الزلال البولي الصغري بالاضافة لكونه العلامة المبكرة لاعتلال الكلية السكري فهو أيضا علامة كبيرة قد تدل على احتمال اصطحاب المرض لآثار في القلب والأوعية الدموية . لذلك اذا أكتشف وجود زلال بولي صغري في البول هذا يحثنا على عمل فحص شامل للقلب والأوعية الدموية والعمل على معالجة جميع العوامل المساعدة لظهور أمراض القلب المصاحبة مثل تخفيض مستوى الدهون في الدم ، ايقاف التدخين ، تخفيض ضغط الدم المرتفع ، وهكذا. هناك أيضا دراسة بينت أن تخفيض مستوى الكلسترول في الدم قد يؤدي الى تخفيض مستوى الزلال في البول والسيطرة على مضاعفات السكري للكلى. كيف يتم الكشف عن الزلال البولي الصغري ؟ ومتى يجب الكشف عنه؟ بمجرد اكتشاف مرض السكري النوع الثاني فانه يجب فحص البول لوجود الزلال الصغري أما النوع الأول من مرض السكري وهو النوع الذي يظهر عادة في الأطفال قبل سن البلوغ فانه يتم فحص البول للزلال بعد التشخيص بخمس سنوات . وهذا الفحص البولي يجب أن يتكرر مرة سنويا والطريقة الصحيحة لتجميع البول لفحصه من أجل الزلال يفضل أن تكون عند أول بول في الصباح نتيجة لاختلاف كمية الزلال في البول على مدار اليوم . اذا تم اكتشاف زلال البول لأول مرة يفضل على الأقل تجميع البول وفحصه على فترتين خلال 3-6 أشهر للتشخيص النهائي للمريض على أنه يعاني من الزلال البولي الصغري كمرحلة أولى لاصابة الكلى بالضرر من السكر .ويجب أيضا عند اكتشافه القيام بعمل فحص مخبري لوظائف الكلى وقياس مستوى الكلسترول بالدم. ما هو علاجه؟ كما ذكرنا فان ظهور الزلال البولي الصغري يدل على أن هناك تغييرات تحدث في الأوعية الدموية التي تقوم بتصفية الدم والتخلص من الفضلات ومنها ارتفاع ضغط الدم في هذه الأوعية فالعلاج الموصف هو مثبط انزيم أنجيوتنسين كونفيرتينج (ACE) ، والذي يستخدم عادة في علاج ضغط الدم المرتفع سيقوم بتخفيض ضغط الدم من خلال ايقاف الأنزيمات التي تضيق الأوعية الدموية. مثال لهذه العقاقير (الكابوتين، الرينيتيك) . فعندما يخفض ضغط الدم في هذه الأوعية يقل تضرر الكلية فبتالي تقل كمية البروتينات التي تترشح من الدم الى البول الى حد كبير. الخطوة الأخرى في العلاج هي التقليل من الملح (الصوديوم والفوسفيت). وأخيرا التقليل من البروتينات الحيوانية مثل اللحوم وغيرها بنسبة 0.6 جم/كجم/يوم ولكن يجب أن يكون تحت نظام غذائي صحي باشراف أخصائي تغذية حتى لا يحصل وهن وضعف في العضلات. ما هي الوقاية منه؟ ان الخطوة الأساسية للوقاية من تضرر الكلية من داء السكري هو السيطرة على مستوى سكر أو غلوكوز الدم بحيث يكون وقت الصيام بمستوى بين 80-120 مجم /دل وبعد الأكل يكون أقل من 140 مجم/دل . السيطرة على ضغط الدم المرتفع فيجب على مريض السكري أن لا يزيد ضغط دمه عن 130/85 ,فاذا كان ضغط الدم أعلى من ذلك فانه سوف يسرع من الاضرار بالكلى. وأخيرا يجب الفحص الدوري السنوي للزلال البولي الصغري لاكتشافه مبكرا وعلاجه. هذه المعلومة تقدمها صحيفة عناية الصحية بالتعاون مع جمعية طب الأسرة والمجتمع د/منال خورشيد أخصائية طب الأسرة