وصفت مصادر رسمية المحادثات التي أجراها العاهل المغربي الملك محمد السادس مع وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد في القصر الملكي في المنتجع الشتوي ايفرن في الأطلس المتوسط بأنها كانت"مهمة"وعرضت لمجالات التعاون القائم بين البلدين على الصعيدين العسكري والأمني، إضافة الى تطورات الأوضاع الاقليمية وتنامي ظاهرة الارهاب في بلدان الساحل جنوب الصحراء. وقال الوزير رامسفيلد في ختام المحادثات ان"القاعدة"لا حظوظ لها في التمركز في منطقة شمال افريقياً، منوهاً بالمنهجية التي التزمتها البلدان المغاربية الثلاثة، الجزائر وتونس والمغرب، في مواجهة التطرف"ما يجعل حظوظ القاعدة ضئيلة في المنطقة". ورأى ان الاجراءات التي اتخذتها هذه الدول"مكنتها من العيش في سلام ومواجهة التطرف بنجاح". وسئل ان كان هناك قلق من وجود تنظيم"القاعدة"في بلدان الساحل والصحراء، فأجاب:"هناك مناطق عدة في العالم لا تخضع لسيطرة الحكومات. لكن لم تتخذ فيها الاجراءات نفسها التي رأيناها هنا". وكان الوزير رامسفيلد أوضح في مقابلة نشرتها صحيفة"لوماتان"أمس ان"القاعدة ومن يدور في فلكها ستعمل على محاولة التحكم في مناطق خارج دائرة القانون رغبة منها في خلق قواعد جديدة للعمليات، وهذا وقع تحديداً مع حركة طالبان في افغانستان". ورأى ان الحفاظ على الأمن على امتداد مضيق جبل طارق"مسألة حيوية بالنسبة لاستقرار المنطقة". وأوضح ان"حلفاءنا"استطاعوا احباط محاولة هجوم كانت"القاعدة"دبرته في مضيق جبل طارق في حزيران يونيو 2003. وأضاف ان الولاياتالمتحدة تعمل مع شركائها وحلفائها في شمال افريقيا"من أجل الحؤول دون انتشار هذا النوع المهدد للأمن"، في اشارة الى منطقة الساحل جنوب الصحراء. وأكد ان واشنطن منشغلة بقدرة الجماعات المتشددة على التحرك في منطقة الصحراء. كما اعلن ان المناورات العسكرية البحرية التي اجرتها واشنطن مع دول جنوب البحر المتوسط"تعبر عن الانشغال بالتهديدات التي تحدق بمنطقة الشمال الافريقي"، موضحاً انها تخص الارهاب وانتشار اسلحة الدمار الشامل وتهريب المخدرات و"يبقى من الضروري على هذه الدول ان تعمل على تحسين القدرة في التواصل والعمل المشترك". واعتبر دور المغرب بهذا الصدد بالغ الأهمية"لأنه أقرب صديق الى الولاياتالمتحدة الأميركية. وهو واحد من بين حلفاء الناتو ويتوافر على قوات مسلحة لها وزنها، إضافة الى قربه من مضيق جبل طارق". وقال ان هناك محادثات دورية بين المغرب واميركا لتطوير التعاون العسكري الثنائي، مشيراً الى ان القيادة الأوروبية - الأميركية العسكرية في"الناتو"ستعمل على عقد اجتماع في الشهور القليلة المقبلة مع نظيراتها في القوات المسلحة المغربية للبحث في التعاون في الحرب على الارهاب وعمليات حفظ السلام. وشارك في المحادثات المغربية - الاميركية اعضاء الوفد الأميركي وضم بيتر رودمان نائب وزير الدفاع المكلف السياسة الخارجية، وجيمس تساف رديس المستشار العسكري في وزارة الدفاع، والسفير الاميركي في الرباط شومان رايلي، ومن الجانب المغربي وزير الخارجية محمد بن عيسى والوزير المنتدب المكلف إدارة الدفاع الوطني عبدالرحمن السباعي والمنسق العام للقوات المغربية الجنرال عبدالعزيز بناني. وأجرى العاهل المغربي الملك محمد السادس بعد ذلك محادثات مع وزير الخارجية البريطاني جاك سترو بحضور بيتر غودرام مدير شؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وبيتر هايس السكرتير الخاص لجاك سترو. وكذلك الوزير المغربي المنتدب في الخارجية الطيب الفاسي الفهري. وذكرت المصادر ان المحادثات عرضت الى الحرب على الارهاب وأزمة الشرق الأوسط والوضع الاقليمي في الشمال الافريقي، وتعتبر هذه أول زيارة لرئيس الديبلوماسية البريطانية الى المغرب منذ 23 سنة، بيد ان تزامنها وتفكيك السلطات المغربية خلايا تابعة لتنظيم"القاعدة"يدفع الى الاعتقاد بأهمية التنسيق المغربي - البريطاني في الحرب على الارهاب. لكن بريطانيا على رغم طلب السلطات المغربية تسليم مطلوبين كانت تتذرع بعدم وجود اتفاقات لتسليم المطلوبين، وإن كان القضاء المغربي دان رعايا يقيمون في بريطانيا وطلب الى السلطات في لندن تسليمهم. وكان لافتاً ان التحريات حول الشبكات الأخيرة التي ارتبط نشاطها بمنطقة الساحل والصحراء عرضت الى تورط رعايا مغاربة كانوا يقيمون في بريطانيا. ولا يعرف ان كانت الزيارة ستتوج بإبرام اتفاق بهذا الشأن أم ان ذلك سيبقى متروكاً لاتصالات بين وزيري العدل في البلدين. وبارتباط مع موضوع الحرب على الارهاب، نفت مصادر رسمية في الرباط وجود اي معتقل سري أو عادي تحت تصرف الاستخبارات الاميركية. وقال مسؤول مغربي رفيع المستوى ل"الحياة"امس"لا وجود لأي سجن سري في المغرب تحت وصاية أي إدارة اميركية أو غيرها، ولا يوجد سجن في هذا النطاق غير السجون الواقعة تحت نفوذ القضاء"، كما ان المغرب لم يتسلم من السلطات الاميركية اي معتقل من غوانتانامو غير حاملي الجنسية المغربية، في اشارة الى ثلاثة معتقلين سلموا الاسبوع الماضي وخمسة آخرين العام الماضي. واعتبر المسؤول المغربي ان تردد أنباء بهذا الصدد"يراد من ورائه التشكيك في التوجه الرامي الى تحسين سجل البلاد في احترام حقوق الانسان"، مؤكداً ان هذا الخيار لا رجعة فيه. واوضح ان مركز تمارة الذي جرى الحديث عنه"تابع للاستخبارات المدنية مثل اي جهاز في أي دولة له مقر وموظفون".