تابع العالم عن كثب الانتخابات الفلسطينية التي اكتسحت"حماس"من خلالها 74 مقعداً في المجلس التشريعي. والسؤال المطروح هو: هل هذه الانتخابات كانت نصراً لپ"حماس"وهزيمة لحركة فتح التي تعيش في الخمسينات من حياتها النضالية وبعد كل هذه الخبرات والقدرات الذاتية المتراكمة لديها؟ بالطبع لا نريد ان نشكك في جدارة وقدرة"حماس"ونضالها، فنعرف تماماً ان لها جماهيرها في الساحة الفلسطينية ومن الواضح كانت هناك أسباب مادية ومعنوية في الوقت نفسه لعدم فوز فتح بالاكثرية في البرلمان الفلسطيني، ولكن من جهة اخرى يمكن القول ان هذه الانتخابات كانت بمثابة فوز لحركة فتح، لدلائل وأسباب مختلفة، نذكر منها على سبيل المثال: 1- تبنت فتح مشروع الديموقراطية للقضاء على ارادة الحزب الواحد من خلال اجراء انتخابات حرة تمكنت من خلالها كل الفصائل والتنظيمات من تقديم مرشحيها بحرية تامة وخلقت المناخ اللازم للحملة الانتخابية وهذا يعتبر انجازاً في عالمنا العربي. ولكان من الصعب تصور حدوث مثل هذه الظاهرة لو كان غير فتح على رأس السلطة. وهذا دليل على ان ما يهم فتح هو مستقبل فلسطين والشعب الفلسطيني لا السلطة بذاتها. 2- كانت"حماس"والتنظيمات التي تشابهها مثل"الجهاد"عائقاً في مفاوضات السلام من خلال القيام بأعمال تهدد الامن الداخلي في فلسطين من طريق اعطار الذريعة للتدخل الاسرائيلي ومن خلال عقد اتفاقات مع دول تريد عرقلة السلام في المنطقة كإيران. وقد باءت كل محاولات اقناع"حماس"بالتنازل بالفشل. ولكن الآن على"حماس"بعد فوزها في الانتخابات، ان تشكل حكومة تحتم عليها التزامات ما كانت في مخيلتها، مثل اتباع النهج الذي مشت عليه منظمة التحرير وهو الاستمرار في المفاوضات مع اسرائيل وهذا لن يحصل الا اذا غيرت"حماس"ميثاقها لانها شروط اشترطتها جهات دولية مختلفة لا يمكن تجاهلها مثل الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وحتى الامين العام للأمم المتحدة اضافة الى اسرائيل نفسها. فنجاح"حماس"في الانتخابات إن لم يكن فخاً مقصوداً نصبته فتح لها، بل النتائج الحاصلة منه والمترتبة عليه قهراً، ستكون ما عجزت عن تحقيقه فتح ومنظمة التحرير لفترات من الزمن وهو ارغام"حماس"على قبول ما قبلت به منظمة التحرير الاعتراف بحق اسرائيل في الوجود، التخلي عن العمليات العسكرية والاعتراف بقرارات الاممالمتحدة وذلك بعد جهود طالت مدتها وأدت الى صرف الكثير من الطاقات والوقت والضياع في الساحة الفلسطينية، ولكن هذا الامر سيحصل بفضل تبني افضل ظاهرة للديموقراطية وهي الانتخابات الحرة والنزيهة، والكل يعرف ان لم تفعل"حماس"هذا ماذا كان سيحصل: - تهديد كل من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة بعدم التعاون مع الحكومة الفلسطينية في حال عدم تنازل"حماس"، حيث ان اكثر من 40 في المئة من موازنة السلطة الفلسطينية تتأمن من المساعدات الخارجية بما فيها الدول المذكورة الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وهذا يعني الفقر والحرمان في اوساط الشعب مما يجعل"حماس"في وضع حرج وفي مواجهة الشعب. - قطع العلاقات مع الحكومة الفلسطينية وهذا يعني العيش في عزلة. - ومن جانب آخر على الحكومة الجديدة حماس كما قال الرئيس محمود عباس ان تكسب الثقة الدولية، كما هو مرسوم في العالم ان تلتزم بكل الاتفاقات والمعاهدات المبرمة في الحكومة السابقة كاتفاق أوسلو وخطة الطريق. وايضاً عليها تحقيق الامن والامان ومواجهة الفلتان الامني في المجتمع الفلسطيني، الامر الذي كانت من اهم اسباب حدوثه. ان كل هذا سيؤدي الى تدني شعبية"حماس"، وأقول هذا بناء على التجربة التي شاهدناها في الساحة الاحوازية. النقطة الايجابية التي حصلت عليها فتح او بالاحرى ستحصل عليها ان عملت بجد هو الفراغ من السلطة والاستعداد لاعادة النظر في الهيكل التنظيمي لها خصوصاً في اللجنة المركزية وفتح المجال امام اعضاء مخلصين ذوي افكار نيرة للدخول في اللجنة المركزية. انني آمل بأن يعتبر حكام عالمنا العربي والاسلامي من هذه التجربة الفلسطينية ويفسحوا المجال للمعارضة لعرض بضاعتها ويهيئوا المناخ للشعوب لتختار حكوماتها بنفسها، لانها الطريقة السليمة الوحيدة التي تكفل حق الشعوب في تقرير مصيرها. محمد احمد الاحوازي - بريد الكتروني