قرأت في"الحياة"الأربعاء في 18 كانون الثاني يناير كلمة في صفحة بريد تتضمن نقداً لمقال رئيس تحرير"الحياة"الأستاذ غسان شربل إثر اغتيال الصحافي الشهيد جبران تويني، وقد عنون الأستاذ غسان كلمته"الليل يغتال النهار". انني من قراء"الحياة"القدامى وتستهويني اللغة في بلاغتها وإعجازها. وأذكر انني اعجبت في الكلمة المقتضبة الدالة على طول باع كاتبها في فصاحتها وإيجازها وقد اخذ القارئ"الناقد"محمد السيد السعودية على رئيس التحرير قوله"الليل يغتال النهار"وضرب مثلاً بآي من الذكر الحكيم"وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم"سورة الإسراء، الآية رقم 12، وردنا هو: يصح ما كتبه الأستاذ غسان فيما أسموه في اللغة"المجاز"ونستشهد بما أورده القارئ فمحونا"آية الليل"الى آخر الآية، لا تعني التفضيل بدليل قوله سبحانه"آيتين"ومن آي الذكر الحكيم بهذا المعنى"يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل"فذكر"الليل"أسبق. فسواد الليل في الإقبال والإدبار يختلط بالبياض ويتحد فيه. فالسواد والبياض"ثنائية"ان صحت ليست ضدية، وكما النهار ابصار، الليل هدوء من كد النهار وله اعجازه ووظائفه ورومانسيته. لليل والنهار مواقيت وآجال لا يمكن التفريق بينهما، والآية الكريمة صريحة"لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون"سورة يس، الآية 40. وفي اللغة لبس الشيء دخل فيه فقال سبحانه في محكم كتابه"وجعلنا الليل لباساًًِ وجعلنا النهار معاشاً"، فالقول ان النهار ابصار والليل ظلمة فلا تفضيل في اللون ان كان من تفضيل فهو في الرؤيا، فإذا قلنا ان التفضيل في الابصار ما رأي الناقد محمد السيد في البصيرة التي يرى بها من فتح الله عليهم ما لا يراه آخر أكان الوقت ليلاً ام نهاراً، وحين يقول سبحانه"يولج الليل في النهار"الإيلاج"يعني الدمج الدخول في الآخر والذوبان فيه، لأن واحدهم يولد من رحم السابق فلا يعود ثمة تثنية فالمصدر واحد. بقي ان نذكر ان كلمة غسان شربل كانت من حيث اللغة جميلة في صورها والتشابيه مع انها كلمة رثاء في الصحافي الشهير جبران تويني. محمد زهري حجازي عضو اتحاد الكتّاب اللبنانيين - طرابلس