رفضت حركة المقاومة الاسلامية حماس أمس المحاور السياسية في خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال الجلسة الأولى للمجلس التشريعي الجديد، مؤكدةً في الوقت ذاته نيتها حل هذا التباين السياسي عبر"الحوار والتفاهم والتنسيق"مع عباس وحركة"فتح"وموافقتها على برنامجه الداخلي. وجاء موقف الحركة هذا رداً على عرض الرئيس الفلسطيني شراكة سياسية تقوم على اساس احترام الاتفاقات الموقعة مع اسرائيل ومواصلة المفاوضات معها ومواجهة حالة الفوضى الأمنية الداخلية ومكافحة الفساد. واعلنت اسرائيل، بعد ساعات قليلة على خطاب عباس وتنصيب المجلس التشريعي الجديد الذي تملك"حماس"الغالبية المطلقة فيه، انها صارت تعتبر السلطة الفلسطينية"كياناً معادياً"لها. وحدد عباس في خطابه الذي كلف فيه"حماس"تشكيل الحكومة أوجه الشراكة بينه، كرئيس منتخب، وبين الحكومة الجديدة التي ستشكلها"حماس"ب"مواصلة التزامنا، رئاسةً وحكومةً، بالنهج التفاوضي كخيار استراتيجي سياسي"و"تثبيت التهدئة كي نوفر المناخ المواتي لاستئناف المسيرة السلمية والعودة الى طاولة المفاوضات على أساس الشرعية الدولية والاتفاقات الموقعة". وحدد عباس رؤيته للمقاومة الفلسطينية التي تدعو"حماس"لمواصلة التمسك بها ب"المقاومة الشعبية ذات الطابع السلمي". وفي الشأن الداخلي شدد عباس على"تعزيز سلطة القضاء على وجه الخصوص وفرض سلطة القانون الواحد على الجميع، وسلاح شرعي واحد، وتعددية سياسية، وسلطة تكون مقدمة لولادة دولتنا العتيدة وعاصمتها القدس الشريف". وحمل عباس بشدة على الاجراءات الاسرائيلية الاستيطانية والقمعية والخطوات الأحادية الجانب واستمرار سياسة الاغتيالات. كما حذر من"استخدام التغيير الداخلي الذي حدث بفوز"حماس"بغالبية أعضاء المجلس التشريعي كذريعة لمزيد من العدوان ضد شعبنا ومبرر لابتزازه". وطالب اللجنة الرباعية والادارة الأميركية بأن"تبدأ على الفور جهوداً جدية لاعادة المسار التفاوضي والى العمل على أساس الشرعية الدولية ورؤية الرئيس بوش والمبادرة العربية للسلام والاتفاقات والتفاهمات الموقعة من"أوسلو"حتى خطة خريطة الطريق". وذكّر عباس حركة"حماس"مرات عدة بالاتفاقات الموقعة مع اسرائيل ومزاياها للفلسطينيين، خصوصاً اتفاقات"أوسلو"التي قال انها"أدت الى قيام أول سلطة وطنية فلسطينية على أجزاء من الوطن". وأعربت"حماس"عن اتفاقها مع بعض ما جاء في خطاب عباس وتحفظها عن جزء آخر. وقال خالد سليمان الناطق باسم كتلة"حماس"البرلمانية في الضفة:"لا خلاف على ما جاء في الشأن الداخلي من ناحية معالجة القضايا الأمنية والاجتماعية لكن في الموضوع السياسي هناك خلاف". واضاف:"بشأن الاتفاقات الموقعة نحن ملتزمون بهذه الاتفاقات، لكن لدينا الحق في مراجعة بعض الاتفاقات التي لا تخدم شعبنا مثل اتفاقية باريس الاقتصادية التي يستخدمها الجانب الاسرائيلي اليوم لابتزازنا بأموال الجمارك التي يحصلها بموجب هذه الاتفاقية". واكدت"حماس"على لسان رئيس المجلس التشريعي الجديد عزيز الدويك تأكيده"الحق المشروع لمقاومة الاحتلال"، فيما قال مرشح الحركة لرئاسة الحكومة النائب اسماعيل هنية ل"الحياة"ان خطاب عباس"تضمن محاور ايجابية في الوضع الداخلي، وحركة حماس ستبدأ في دعم هذا التوجه، لكن المحور السياسي في الخطاب هو محل التباين بيننا وبينه"، متعهداً معالجته من خلال"الحوار المباشر"مع الرئيس عباس وحركة"فتح". موقف اسرائيل من جهة اخرى، قال مسؤول اسرائيلي كبير في رئاسة مجلس الوزراء امس ان اسرائيل باتت تعتبر السلطة الفلسطينية"كيانا معاديا"لها بعد تنصيب البرلمان الفلسطيني الجديد. واضاف ان"خطاب محمود عباس لا يغير شيئا. نحن نعرف انه يعترف باسرائيل ويدين العنف ويريد مواصلة مفاوضات السلام المنصوص عليها في خريطة الطريق". وتابع:"المشكلة انه عهد بتشكيل الحكومة المقبلة الى"حماس"ولم نسمع من الاخيرة انها تعترف باسرائيل وتوافق على الاتفاقات الموقعة من الفلسطينيين وتتخلى عن الارهاب". وتنظر إسرائيل الى"حقبة حماس"على أساس أنها علامة فارقة تاريخية، وأنها، كما كتب كبير المعلقين في صحيفة"يديعوت أحرونوت"ناحوم بارنياع، تدفن نهائياً اتفاقات أوسلو وتحوّل الفلسطينيين من"لا شريك"الى"عدو"ما يؤذن، برأيه، بمواجهة وحرب بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.