في خطوة لم تفاجئ هواة المسرح في البحرين أعلن قطاع الثقافة والتراث الوطني تأجيل الدورة التاسعة لمهرجان المسرح الخليجي الى الفترة من 15 حتى 22 نيسان ابريل وكان من المقرر اقامته بدءاً من 21 كانون الثاني يناير طوال اسبوع. وعلى رغم ان السبب المعلن للتأجيل يعود الى ظروف الحداد الرسمي على حاكم دبي الراحل الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم بعد اعتذار دولة الإمارات عن المشاركة في المهرجان، الا ان البعض هنا ينظر الى قرار التأجيل كحل مثالي لأزمة كادت ان تتسبب فيها إدارة مسرح"الجزيرة"، وهو واحد من اعرق المسارح الأهلية في البحرين، بعدما بادرت الإدارة بتقديم مذكرة لأحد أعضاء مجلس النواب تطلب فيها تدخل المجلس لحل مشكلات المسرح الذي يعاني بحسب المذكرة تغييب دوره، خصوصاً في المشاركة في بعض الفعاليات المسرحية وهذا الأمر أدى إلى انسحاب مسؤولي مسرح"الجزيرة"من عضوية اللجنة العليا المنظمة للمهرجان الذي تم تأجيله. وكان أعضاء مجلس إدارة المسرح اجتمعوا بوزير الإعلام البحريني محمد عبدالغفار قبل ثلاثة أشهر وشرحوا له مشكلات مسرح"الجزيرة"وتتمثل أساساً في علاقة المسرح ببعض أجهزة الدولة المسؤولة عن النشاط الثقافي والفني، والمتهمة وفق أعضاء المسرح بپ"تغييبه عن التمثيل في المحافل الدولية والاقليمية، فضلاً عن أمور أخرى تتعلق بموازنة المسرح وبنيته التحتية". غير ان هذه المشكلات ما زالت قائمة، الأمر الذي دعا المجلس الى تصعيد المشكلة باتجاه البرلمان واستثمار حدث كبير مثل الدورة التاسعة لپ"مهرجان المسرح الخليجي"، بغية تسليط الضوء على تلك المشكلات وأملاً بإزالة المعوقات التي تعترض قيام مسرح"الجزيرة"بدوره. ومن ناحية أخرى، يأمل عدد من المسرحيين في المنامة في ان تكون الازمة بداية لفتح ملفات المسرح البحريني الذي يعاني غياباً واضحاً عن المشاركة في المهرجانات العربية خلافاً لما كان عليه في السابق لدى ازدهار لافت لفرقتي"اوال"وپ"الصواري"اللتين قدمتا عروضاً متميزة قياساً الى منجزات المسرح الخليجي خلال الثمانينات والتسعينات، وهي إنجازات أضافت الى رصيد المسرح البحريني الذي يعاني وطأة انتشار"العروض التجارية"، وتعد بمشاركة فرق وفنانين وافدين من بلدان مجاورة بهدف جذب السياح الذين تكتظ بهم المنامة في مواسم الأعياد والإجازات. وبدا واضحاً للمتابعين ان الإجراء الذي أقدمت عليه فرقة مسرح"الجزيرة"كخطوة استباقية للضغط على الهيئات الرسمية التي كانت تأمل الكثير من وراء استضافة الدورة التاسعة لمهرجان المسرح الخليجي الذي سيقام في صالة مسرحية جديدة. وكان من المقرر ان تستهل به فاعلية جديدة عنوانها"ربيع الثقافة"أعلنت عنها الشيخة مي بنت ابراهيم ال خليفة الوكيل المساعد لادارة الثقافة والتراث الوطني في البحرين خلال مؤتمر صحافي عقد في هذه المناسبة لدى الاعلان عن الفاعليات التي سيشملها المهرجان المؤجل. وكانت أشارت الى ان هذا"الربيع"سيستمر على مدى شهر كامل بالتعاون مع مجلس التنمية الاقتصادي ومركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث الذي ترأسه. وبحسب ما تم الاعلان عنه فأن الندوة الرئيسة في المهرجان ستحمل عنوان:"المكان في العرض المسرحي، إمكانياته وإشكالياته"، إضافة الى ندوات أخرى يقدم فيها عدد من الفنانين المسرحيين تجربتهم مع المكان في العرض المسرحي تحت عنوان"شهادات وتجارب". ومن المشاركين في الندوات اللبناني روجيه عساف والألمانية جون مشال حفيدة المسرحي الألماني برتولت بريخت، والسوري فايز قزق، والإماراتي ناصر الحاج والسعودي معجب الزهراني. وكان من المقرر استضافة مجموعة من المسرحيين العرب لمتابعة المهرجان ومنهم هدى وصفي وانتصار عبدالفتاح مصر وسهام ناصر لبنان وغنام غنام الاردن وعوني كرومي العراق. وتضم لجنة التحكيم في المهرجان محمد المديوني من تونس رئيساً، وعضوية سعاد عبدالله من الكويت وحبيب غلوم من الإمارات وعلي حسن من قطر، وعبدالكريم جواد من سلطنة عمان وراشد الشعراني من السعودية، وخليفة العريفي من البحرين. ومن العروض المسرحية التي اعلن عن مشاركتها في المسابقة: مسرحية"آه يا قلبي"إخراج الفنان محمد العامري الإمارات، ومسرحية"عذاري"لفرقة"مسرح أوال"البحرين وپ"طرفة على الجسر"للمخرج زكريا المومني، ومسرحية"انتهى الحب... وبدأت القسوة"سلطنة عمان. وتشارك من قطر مسرحية"هل الشرق"للمخرج عبدالرحمن المناعي، ومن دولة الكويت مسرحية"الهشيم"من إخراج فيصل العميري. وينظم المهرجان"ورشة مسرحية حول السينوغرافيا"باشراف المسرحي العراقي جلال جميل ويشارك فيها فنانان من كل دولة خليجية ومجموعة من فناني المسارح الأهلية البحرينية. والمهرجان يقام ضمن برنامج للأنشطة الثقافية التي يرعاها مجلس التعاون الخليجي. وكانت اقيمت دورته الاخيرة في ابو ظبي وشهدت سجالاً واسعاً حول الواقع المسرحي في دول الخليج. وتأرجح السجال بين مواقف عدة بعضها يؤيد الرأي القائل بتراجع المسرح الخليجي بشكل عام وبعضها دافع عن هذا المسرح باعتباره فناً جديداً ولا يملك تراثاً عميقاً في هذه البلدان. إلا ان هذا المهرجان يظل مناسبة مهمة لتطوير المسرح في الخليج تأليفاً واخراجاً وتمثيلاً، لكونه يفتح المجال أمام المسرحيين للتفاعل ولتبادل الخبرات ووجهات النظر. ومن هنا تنبع اهميته وأهمية الدور الذي يؤديه على مستوى دول الخليج.