لم ينصع وزراء الحكومة الاسرائيلية لتعليمات القائم بأعمال رئيسها ايهود اولمرت عدم الإدلاء بتصريحات قد تفسر على انها تدخل في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، واطلقوا تحذيرات وتهديدات للفلسطينيين بأن ما سيخسرونه من تحقيق"حركة المقاومة الاسلامية"حماس انجازاً في الانتخابات يفوق بكثير ما يمكن ان يربحوه، سواء على جبهة العلاقات مع اسرائيل أو في الحلبة الدولية. ولم تخف عناوين الصحف العبرية أمس حقيقة ان صناع القرار في تل ابيب لن يترددوا في الايام المتبقية على موعد الانتخابات الفلسطينية في اطلاق تصريحات واتخاذ خطوات، مثل السماح لآلاف العمال الفلسطينيين بدخول اسرائيل للعمل أو تمكين النائب الأسير مروان البرغوثي من الحديث من سجنه الى الفلسطينيين عبر فضائيتي"الجزيرة"و"العربية"، وكلها خطوات تصب في مصلحة"فتح"، بحسب تأكيد معلقين اسرائيليين بارزين. في غضون ذلك، عقد اولمرت جلسة مشاورات سياسية - أمنية بحضور وزيري الدفاع والخارجية شاؤول موفاز وتسيبي لفيني وقادة الأجهزة الأمنية المختلفة تناولت سيناريوهات"اليوم التالي"للانتخابات الفلسطينية وطبيعة الرد الاسرائيلي على الانجاز الذي ستحققه"حماس"وفقاً لحجمه. وآثر المجتمعون عدم التسرع في اتخاذ أي قرار في الوقت الراهن ووجوب انتظار نتائج هذه الانتخابات والحكومة الفلسطينية التي ستشكل"وعندها تتخذ الحكومة الاسرائيلية موقفاً واضحاً من السياسة الواجب اتباعها تجاه الشريك الفلسطيني أو اللاشريك". وأفادت وسائل الاعلام العبرية ان اسرائيل"تتابع بقلق"احتمال فوز"حماس"في الانتخابات أو حصولها على 30 في المئة وأكثر من الأصوات وإمكان مشاركتها في الحكومة الفلسطينية المقبلة على غرار ما حصل لحزب الله اللبناني، وهو ما دفع وزيرة الخارجية تسيبي ليفني الى الاعلان من جديد ان اسرائيل ترفض محاولات أوروبية للتميز بين ذراعي"حماس"العسكري والسياسي. وقالت اذاعة الجيش الاسرائيلي ان صناع القرار في اسرائيل يتخبطون في اتخاذ موقف حاسم من"حماس"وأنهم منقسمون في الرأي حول ما إذا كان دخول"حماس"الحلبة السياسية سيدفع الى اعتدالها أم يجرها نحو مزيد من التطرف. وكان وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز تناول هذه المسألة في محاضرته مساء أول من امس في"مؤتمر هرتسليا"حول"ميزان المناعة والأمن القومي"لاسرائيل، وقال انه في حال حصل تحول في السلطة الفلسطينية ونشأ وضع غياب شريك للتفاوض فإن"اسرائيل ستقرر مصيرها بنفسها وتبلور واقعاً يتماشى ومصالحها القومية والأمنية"، في تلميح آخر الى احتمال قيام اسرائيل بخطوات أحادية الجانب تفرض حلاً للصراع. من جانبه دعا رئيس هيئة اركان الجيش الجنرال دان حالوتس، في محاضرته أمس امام المؤتمر ذاته، الى الاستعداد لاحتمال"تصعيد المواجهات مع الفلسطينيين فور انتهاء الانتخابات للمجلس التشريعي". وقال انه يتحتم على اسرائيل ان تقرر كيف ستتعامل مع السلطة الفلسطينية بعد الانتخابات وان تأخذ في الاعتبار خطر عودة المواجهات الى ما كانت عليه في ذروة الانتفاضة، مدعياً وجود حوافز لذلك مصدرها ما يفعله الفلسطينيون وليس ما يفعله الاسرائيليون". أما رئيس الهيئة السياسية - الأمنية في وزارة الدفاع الميجر جنرال عاموس غلعاد فتوقع ان لا تستأنف"حماس"في الفترة القريبة"هجماتها الارهابية". وقال ان جل هم الحركة ينحصر الآن في كيفية السيطرة على السلطة الفلسطينية وهذا يتطلب منها الانضباط لتعزيز تأثيرها السياسي والاقتصادي والاجتماعي على الشارع الفلسطيني"لكنها في نهاية المطاف ستكون عاملاً في خلخلة عملية السلام". وكانت الحكومة الاسرائيلية استمعت أمس الى تقارير بهذا الشأن من وزير الدفاع وقادة الجيش والاجهزة الاستخبارية. وقال الوزير تساهي هنغبي ان اندماج"حماس"في السلطة الفلسطينية واستيلاءها على حكومتها سيكون لهما انعكاسات خطيرة وتراجيدية بالنسبة الى مكانة الفلسطينيين في العالم وايضاً على الحوار مع اسرائيل. ورأى وزير البناء والإسكان زئيف بويم ان فوز"حماس"سيكون بمثابة اقامة"قاعدة أمامية"لايران في رام الله، مضيفاً انه يتوجب في كل الحالات ان تنظر اسرائيل الى"حماس"كحركة جهادية تدعو الى القضاء على اسرائيل و"يجب الحذر من محاولات تجميل صورة هذه الحركة". وكانت صحيفة"يديعوت احرونوت"أفادت نقلاً عن مصادر سياسية في اسرائيل ان اولمرت يعتقد انه في حال فازت"حماس"في الانتخابات فإن اسرائيل ستعفي نفسها من كل التزاماتها للسلطة، إذ أنها لن تسلم بواقع تكون فيه الحركة جزءاً من السلطة الفلسطينية إذا لم تتجرد من سلاحها وتلغي ميثاقها الداعي الى القضاء على اسرائيل. ولمحت المصادر الى ان اسرائيل ستدرس عدم تحويل أموال مستحقة للسلطة، من الضرائب والجمارك، فضلاً عن قناعتها بأن الدول المانحة ستوقف دعمها للسلطة في حال تسلمتها"حماس". وزادت ان اسرائيل ستطالب المجتمع الدولي بالضغط على القيادة الفلسطينية لاخراج"حماس"من دائرة صنع القرار.