تخوف محللون سياسيون من ان يؤدي تداخل الصلاحيات بين رئيس السلطة الفلسطينية والحكومة التي كلف رسميا القيادي في"حماس"اسماعيل هنية تشكيلها الى ازمة سياسية بسبب وجود رأسين للسلطة. وبتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة برئاسة هنية، ستبدأ مرحلة من التعايش غير مسبوقة بين الرئيس محمود عباس من حركة"فتح"وحكومة تسيطر عليها حركة المقاومة الاسلامية حماس. وقال المحلل السياسي هاني المصري:"حسب النظام السياسي الفلسطيني، فان لرئيس السلطة صلاحيات واسعة تقابلها صلاحيات واسعة للحكومة ايضاً مما قد يؤدي الى تضارب وتداخل قد يصل الى ازدواجية السلطة". واضاف ان هذه المخاوف تتعزز كون"رئيس السلطة الفلسطينية ما زال من حركة"فتح"التي لها برنامج سياسي تعتمد استراتيجيته على استمرار العملية السلمية والمفاوضات مع اسرائيل". وتابع ان"حركة حماس فازت على اساس برنامج سياسي مختلف لا يقبل الاعتراف باسرائيل وهي ترفض التفاوض معها وسينتج عن هذا الاختلاف ربما تضارب واختلاف بين رأسي السلطة الرئاسة والحكومة". واوضح ان هذه المشكلة قد تتفجر"اذا لم يحدث اتفاق خصوصاً على توزيع الصلاحيات وتوافق بشأن الموضوعين السياسي والأمني اللذين يشكلان نقطتي الاختلاف الرئيسيتين بين الطرفين". وتابع المصري"ان رأس السلطة الفلسطينية هو الرئيس وهو من حركة"فتح"وغالبية اعضاء المجلس التشريعي من حركة"حماس"ورأس الحكومة من حماس". واضاف"لكن كبار موظفي الوزارات هم من كوادر حركة"فتح"وهذا يضيف اشكالية اخرى للحكومة التي ستكون عاجزة عن تغيير هذا الجسم لا سيما في ظل عدم وجود موازنات لتوظيف كبار الموظفين من حركة حماس". واوضح"ان الاتفاق غير متاح في كل هذه المواضيع. فحركة"فتح"تريد توريط حركة"حماس"التي باتت السلطة التنفيذية بيدها والتي رسمياً هي الحزب الحاكم ولكن فعلياً لا تملك الوسائل لتنفيذ برامجها". ويقول رئيس لجنة صوغ الدستور الفلسطيني احمد الخالدي:"ان النظام السياسي الفلسطيني نظام ديموقراطي رئاسي برلماني مختلط والقانون الاساسي الفلسطيني الذي يعتبر بمثابة الدستور الموقت للسلطة الفلسطينية نظم العلاقة بين اطراف السلطات الثلاث". وتابع:"ولكن ما يزيد من التداخل ان رئيس السلطة هو ايضاً رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، والملف السياسي هو في يد المنظمة والسياسة الخارجية بكل تفاصيلها من مفاوضات وغيرها في يد المنظمة ايضاً. اما الحكومة فمن صلاحياتها وضع وتنفيذ برنامج ادارة الحياة اليومية للشعب الفلسطيني في الداخل". ويمنح القانون الاساسي الفلسطيني صلاحيات واسعة لرئيس السلطة الوطنية، خصوصاً في مجال السياسة الخارجية والامن والتشريع بينما يحصر دور رئيس الحكومة في الشؤون الداخلية. وقال عضو المجلس التشريعي السابق مفيد عبد ربه"ان الرئيس حسب القانون الاساسي الفلسطيني له صلاحيات بحكم انه ايضاً القائد الاعلى للقوات الفلسطينية، وحسب قانون الخدمة لقوى الأمن الفلسطيني يستطيع بشكل مباشر ومن دون الرجوع الى احد ان يعين قائد الامن الوطني ويستطيع عزله". وتابع ان"الرئيس هو من يعين رئيس جهاز المخابرات العامة ويعين رئيس جهاز الامن الداخلي الفلسطيني بتنسيب من مجلس الوزراء وهو من يعين كل الوظائف الامنية في الشرطة والامن الوقائي والدفاع المدني بتنسيب مدير الامن الداخلي". واوضح عبد ربه:"حسب القانون توجد لجنة امنية تسمى لجنة الضباط تتشكل من القائد الاعلى ومرجعيتها الرئيس وهي التي تمنح الرتب العسكرية وتحيل على التقاعد وتمنح الاوسمة وكل ما يختص بتنفيذ العمل الاداري لمنتسبي الاجهزة الامنية الفلسطينية". وفي موضوع تشكيل الحكومة، يقول:"الرئيس ليس محكوماً بقانون من اجل ان يكلف اي شخص من الغالبية البرلمانية بتشكيل الحكومة ويستطيع ان يكلف شخصاً من اي طرف يريد رئاسة الحكومة، ومن حقه ان يقيل اي رئيس حكومة". وتابع:"الرئيس يستطيع تشكيل حكومة طوارىء مدتها 29 يوماً كما حدث عام 2005 عندما اعلن الرئيس الراحل ياسر عرفات حالة الطوارىء وكلف احمد قريع تشكيل حكومة طوارىء وهو قادر على ان يكلف رئيس حكومة جديداً كلما انتهت هذه المدة لا سيما ان حكومة الطوارىء لا تحتاج الى ثقة المجلس". وقال عبد ربه:"اذا حدثت مشكلة دستورية فمن حق الرئيس الذهاب الى المحكمة الدستورية التي يمكنها ان تقرر اجراء استفتاء عام حول اي موضوع، وخصوصاً اللجوء الى استفتاء لاجراء انتخابات مبكرة وحل البرلمان ويمكنه اللجوء اليها لتفسير اي قانون مختلف عليه او الغاء اي قانون غير دستوري وقرارات هذه المحكمة لا معقب عليها". وتابع:"ذلك يعني سياسياً ان البلد يمكن ان يدخل ليس في ازمة دستورية وإنما في ازمة عامة وهو امر متوقع".