سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المواجهة مع "العدل والإحسان" إلى الذروة ... وانتخابات نيابية مثيرة للجدل . المغرب : تفكيك عشرات "الخلايا الإرهابية" واقتراح الحكم الذاتي لتسوية نزاع الصحراء
في العام الأول بعد العقد الثالث في نزاع الصحراء، اكتسى الرهان على حله سلمياً طابعاً محلياً. وشكلت زيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس المحافظات الصحراوية في آذار مارس 2006 تحولاً في التعاطي مع الأزمة. وبعدما كانت حكومة الرباط تدير النزاع ديبلوماسياً وفق قاعدة"القضية الوطنية الأولى"، أسندت إلى"المجلس الاستشاري الصحراوي"الذي أعلنت إعادة تفعيله واختيار أعضائه من أعضاء المجالس المنتخبة والزعامات القبلية وناشطي المجتمع المدني، مهمة درس الخطوط العريضة لاقتراح منح إقليم الصحراء حكماً ذاتياً موسعاً في إطار السيادة المغربية، في محاولة لتجاوز خطة المبعوث الدولي السابق جيمس بيكر للاستفتاء التي تصر الجزائر عليها. ويمكن اعتبار العام المنتهي بداية تحول في مسار البحث عن تسوية للنزاع الصحراوي. وكان يفترض أن يعرض المغرب على مجلس الأمن اقتراح الحكم الذاتي، لولا أن طلب المجلس الصحراوي مزيداً من الوقت تزامن ونهاية ولاية الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الذي غادر المنظمة الدولية مثل سابقيه من دون إحراز تقدم كاف في النزاع الصحراوي. غير أنه استطاع أن ينزع فتيل الانفجار في مرات عدة، إذ شهد العام المنقضي تطوراً عسكرياً كاد يهدد بانفلات الوضع ومعاودة الحرب، حين أصرت جبهة"بوليساريو"الانفصالية على أن ترتدي احتفالاتها بتأسيس"الجمهورية الصحراوية"في كانون الثاني يناير طابعاً عسكرياً في تيفاريتي الموجودة في المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني الذي أقامته القوات المغربية على امتداد آلاف الكيلومترات حول المدن الآهلة في الصحراء. واكتفت الرباط بإشعار مجلس الأمن بخطورة الحدث، كون الاتفاق المبرم بين الطرفين لوقف النار في عام 1991 يقضي بترك المنطقة العازلة خالية من أي وجود مدني أو عسكري لكلا الطرفين، ما دفع أنان إلى التحرك وحض طرفي النزاع على عدم إضاعة الفرصة الأخيرة والبدء في مفاوضات مباشرة. إلا أن العام انتهى من دون الشروع في المفاوضات، وبقي النزاع معلقاً في انتظار ما قد يحمله العام 2007 من مفاجآت مع عرض الاقتراح المغربي وحلحلة الموقف. لكن ذلك لم يحل دون تدخل أطراف غربية متنفذة على علاقة وبلدان شمال افريقيا من أجل تحقيق الانفراج، كما في حال تحركات مدريدوباريس الأقرب إلى تفهم خلفيات الملف الصحراوي، أكان ذلك في نطاق المحادثات التي أجراها الوسيط الدولي بيتر فان فالسوم أو عبر اتصالات مباشرة في المغرب والجزائر المتباعدتين. ولم تعرف العلاقة المتوترة أساساً بين المغرب والجزائر أي انفراج خلال العام. وعلى رغم تبادل الزيارات بين رجال الأعمال في البلدين لإبعاد الخلافات السياسية عن أرضية العلاقات الاقتصادية، فإن استمرار إغلاق الحدود البرية دخل عاماً جديداً من دون أن يلوح في الأفق ما يشير إلى قرب الانفراج السياسي، خصوصاً في ضوء مواصلة المواجهات الديبلوماسية بين البلدين الجارين في الأممالمتحدة وفي الساحة الافريقية بسبب تباين موقفهما من قضية الصحراء. وعلى رغم محاولات بعض العواصم المغاربية معاودة تفعيل الاتحاد المغاربي المتعثر منذ أكثر من عشر سنوات، فإن العام الماضي لم يشهد مساع للبحث في عقد القمة المغاربية المؤجلة منذ العام 2005. وغابت الجزائر عن المؤتمر الأوروبي - الأفريقي الأول حول الهجرة غير الشرعية الذي استضافته الرباط في تموز يوليو الماضي، نتيجة خلافات البلدين حول المسؤولية عن تشجيع الهجرة التي برزت في خريف 2005، على خلفية محاولات مهاجرين يتحدرون من اصول افريقية اقتحام جدار الأسلاك الشائكة التي تسيج مداخل المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية شمال المغرب. غير أن إعادة طرح ملف الصحراء أمام اللجنة الرابعة والجمعية العامة للأمم المتحدة أثارت خلافات عميقة بين البلدين. ففي حين اعتبرت الجزائر التصويت على قرار تقدمت به بنحو 70 صوتاً يتماشى والعودة إلى خطة الاستفتاء، رأى المغرب أن امتناع أكثر من 130 دولة عن التصويت يدعم اقتراح الحكم الذاتي. لكن خلافات البلدين تجاوزت ملف الصحراء لتمتد إلى جدل حول الأهلية التاريخية لاستضافة أنصار الطريقة الصوفية التيجانية المنتشرة في السنغال ومالي والنيجر والسودان. وبدا للمرة الأولى أن المكونات التاريخية والثقافية للبلدين تأثرت بخلافاتهما السياسية، فيما ذهبت أوساط إلى اعتبار الموقف رداً على بروز محور جديد في السياسة الافريقية للمغرب يمتد من طنجة إلى نيجيريا مروراً بموريتانيا والسنغال في نطاق مشروع اقتصادي للربط بين أفريقيا وأوروبا. وكان 2006 عام تفكيك أكبر عدد من الخلايا الإرهابية بعد مرور ثلاث سنوات على الهجمات الانتحارية في الدار البيضاء. وفي حين كانت غالبية المتورطين في تلك الهجمات مغاربة لهم ارتباطات محدودة بتنظيمات خارجية، لفتت التحقيقات في تفكيك الخلايا الجديدة إلى وجود خيوط متشابكة مع تنظيمات"الجماعة الإسلامية المقاتلة"و"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"وارتباطات باستقطاب المتطوعين إلى جانب المقاومة العراقية. وكشفت تحقيقات في ملفات"خلية الساحل والصحراء"عن تلقي عناصرها تدريبات على استخدام الأسلحة في معسكرات معزولة جنوب الصحراء، فيما ذهبت خلية"أنصار المهدي"إلى تشكيل جناح عسكري ضم بضعة جنود من رتب متدنية والتخطيط لهجمات ضد إحدى الثكنات العسكرية ومنشآت مدنية. وأماطت أجهزة الأمن اللثام عن ارتباطات خارجية في ملف حزب"التوحيد والجهاد". وعاود معتقلون مغاربة سابقون في غوانتانامو كانت السلطات الأميركية سلمتهم إلى الرباط اتصالات مع ناشطين لتشكيل تنظيم متطرف في منطقة شمال أفريقيا على غرار"القاعدة في بلاد الرافدين". ولفت استقطاب المغرب عناصر ترغب في الانضمام إلى المقاومة العراقية إلى شبكات لها امتدادات في بلدان أوروبية ومغاربية، ما أدى إلى تفكيك السلطات الاسبانية خلية تعمل في مدينة سبتةالمحتلة، فيما عرضت أوساط اسبانية الى اعتقال القوات الاميركية في العراق نحو مئة متشدد يتحدرون من أصول مغاربية خلال العامين الأخيرين كانوا يعتزمون تنفيذ هجمات انتحارية، ما يرجح استمرار التنسيق الاستخباراتي بين المغرب والولايات المتحدة وعواصم أوروبية في نطاق الحرب على الارهاب، خصوصاً في ضوء كشف عملاء مغاربة تسللوا الى تنظيمات متطرفة ونقلوا معلومات حول تحركاتها ومخططاتها وطرق عملها. وارتدى التنسيق بعداً عسكرياً من خلال تنظيم مزيد من المناورات المشتركة مع قوات حلف شمال الأطلسي على سواحل مغربية، في إطار اختيار الرباط حليفاً من خارج بلدان الناتو. وتحدثت تقارير عن توجه مغربي لتجديد الترسانة العسكرية، خصوصاً سلاح الطيران، وإبرام اتفاقات في هذا الصدد مع كل من باريسومدريد. وشابت انتخابات ثلث أعضاء مجلس المستشارين، الغرفة الثانية في البرلمان، خروقات وتجاوزات، أدت للمرة الأولى إلى منع تسعة مستشارين من حضور الجلسة الافتتاحية للبرلمان في تشرين الأول اكتوبر بقرار قضائي. وصدرت أحكام ضد المتورطين منهم في استخدام أموال للتأثير في الناخبين، بمنعهم من الترشح لأكثر من ولاية تشريعية. غير أن الجدل حول القضية وصل إلى حد المطالبة بإعادة الانتخابات. وتأثر الائتلاف الحكومي بهذه القضية، خصوصاً أن وزير العدل محمد بوزوبع الذي حرك الاتهامات ضد المستشارين ينتمي إلى حزب"الاتحاد الاشتراكي"العضو في التحالف. ولم يلبث أن ثار جدل آخر حول القوانين المنظمة للانتخابات البرلمانية المهمة التي يشهدها المغرب العام 2007. ورأى بعض أحزاب المعارضة وفصائل يسارية صغيرة فيها نوعاً من الإقصاء، خصوصاً أنها تشترط حصول الأحزاب على نسبة معينة من الأصوات في الانتخابات الأخيرة حتى تتمكن من طرح مرشحين في الانتخابات المقبلة. لكن الحكومة أصرت على أن هدفها هو صون الحياة السياسية من الانقسامات، نظراً إلى خوض أكثر من 30 حزباً الاستحقاق التشريعي. واعتبر الاحتفاظ بنمط الاقتراع بالقوائم ترجيحاً لكفة الأحزاب الكبيرة. ولفتت مصادر إلى أن إقرار تلك القوانين المتشددة يهدف إلى رسم خريطة سياسية ذات أقطاب محددة موزعة بين الموالاة والمعارضة، احزاب الوسط. إلا ان الصراع بين أحزاب الائتلاف الحكومي والتيارات الاسلامية سيرجح أن يهيمن على انتخابات 2007. وكشفت استطلاعات رأي زيادة حظوظ"العدالة والتنمية". لكن الحزب الاسلامي قلل بدوره من صدقيتها من دون استبعاد تصدر الحزب وضعاً متقدماً في الاستحقاق. ويُتوقع أن يحتدم السباق على رئاسة الوزراء قبل الانتخابات التشريعية في ضوء تزايد التكهنات حول إسناد المنصب لشخصية حزبية. لكن رئيس الوزراء التكنوقراطي إدريس جطو استبق النتائج وراهن على استمرار الائتلاف الحكومي الراهن، أقله لجهة البرامج والخيارات، وإن اختلفت الاسماء. ووصلت المواجهة بين السلطات وجماعة"العدل والاحسان"المحظورة التي يتزعمها عبدالسلام ياسين ذروتها، بعدما بشرت الجماعة ب"رؤيا"مفادها انفلات الأوضاع في البلاد التي قالت إنها ستشهد أحداثاً على قدر كبير من الأهمية. وفي وقت تحرك مناصرو الجماعة وقياديوها لعقد مزيد من الاجتماعات واللقاءات ضمن ما يعرف ب"مجالس النصحية"في المنازل والمتاجر، شنت السلطات حملات اعتقال واسعة النطاق بسبب ما اعتبرته"انتهاكاً للقوانين"التي تفرض الحصول على ترخيص لتنظيم أنشطة سياسية واجتماعية. لكنها اكتفت بتحريات احترازية أطلقت بعدها سراح مئات من أعضاء"العدل والإحسان"وأحالت قياديين على القضاء، وأرجأت محاكمة نادية ياسين نجلة زعيم الجماعة التي وجهت إليها اتهامات بالتشكيك في النظام بسبب تصريحات قالت فيها إن النظام الملكي"ليس صالحاً لحكم البلاد". وكان لافتاً أن"العدل والاحسان"أبدت نوعاً من الاستعداد لحوار مشروط.