يعقد المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب اليوم جلسته الاولى في الضفة الغربية وقطاع غزة، وسيؤدي خلالها النواب اليمين الدستورية امام الرئيس محمود عباس الذي يتوقع ان يطلب من"حركة المقاومة الاسلامية"حماس تشكيل الحكومة الجديدة، وذلك بعد فوزها الكاسح في الانتخابات التشريعية التي جرت في 25 كانون الثاني يناير الماضي. وستعقد الجلسة في مقر الرئاسة في المقاطعة في رام الله وفي مركز رشاد الشوا في غزة، وسيتم الربط بينهما عبر الدائرة المغلقة فيديو كونفرانس نظرا لعدم منح نواب"حماس"تصاريح مرور من اسرائيل للانتقال من غزة الى الضفة. ويُنظر الى اختيار المقاطعة لتنصيب المجلس التشريعي الذي تنتمي غالبية اعضائه الى"حماس"، كإشارة من الرئيس عباس تفيد بتمسكه بخيوط القرار الفلسطيني رغم فوز"حماس". خطاب الرئيس وسيلقي الرئيس عباس كلمة افتتاحية يحدد فيها ملامح برنامجه السياسي القائم على رؤيته للسلام مع اسرائيل ويطلب من الحكومة الجديدة احترام التزامات السلطة الفلسطينية والاتفاقات الموقعة و"السلاح الواحد"وانهاء الفوضى، لكن من غير المرجح ان يطلب منها الاعتراف باسرائيل او نبذ العنف كشرط لتشكيل الحكومة. تسمية رئيس الحكومة ومهمة تشكيلها وبعد الجلسة البرلمانية، سيطلب عباس من"حماس"تسمية رئيس الوزراء، وسيكلفه تشكيل حكومة، علما انه بات معروفاً على نطاق واسع ان"حماس"اختارت اسماعيل هنية لرئاسة الوزراء. كما سينتخب النواب رئيس المجلس التشريعي، وسط انباء ان"حماس"ستنتخب عزيز الدويك لهذا المنصب. ووفقاً للقانون، فان امام"حماس"ثلاثة اسابيع لتشكيل حكومة، مع امكان تمديد المدة اسبوعين اذا لزم الامر. واذا اخفقت"حماس"في تشكيل الحكومة خلال هذه الفترة، فان من حق الرئيس ان يطلب من اي تكتل برلماني آخر او اي شخص من خارج المجلس تشكيل الحكومة. لكن"حماس"قالت ان التشكيل الحكومي سيكون جاهزا بحلول اول آذار مارس. تحديات أمام حكومة"حماس" ثمة تحديات كثيرة امام حكومة تشكلها"حماس"، بعضها خارجي يتعلق بالعلاقة مع اسرائيل والمجتمع الدولي واشتراطاته في خصوص عملية السلام واعتراف"حماس"باسرائيل والاتفاقات معها ونبذها العنف، وبعضها داخلي يتعلق بالعلاقة بين الرئاسة والحكومة، او فتحها ملفات الفساد والاصلاح وضبط الانفلات الامني، او في عزم بعض الاجنحة المسلحة افشال مشروع"حماس". في البداية، يتوقع ان تحدث أزمة بين الرئاسة والحكومة اذا رفضت"حماس"تبني برنامج عباس السياسي، ما سيضطره الى سحب التفويض الحكومي وتكليف شخصية أخرى، الأمر الذي ستعترض عليه الحركة ومن المرجح ان تلجأ الى اسقاط اي حكومة اخرى بما تملكه من قوة برلمانية، ما لم يتم التوصل الى حل وسط بين الجانبين. وثمة مشكلة اخرى شائكة بين الرئاسة وحكومة"حماس"المقبلة تتعلق بمجموعة التعيينات والمراسيم التي صادق عليها المجلس التشريعي المنصرف قبل يومين من انتهاء عمله، وهي مراسيم تقول"حماس"انها"غير دستورية"وتصفها بأنها"اجراءات استباقية"تهدف الى الحد من صلاحيات حكومة بقيادة"حماس"وتوسيع صلاحيات الرئاسة. وتتعلق هذه المراسيم بوسائل الاعلام الرسمية التي اصبحت تتبع مؤسسة الرئاسة بدلا من وزير الاعلام، وكذلك تعيين رئيس المحكمة الدستورية التي تنظر في دستورية القوانين التي ستصدرها حكومة"حماس"، وهو تعيين اصبح من صلاحيات الرئيس الذي بات في يده ايضا تعيين رئيس ديوان موظفي السلطة، فضلا عن انه القائد الاعلى للقوات المسلحة الفلسطينية، حسب الدستور الذي يجعله رئيسا لجهاز المخابرات وقيادة الامن الوطني. ويتمتع الرئيس الفلسطيني حسب القانون بحق رد اي قانون يصدر عن المجلس التشريعي ولا يصبح القانون نافذاً، في حال رده الرئيس الا بموافقة ثلثي اعضاء المجلس، وهو ما لا تمتلكه"حماس".واوضح النائب عن"حماس"في المجلس المقبل احمد مبارك لوكالة"فرانس برس":"قال البعض حين احتججنا على قرارات المجلس التشريعي الاخيرة اننا اصبنا بالهلع، لكن الاجراءات الاستباقية التي تتخذها السلطة منذ ايام مؤشر الى انها هي المصابة بالهلع والارباك". وقال ان"ما قامت به السلطة والمجلس التشريعي السابق لا ينسجم مع ما اعلنه اكثر من مسؤول سابق عن علاقة تعاون وتنسيق مشترك وكل الاجراءات المتخذة تتناقض مع التصريحات". وعبر عن امله في ان"يتراجع الرئيس عن المراسيم التي اتخذها". وفي حال عدم حدوث مثل هذه المواجهة، فان التحدي الثاني امام"حماس"هو تشكيل الحكومة وشكلها، علما ان الحركة ما زالت تأمل في اقناع"فتح"التي تشكل الان اكبر جماعة معارضة بالانضمام الى الحكومة، الا ان"فتح"التي ترفض ذلك، ستتخذ القرار النهائي بعد اجتماع لقيادتها الاسبوع المقبل. ويقول بعض مسؤولي"حماس"انهم يفضلون حكومة ائتلاف وطني مع الفصائل الاخرى والمستقلين، لكن مسؤولين اخرين يقولون انهم قد لا يعينون الا وزراء من"حماس". وفي هذا الصدد، قال هنية امس:"ما زلنا في مرحلة التشاور مع كل القوى الوطنية والاسلامية والمستقلين من ابناء شعبنا بهدف التوصل الى افضل صيغة لهذه الحكومة التي ستتحمل المسؤولية الكاملة السياسية والداخلية للشعب الفلسطيني". واكد"الحاجة الى مزيد من التشاور داخل مؤسسات الحركة في الضفة وغزة والسجون والخارج". وسيكون التحدي الاكبر امام الحركة هو التعامل مع الحصار الدولي الذي سيفرض على حكومتها والذي سيأخذ شكل مقاطعتها سياسيا وقطع الدعم المالي عنها. وتستعد اسرائيل الى فرض حصار اقتصادي قاس على الفلسطينيين يبدأ بتجميد اموال الضرائب والجمارك التي تدفعها شهريا للسلطة الفلسطينية وتبلغ قيمتها 500 مليون دولار.