تؤيد أعمال التخريب التي أصابت الهند اصابة بالغة في الأسابيع الأخيرة، ووقعت خارج محافظة كشمير المتنازعة، رأي الاستخبارات الهندية. فهذه تذهب الى ان خلايا"نائمة"اسلامية، تمولها بعض الأوساط الباكستانية، منها جهاز الأمن العسكري الباكستاني ISI، سبق أن تسللت الى الهند منذ وقت طويل، من الشمال الى الجنوب، عمد جهاز الأمن الى"ايقاظها". وأثبت زلزال 8 تشرين الأول أوكتوبر 2005 أن الناشطين الاسلاميين لا يزالون يتدربون في كشمير الباكستانية، ويتسللون من هناك الى القطاع الهندي. وعلى رغم هذا، لم يفت المراقبين ملاحظة اعتدال نيودلهي وامساكها في أعقاب انفجار ثلاث متفجرات وقتلها، في نصف ساعة، 66 شخصاً من متسوقي أسواق العاصمة المحتفلة بأعياد الهندوس والمسلمين، على خلاف احتجاجها العنيف والهائج غداة عملية 13 كانون الأول ديسمبر 2001 على برلمانها، التي أودت بپ13 قتيلاً. ومرد ذلك، على الأرجح، الى ان الهند، وهي قوية اليوم على نحو لم تكن عليه من قبل، عقدت العزم على الاضطلاع بدور الدولة الكبيرة. وعليه كان ردها على المتفجرات القاتلة شبيهاً برد مدريد ولندن. فهي لم تشهر حرباً على مأوى الارهابيين المفترض وملاذهم، بل أعلنتها على الارهابيين. وعمدت الهند، من وجه آخر، الى انتقاد باكستان، للمرة الأولى وعلناً، من باب سياستها في بالموشستان، حيث يصلي العسكر الباكستاني القوى المحلية والانفصالية قمعاً لا هوادة فيه. ويؤيد الانتقاد من هذا الباب نصب الهند نفسها رقيباً على السياسات الاقليمية واتجاهاتها العامة، ولا يقتصر على حماية مصالحها الخاصة وحدها. ولا يُغفَل، في هذا المعرض، موقف الولاياتالمتحدة وسياستها. ففي خريف 2001 مالت واشنطن الى باكستان ميل المتوله بحبيبه. وأما نيودلهي فلقيت صداً مهذباً، على رغم اسراعها الى اعلان انخراطها في الحرب على"القاعدة". واليوم،"تشتري"واشنطن من الهند جرحها السالف، وتعوضها إياه شراكة استراتيجية، وتمحضها صك براءة نووياً ، بينما تجافي باكستان وتظن فيها الظنون. والأغلب على الظن ألا تنال باكستان مثل هذه الحظوة، وهي التي تجرجر شبهات قضية عبدالقدير خان وتجارته النووية، وبيعه أسرار صناعة القنبلة الذرية الى كوريا الشمالية وايران وغيرهما. ولا يتستر الأميركيون على خيبتهم من الجنرال برويز مشرف، الرئيس الباكستاني، وهم يبادرون الى قصف الديار القبلية الباكستانية التي يأوي اليها مقاتلو"القاعدة"من غير وساطة مشرف وقواته. ولا يتلكأون، على خلاف شأنهم من قبل، في جهر انتقادهم بطء تمهيد الجنرال نقل باكستان الى الديموقراطية. ويجدر بباكستانوالهند معالجة خلافهما على كشمير، على رغم اشتراكهما في رعاية الوضع القائم، وموافقة الوضع هذا مصالحهما. فمشرف وحلقته العسكرية القريبة يدين الى الخلاف على كشمير، ودوام الخلاف هذا، ببقائه على رأس الدولة. وأما الهند فتحجم عن أي بادرة مهادنة وليونة، حين لا ترجو مربحاً. ولا يحول الأمر دون تعمد برويز مشرف اطلاق المقترحات في الاتجاهات كلها، من حياد قطاعي كشمير الى تليين خط الهدنة بينهما، فهو يخاطب مجتمعاً دولياً لا يعيره أذناً مصغية. عن ماري - فرانس كالّ مراسلة الصحيفة بآسيا، "لوفيغارو"الفرنسية، 9/2/2006