يستعد الرئيس محمود عباس ابو مازن لمعركة سياسية صعبة مع"حركة المقاومة الاسلامية"حماس الفائزة بغالبية كبيرة في الانتخابات التشريعية. ويفتتح الرئيس الفلسطيني الجلسة الأولى للمجلس التشريعي الجديد صباح غد بخطاب يحدد فيه ملامح برنامجه السياسي القائم على رؤيته للسلام مع اسرائيل، قبل ان يطلب من"حماس"تشكيل حكومة جديدة تتبنى ما جاء في خطاب الافتتاح. وقال مسؤولون فلسطينيون ان عباس سيطالب"حماس"في خطابه باحترام"السلاح الواحد"والاتفاقات الموقعة مع اسرائيل والعمل على انهاء الفوضى الامنية، كما سيعلن ان حركة"فتح"ستواصل التفاوض مع اسرائيل، لكنه لن يطلب علناً ضرورة اعتراف الحركة باسرائيل او نبذها العنف كشرط لتشكيل الحكومة. وأوضح مسؤول رفيع قريب الى عباس ل"الحياة":"لا خيار آخر لدى أبو مازن سوى الضغط على حماس لتبني برنامجه السياسي"، مشيراً الى ان هذا الخيار هو"الوسيلة الوحيدة التي يمكنه من خلالها منع حدوث حصار دولي على الشعب الفلسطيني". واضاف:"دستورياً، هذا من حق الرئيس... والحكومة مسؤولة عن تطبيق برنامجه وإلا يمكنه تغييرها". وتوقع أزمة وزارية، اذ سترفض"حماس"تبني برنامج عباس، ما سيضطره الى سحب التفويض الحكومي وتكليف شخصية أخرى، الأمر الذي ستعترض عليه الحركة ومن المرجح ان تلجأ الى اسقاط اي حكومة اخرى بما تملكه من قوة برلمانية. وفي خطوة فُسرت على انها رسالة الى"حماس"بأن الرئيس هو صاحب القوة العليا في السلطة، قرر عباس عقد جلسة التشريعي في مقر الرئاسة في المقاطعة وليس في مقر التشريعي. وكان الرئيس الفلسطيني تلقى تحذيرات من جهات عدة بأنها ستقاطع السلطة أو ستقلص دعمها المالي والسياسي لها في حال شكلت"حماس"الحكومة من دون الاعتراف باسرائيل والاتفاقات الموقعة معها واعلانها نبذ العنف. وتوعدت اسرائيل امس بمجموعة عقوبات تبدأ بحصار اقتصادي يشمل وقف التحويلات الجمركية وفرض"حمية"على الفلسطينيين، مروراً بإعلان السلطة كياناً ارهابياً وعزل قطاع غزة بالكامل، وتشديد الاجراءات عند المعابر والحد من حرية حركة رئيس الحكومة والنواب، وصولاً الى التهديد بقطع الكهرباء والماء. ويختلف الموقف الأوروبي قليلاً عن الموقفين الاسرائيلي والأميركي، اذ اعلن منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا في مؤتمر صحافي عقب اجتماع في رام الله مع عباس، ان"الاتحاد الأوروبي لن يوجه دعوة لقادة حماس الى زيارة أوروبا حتى تشكيل الحكومة ومعرفة مكوناتها". وبدا انه لا يستبعد احتمال اجراء اتصالات مع الحركة في المستقبل عندما قال:"قد يتعين علينا ان نفكر في سبل التعامل مع الحكومة الجديدة، لكن الأمر يجب ان يحدد في وقته". وكرر سولانا ثلاث مرات دعم اوروبا لعباس وبرنامجه بصفته"الرئيس المنتخب على أساس هذا البرنامج القائم على دولتين لشعبين يعيشان بسلام جنباً الى جنب". وحرص على طمأنة الفلسطينيين الى ان الاتحاد الأوروبي لن يخذلهم او يتخلى عنهم، مبقياً الباب موارباً أمام مساعدات مستقبلية ربما تحمل صفة المساعدات الانسانية في حال فشل هذه الضغوط. من جانبه، قال أبو ردينة ان الجانب الفلسطيني طلب من الأوروبيين عدم فرض عقوبات على الشعب والانتظار ريثما تشكل الحكومة التي قال"اننا واثقون انها ستكون منسجمة مع ميثاق منظمة التحرير والاتفاقات الموقعة". يذكر ان"حماس"اصدرت اخيراً مؤشرات اعتدال عدة منها اختيار اسماعيل هنية وعزيز الدويك المعروفين باعتدالهما النسبي لتولي منصبي رئاسة الحكومة ورئاسة التشريعي، واعلان هنية التزام الاتفاقات الاقتصادية الموقعة مع اسرائيل، وقبله اعلان رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل احترام الاتفاقات عموماً.