في كل بلاد الأرض يدفع الفنان المطرب مالاً لكل من يقدم له إبداعاً في ألبومه. وفي كل بلاد العالم تدفع الشركة المنتجة للشاعر أو الموسيقى أو الملحن وكذلك للمطرب نقوداً مقابل أن يقدم ألبوماً غنائياً ناجحاً... في كل البلاد إلا في الساحة الخليجية... تنعكس الصورة تماماً! هنا في الخليج ينقلب الحال رأساً على عقب. دعونا نتابع مسيرة إنتاج البوم غنائي خليجي. يبدأ المشروع الغنائي عند شاعر خليجي من نوعية"هامور شاعر"، وهو سمك القرش الذي يمتلك الإمكانات المالية الضخمة بدلا من الأسنان الفتاكة كعادة الهوامير البحرية. يبدأ المشروع بورقة مكتوب عليها بعض الأبيات الشعرية ومن ثم يقدمها هذا الشاعر ومعها شيك ساخن إلى المطرب مقابل غناء تلك القصيدة. ومن ثم يقدم الهامور الشاعر شيكاً ثانياً للملحن الذي يلحن القصيدة. ومن ثم يدفع شيكاً للموزع وشيكاً رابعاً للاستوديو الذي يسجل فيه اللحن، وشيكاً خامساً للمخرج الذي يصور الأغنية، وربما يدفع شيكا للمصور الفوتوغرافي الذي يصور غلاف الألبوم وربما للمزيّن ومصفف الشعر إذا كان النجم مطربة... حتى يظهر الألبوم إلى الناس يسبقه الكليب من دون أي عبء مالي على المطرب أو الشركة المنتجة. أرأيتم اننا نختلف عن كل بلاد الأرض في هذا النهج الإنتاجي مع التأكيد أن هذا"الهامور"ليس منتجاً أو صاحب شركة إنتاج بل هو شاعر أحب أن تصل كلماته إلى اكبر عدد ممكن من الناس وان يمنح لقب شاعر غنائي يدعي ويفاخر فيه. وهو يملك المال كي يحقق تلك الميزة والخصوصية. في الساحة الفنية الخليجية فقط، يتم إنتاج البوم مجاني من دون أن يكلف شركة الإنتاج شيئاً، علماً أن العملية كلها تدرّ أرباحاً طائلة على الفنان أو الفنانة حتى قبل أن يطرح في السوق وذلك بسبب الشيكات الآنفة الذكر... أغنية واحدة فقط لذلك الهامور الشاعر تغطي أعباء الألبوم وتكاليفه فما بالك لو ضمّ العمل 7 او 8 اغاني للشاعر نفسه! يعني أن 7 أغان في البوم واحد يغطي تكاليف شراء مصرف كامل ولا غرابة... طبعاً في مقابل كل هذا الدفع الزاخر، يتم التنازل عن كلمة جيدة أو فكرة غنائية مبتكرة. وتُغيّب أسماء وصور شعرية وجمل موسيقية رائعة، خصوصاً إذا دخل الملحن كوسيط للتسلسل الآنف الذكر ويأخذ نسبته عن كل أغنية"هامورية". وإن كانت مهمته تقتصر فقط على نقل من كل أغنية كوبليه وهو أمر مربح بالنسبة اليه والبقية يستأثر بها المطرب طبعاً. قلنا في بداية الأمر أن ذلك يحدث فقط في الساحة الغنائية المحلية وليس في أي بقعة أخرى من هذا الكوكب! وبما انني متابع للوسط الغنائي العربي والخليجي وأحياناً العالمي لم أجد هذه التسلسلية"الهامورية"في جبال التيبت أو المكسيك او حتى في جزر موريشيوس. تجدر الإشارة في النهاية إلى أن هذا الهامور الممول ليس شاعراً بل هو يشتري القصيدة من أحد الشعراء الحقيقيين المحتاجين، لذا يتطلب شيكاً سادساً في السلسلة المذكورة! قلنا إن هذا لا يحدث إلا في الخليج فقط!